الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
قراءة لغويّة عجلى في كتاب بسمة لوزيّة تتوهّج لـ آمال عوّاد رضوان/ بقلم الياس عطالله
قراءة لغويّة عجلى في كتاب بسمة لوزيّة تتوهّج لـ آمال عوّاد رضوان/ بقلم الياس عطالله

- صوت شابّ مميّز، له مذاقه الحصريّ في زمن صار الشعر فيه مسلّعا يباع في سوق الكساد( ومعذرة من المتنبي الكبير). لن ألجأ إلى ذكر الجندر في حديثي، فالإبداع إبداع، وليكن الفاعل ما شاء، ومن الإهانة أن يتناول " الديوان" تحت عباءة الأدب النسائيّ.

- تقنيّات عاجلة: غياب مكان الصدور ودار النشر.

- ارتأت الشاعرة أن تركب مركبا وعرا، حين اختارت أن تضبط كلمات شعرها بالشكل صرفا ونحوا، وهذا الخيار قد يكون منزلقا، لا لأنّ الشاعرة لا تجيد العربيّة وقواعدها، بل لأنّ جرائم الطباعة لا تغتفر، وفي الكتاب عشرات الشواهد، آمل أن تمّحي في الإصدار الآتي.

- لغة الشاعرة خروج عن المألوف وعن أقيسة العربيّة كما يقول الكلاسيكيّون، خروج لم يوجعني... بل انضاف إلى جملة الإبداعات الموظّفة لخدمة النصّ، ولا يعني قبولي أنّها لن تجبه اعتراضا من هذا الدارس أو ذاك، ولكنّ الخروج عن المألوف هو الإبداع مجسّدا، وماذا أريد من نصّ يأتيني بالمألوف؟ وكيف يوسم الإبداع إن لم يكن اختراقا لوصمة المألوف المستكان إليه؟

ومنه:

إضافة كما إلى ياء المتكلّم: كمايَ( ص 14)، وإن كان عبيدُ النحو المدرسيّ سينتفضون غضبا لهذا المروق اللغويّ، فإن العارفين بالعربيّة وأسرارها سيجدون للكاتبة شفيعا في استعمال الكلاسيكيين لـ " لولاي/ لولاه...) بدلا من لولا أنا ولولا هو، فنحوهم يقرّر أنّ الاسم بعد لولا مبتدأ، وضمائر الجرّ والنصب لا تأتي مبتدآت، ولم يعدم " فحول" النحو تخريجا للأمر، بل إنّ بعضهم جعل لولا حرف جرّ في مثل هذا الأسلوب. تعدية اللازم، وقد تشفع لها قضيّة التضمين الشرعيّة والمشرعنة، أو حذف الخافض( يتناثرها ص-25- 320) بدلالة يبعثرها، تُهويني ( ص 69) بدلا من تهوي بي. أل الموصولة اللاصقة تصديرا بالأفعال، جميلة محبّبة، وهي ليست شأنَ أو إبداع مدرسة شعر اللبنانيّة، هي من صميم فصحى العربيّة( ص ص 18- 69- 72).

- أفرد لأفعال سادت النصوص فقرة خاصّة وإن اندرجت مع الفقرة السابقة في الخروج عن أقيسة العربيّة، إذ سحبت الشاعرة قاعدة محصورة نحوا في أفعال القلوب على كلّ فعل عربيّ، وكأنّي بها بمشيئة النصّ العابق بالحبّ والوجع ترى أفعال العربيّة كلّها تفيض أو تنحسر حبّا، أو كأنّ الحبّ يقتات على توزّع بين الشكّ واليقين، ولذا لمّا جاز أن أقول رأيتني وحسبتني وخلتني وظننتني دون إغضاب للخليل أو سيبويه، وجدنا الشاعرة تسحب هذا الجواز على كلّ فعل، فالأفعال عندها مشتقّة من الحبّ وحالاته وتحليقه أو انسحاقاته، وعليه تكتب: أأسكبني وألملمني ( ص 17) لتصوّر ذوب الحبّ والعطاء إلى درجة تشارف الفناء الصوفيّ، وتضيف وهي في حالة الحب الذي يصوغ كينونة أو يمحوها: ملكتُني، خسرتُني( ص 21)، ولأنّها لم تقوَ على حسم أمورها بعدُ، ولأنّها موزّعة بين أمرين كلاهما شهد أو علقم، تقول: كيف آمرني أن أغادرك( ص 22)، و: أنّى لي أبتُرني من إدمانك( ص 67)، وقبل أن تغلق كتاب الحبّ وبين " أجيج الأنفاس وسكرة الحضور" لا تجد إلا: أتنهّدُني... أعزفني ( ص 74) وهل التنهيدة وليدة فرح أو ألم؟ وهل تعزف ذاتها لحنا ملائكيّا أو عزيفا جنّيّا؟ أترك لها ولحسّ القارئ الإجابة.

- فوجئت، لرقة الإضمامة بما فيها، ببعض حوشيّ الكلام الذي لا يعرفه إلا المختصّون، ومن هذا قولها: تثِجني هالاتها البريّة( ص 36)، ها أنت بقسوتك البادحةِ( ص 68).