الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
نحن والأخر بين كتابة التاريخ وقراءة الواقع/الأسير المحرر إياد أبو حسنة
نحن والأخر بين كتابة التاريخ وقراءة الواقع/الأسير المحرر إياد أبو حسنة

أنصفنا التاريخ في جاهليتنا وإسلامنا , كبدو وحضر بما زهونا به على الأمم وما زلنا ففي جاهليتنا كنا بذرة صالحة لكل خير , تمتعنا بمعدن أصيل تجلت فيه ملاحم شجاعة عنترة وكرم حاتم وحمية عمرو في وقت كانت الأمم ورثه الرسالات تتخذ الضلال ولؤم الطبع سبيلا , نعم كان لذهبنا ما يشوبه ولكنه في النهاية ذهب ما أن صهر في بوتقة الإسلام حتى أنتج خير حضارة للعرب والبشرية أضاءت الكون بعد انطلاقها في زمن قياسي ,كانوا قريبين للفطرة فما كاد الوحي يلامس أثيرهم حتى أثر فيهم فحملوه إلى الدنيا ممتثلين ومتمثلين ,عظمنا ربنا وأكبرنا رسوله فعظمنا وكبرنا بإيماننا .... كل هذه حقائق لا تنكر ولكن الغريب أن تتوج هذه المقدمات بما نشهد من نتائج .....
هم شذاذ الآفاق قتلة الأنبياء احرص الناس على حياة ارتبط اسمهم بكل رذيلة حتى صاروا مضرب المثل في الخسة لدى كل الثقافات وصولا إلى الأدب الأوربي (شكسبير) مم دفع بعض مفكريهم وأدبائهم (أ.ب يهوشوع )  للتساؤل مستنكرا (..لا بد أن نراجع أنفسنا فلا يعقل أن نكون منبوذين في التاريخ القديم والحديث ونعزو كل السبب إلى الطرف الاخر , ثمة عامل ذاتي مارسناه أو هو في تركيبتنا ساهم فيما أصابنا من ظلم ) مما أثار حفيظة الكثير من مفكريهم وكتابهم فرد عليه أحدهم (وكأنك تتهم الفتاة المتبرجة عندما اغتصبت ) فراح يهو شوع يبرر مثيرا تساؤلات تاريخية متناولا الجيتو ماراً بالهلوكوست منتهيا باستطلاعات الرأي الأوربية والتي ترى حديثا في إسرائيل كيانا خطيرا على العالم بل وعلى أوروبا ذاتها .......
وعزاؤهم في ظل هذا المحيط العدائي وثقافة (الأغيار ) أنهم (أذكى شعب) ويدعمون ذلك بإحصاءات لعلمائهم من نيوتن لإديسون  لأينشتاين والجوائز الدولية في نوبل وغيرها وبراءات الاختراع التي يسجلونها كل عام بما يفوق العالم العربي والإسلامي بمراحل .........وما أثمره ذلك من دولة حديثة قوية عسكريا واقتصاديا .
ومرةً أخرى كيف أدت تلك المقدمات لهكذا نتائج
بعبارة بسيطة ثمة الكثير من العوامل الذاتية والموضوعية لدى كلا الطرفين أودت بنا لهذا التناسب العكسي
ولسنا هنا بصدد سرد أو عرض الأسباب التي أشبعت دراسة وتفنيدا .............
لكن الواقع يقول إنه رغم تدنينا إلا أننا لسنا أسوأ منهم خلقً ,ففي ثقافتهم لا مكان للتسامح ولا للحلم أو التضحية ولا للزهد في الدنيا فهم أحرص الناس على حياة ,ولا التكافل فمجتمعهم متصارع ما بين شرقي وغربي ومتدين وعلماني,وروسي ,ومغربي وحتى في داخل كل فئة تنخر التناقضات ,بل وحتى كل شخص يتعامل بعدوانية وندية مع المحيط تساوقً مع الفلسفة التي تقول בן אדם זאב בטאבו (الإنسان ذئب بطبعه ) , وبناءً عليه ففي ثقافتهم إذا كان بمستطاعك أن تعربد ولم تفعل , أن تسرق أن تنتقم أن تحتال بعيداً عن طائلة القانون ولم تفعل فأنت (فراير) بمعنى (عبيط) .....
غريب كل هذا فيهم وهي بذور فناء للأمم إلا أنهم يواصلون في مرحلة العلو والنفير والإستكبار .
لعل الفارق بيننا وبينهم أنهم إستفادوا مما وصلت إليه الأمم الأخرى من آليات وخبرات ونظم إذ بدأوا من حيث إنتهى العالم فيما نصر أن نبدأ من البداية منتظرين حتى يظهر فينا عمر ليقوم العدل بينما هم يبنون المؤسسة التي تكون أكثر عدلا أو إن شئتم أقل ظلما فلديهم مبدأ تداول السلطة والمشاركة في الحكم وقبول الاخر بما تمليه عليهم المؤسسة رغم أنهم وللآن رغم أنهم بلا دستور إلا أنهم بنوا دولة على تعدد حقيقي وفصل للسلطات فسيف الانتخاب مسلط على رقبة أي حكومة حتى قال فيهن المستشار الأمريكي الأسبق للأمن القومي (هنري كسنجر)"إسرائيل الدولة الوحيدة التي ليس لديها سياسة خارجية بل سياستهم داخلية" ولذلك فالكثير من حروبهم وخطواتهم الإستراتيجية منبعها المصلحة العليا للدولة وإنما جاء التوقيت لخدمة مصلحة الحكومة ورئيسها للبقاء في السلطة بعد الحصول على ثقة الناخب .....نظامهم ليس الأمثل فهو على الدوام قابل للتغيير والتطوير ولا يخلو من العيوب إلا أنه أثبت جدارة أثبت جدارة وقدرة على القيام والإستمرار فلديهم تعدد حزبي وتنافس لكسب ثقة الجمهور وصولاً إلى عضوية الكنيست (البرلمان) وذلك كل أربع سنوات لتجديد ثقة الشعب ومن ثم تكلف الكنيست رئيس الوزراء ليشكل الحكومة وبعد التشكيل لا تتوقف رقابة الكنيست على الحزب الحاكم والحكومة بتنافسية وندية وصولا ًللقدرة على إسقاط الحكومة في حال لم تحرز ثقتها .
ومن جهة أخرى هناك السلطة القضائية ممثلةً في محمكة العدل العليا والتي تتابع شكاوى المواطنين ولو لمحاسبة المواطن رقم 1 الرئيس وهناك مراقب الدولة الذي يصدر تقريرا سنويا يتابع فيه الجميع وعلى المنتقد التفسير والتبرير وإلا وقع فريسة المحاسبة فل الكل تحت طائلة القانون إضافة إلا كل ذلك لدينا الصحافة التي كانت سببا في إثارة قضايا أقالت وأدت إلى إستقالة رؤساء ككتساف ورؤساء وزراء كرابين في السبيعينات كما فتحت بسببها ملفات فساد عديدة .
من الجيد أن يكون ضمير الإنسان قائده فيحاسب نفسه لكن ذلك لا يكفي لأن تدار الدول وتسير الحكومات بل ولا يصح قانوناً أو عرفاً فالضمير والأخلاق تتفاوت التزاماً بل وحتى تعريفاً من شخص لأخر ومن مسئول لمسئول مما يعني أن الدولة يجب ان تبنى على أساس الشفافية والمحاسبة ولا مركزية السلطات كما في النظم الشمولية ,فالدولة دولة مؤسسات تقوم بقيامها لا أفراد تتشكل وفقهم فالحكم المطلق فساد مطلق وإن أحرز إصلاحاًً مؤقتاً  فالحكومات التي تقوم على أشخاص تنهار في غيابهم ..........قد نجامل أنفسنا فنقول نحن مسلمون أو حكومتنا إسلامية تمثل الإسلام منهاجاً ونظاما لكن هذا الكلام في حاجة لإثبات على أرض الواقع فنحن نحاول تمثيل الإسلام قد ننجح أو نفشل وفشلنا لا يعني فشل الدين الذي قام ويقوم بنا وبغيرنا فعلينا تقبل الأخر والتعاون معه لما فيه خير الوطن والمواطن , فيجب أن نكون خدما ً للدين لا أن نستغله لخدمة أهدافنا ومصالحنا وأهوائنا وكأن المسؤولية كهنوت لا يفقه أسراره إلا حضرة جنابنا ولا تليق إلا بذواتنا ....
إذا استمرت وحدانية القطب أنا أو الطوفان فلا فرق بين ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا لأننا سنظل نعيش الثورة باسم الثورة ولا صوت يعلو فوق صوت الثورة لنلعن العهد البائد الذي امتدحناه وكنا نتقرب إليه زلفى عوضا عن كوننا إحدى أدواته التي ساعدت على بقائه ثم أسهمت في إفنائه ......هذا ما كان في الماضي القريب فالناصرية والقومية إجتاحت عالمنا أيام عبدالناصر وأين عبدالناصر اليوم ؟ وشهدت فترة السبعينات والثمانينات ذروة وعزاً (لأبو عمار) وأين هو اليوم من قيادات السلطة بل وعناصرها وفي التسعينات والألفين كانت حماس .......
والبقية تأتي......................
أما في إسرائيل فللأسف بعكسنا تماما ً فالرؤساء والوزراء هم أكثر الناس إنتقادا ًلديهم بل وتجريحا ً في حياتهم فيما نجدهم يطرون على قياداتهم ومؤسسيهم نكاية ً في الحاكمين اليوم يزينون بهم عملتهم ويذكرون الجيل المؤسس ..هرتزل وايزمان بن جوريون رابين جلدامئير وشارون كزعماء لأنهم صنعوا تاريخاً لأمتهم
تسمو الأمم عندما تقدس مبادئها ونظمها وأهدافها لا أن تصنم شخصيات وأحزاب .