الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
تعزية ومواساة بفقدان المناضل الوطني الكبير الأستاذ فريد أبو وردة
تعزية ومواساة بفقدان المناضل الوطني الكبير الأستاذ فريد أبو وردة

تعزية ومواساة

كُل نَفْس ذَائِقَة الْمَوْت وَإِنَّمَا تُوَفَّوْن أُجُوْرَكُم يَوْم الْقِيَامَة
                                                                   صَدَق الْلَّه الْعَظِيْم
يتقدم ناهـض زقوت مدير عام المركز القومي للدراسات والتوثيق بغزة، ومنسق عام شبكة شباب فلسطين الثقافية بالتعزية إلى الأخ أحمد أبو وردة عضو الشبكة بوفاة عمه، والى عموم آل أبو وردة بفقيدهم المناضل الوطني الكبير
الأستاذ فريد أبو وردة
سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان
إنا لله وإنا إليه راجعون

 

الأستاذ الكبير فريد أبو وردة ـ سيرة ذاتية

ولد الأستاذ الكبير فريد أبو وردة في قرية النزلة (شمال غزة) عام 1921 (ينتمي إلى عائلة كبيرة من عائلات قرية النزلة؛ والده الشيخ أحمد محمد أبو وردة خريج الأزهر بمصر، و(كان مختار القرية)، تعلم الأستاذ فريد في مدرسة القرية حتى الصف الثالث الابتدائي، وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية بالمدرسة الرشيدية في مدينة غزة، وقد أنهى فيها الصف الثاني الثانوي عام 1939 ونظراً لظروف الحرب العالمية الثانية فقد اضطر لإكمال دراسته في مصر. تقدم في مصر لامتحان معادلة التوجيهية فنجح، وقد مكنه هذا النجاح من الالتحاق بكلية الآداب- قسم اللغة العربية ( جامعة فؤاد الأول- القاهرة حالياً) عام 1941، وتخرج فيها عام 1945. وقد حصل فيها على درجة الليسانس في الآداب بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى، وبذلك منح جائزة الدكتور طه حسين، وهي الجائزة المخصصة في مصر للطالب الأول المتفوق في كلية الآداب- قسم اللغة العربية كل عام.
عين في عام 1945 مدرساً في كلية الثقافة بيافا، ثم في المدرسة العامرية الثانوية في يافا خلال الأعوام (1946– 1948)، حيث علّم تلاميذ المرحلة الثانوية المتقدمين لامتحان (المترك) الفلسطيني، وكان من تلاميذه: (فاروق القدومي، وشفيق الحوت، وإبراهيم أبو لغد،...)، وعندما وقعت نكبة عام 1948 عاد إلى قطاع غزة، وساهم عام 1949 في تأسيس مدارس اللاجئين ومنها مدرسة جباليا الإعدادية (برعاية منظمة Quakers الأمريكية) والحكومة المصرية.
في مطلع عام 1950 سافر إلى العراق، وعُيّن في مدينة الكوت مدرساً للغة العربية في مدرستها الثانوية للبنين، ثم في مدرستها الثانوية للبنات. وفي عام 1953 زار الملك فيصل الثاني مدينة الكوت، ومدرستها الثانوية للبنات، وكان معه الوصي على العرش عبد الإله، ورئيس الوزراء وعدد من الوزراء، وذلك تمهيداً لاعتلائه العرش، وقد زار الملك فيصل الثاني الأستاذ فريد وهو يدرس النحو لطالبات السنة الخامسة الثانوية في المدرسة، ودام مكثه وهو يستمع في الصف ويرى نشاط الطالبات وتفاعلهن وجودة القيادة وتنظيم عملية التعلم مدة خمسين دقيقة... فأعجب إعجاباً شديداً، وشكر للأستاذ فريد قدرته الفائقة وتمنى للطالبات التفوق...
عاد إلى غزة في عام 1954، وعين ناظراً في مدرسة الشجاعية الإعدادية للاجئين، ثم ترقى إلى مراقب في إدارة التعليم في وكالة الغوث للاجئين الفلسطينيين عام 1955 وفي عام 1956 إلى كبير المراقبين، ثم نائباً للمشرف على مدارس اللاجئين (مدير التعليم) عام 1958.
كان للأستاذ فريد أبو وردة ميول سياسية يسارية، وأعمال وطنية، واستعداد للبذل والتضحية وقدرة على الصبر والاحتمال والمثابرة، وكان رائداً في هذا الدور في واجهة العمل الفلسطيني ضد مشروع توطين اللاجئين في سيناء المصرية في مارس 1955 وشارك في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي عام 1956 فكان في قيادة جبهة المقاومة الشعبية، وبعد الجلاء عام 1957 ظل يناضل ضد تدويل القطاع، ومن أجل عودة الإدارة المصرية، والحفاظ على عروبة القطاع.
في عام 1959 اعتقلته الإدارة المصرية الحاكمة لقطاع غزة، وسجن في الواحات الخارجة بمصر، وأمضى فيها سنتين وشهراً، وعاش تجربة مريرة، وعانى ما عاناه رفاقه (معين بسيسو، خليل عويضة، سمير البرقوني، عبد الرحمن عوض الله ...) في المعتقلات المصرية. وبعد خروجه من المعتفل عام 1961 أعاده الحاكم العام المصري الفريق أول (يوسف العجرودي) إلى عمله في وكالة الغوث عام 1962. وفي أواخر عام 1969 نفته قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى سيناء المصرية مدة ستة أشهر.
شارك الأستاذ فريد مشاركة رائدة وإبداعية في تدريب المعلمين والنظار، في عام 1949 شارك في أول دورة لتدريب المعلمين والمعلمات (في مدارس الحكومة، ومدارس اللاجئين) ومنذ عام 1954 كان فعالاً في كل الدورات التربوية للمعلمين والنظار.
وقد كان مشرفاً ومسئولاً عن أول دورة تربوية للنظار (نظمها معهد التربية) وكان يشارك في زيارات المعلمين التوجيهية في أثناء التحاقهم بدورات تربوية، كما يشارك في زياراتهم العملية التقويمية النهائية.
وقد حرص على المشاركة الحقيقية في متابعة جميع النظار في زياراتهم الميدانية التقويمية النهائية، ولقد كان في كل ذلك حافزاً وموجهاً ومقوّماً، ومعيناً وقدوة للمراقبين والموجهين. وفي مطلع السبعينيات من القرن العشرين اختير عضواً في مجلس التعليم العالي الفلسطيني، وعضواً في الملتقى الفكري العربي في القدس.
أُحيل إلى التقاعد في عام 1983 بعد أن جُدد له مدة سنتين تقديراً لنشاطه وخبرته، وغني عن البيان أن ما حظي به من قدرات ومزايا ودينامية، لم يكن ناتجاً عن صدفة ما أو ثمرة حظ أصابه، وإنما هو ناتج عن ثمرة فهم سليم لموجبات وشروط وعوامل النجاح، وحسن تصميم للأداء وتنظيم إدارة، إلى جانب امتلاكه قدرة ريادية مستنيرة، فالنجاح إذن كان نتيجة جهد متواصل وعمل دؤوب دون خلود إلى راحة وسكون، فكرّس جل وقته للكتابة ومن ضمنها كتابة الشعر بأنواعه، وكتب مئات القصائد، والقصص القصيرة وكلها (مخطوطة).