الأربعاء 15/10/1445 هـ الموافق 24/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
من أسرع باكتساب لغة ثانية أنت أم طفلك؟
من أسرع باكتساب لغة ثانية أنت أم طفلك؟

 لا شك بأن تعلم واكتساب لغة ثانية بالإضافة إلى اللغة الأم أصبح ضرورة ملحة في هذه الأيام، وفي هذا المجال يتم طرح التساؤل التالي: هل يؤثر العمر على عملية تعلم لغة ثانية؟ وهل هناك مراحل عمرية معينة يكون فيها المتعلم متفوقاً أكثر ما يمكن وقادراً على تحقيق أفضل النتائج مقارنة مع المراحل العمرية الأخرى؟

هناك اعتقاد قائل بأن اكتساب وتعلم لغة ثانية غير اللغة الأم سيكون متأثراً "بعامل العمر" أي متى بدأت عملية تعلم هذه اللغة. وذلك بسبب الطريقة التي يتقاطع فيها "عامل العمر" مع مجموعة المتغيرات الاجتماعية والثقافية، موضحاً بذلك علاقته مع معدل التعلم حيث سيكون النجاح هو التحدي الرئيسي.

كما أن هناك اعتقاد شائع للغاية وهو أن الأطفال الذين يقومون بتعلم لغة ثانية سيكونون متفوقين على البالغين في عملية التعلم، وهكذا يكون الطفل أو المتعلم الأصغر هو المتعلم الأسرع كما أنه سيحقق نتائج أفضل في عملية التعليم. لكن اختبارات حديثة تم إجراؤها على الطرق التي يمتزج بها عامل العمر مع بقية المتغيرات أظهرت نتائج معقدة ومختلفة بعض الشيء.

إن فرضية المرحلة الحرجة وثيقة الصلة بهذا الموضوع، حيث تقول هذه النظرية بأن هناك مرحلة تفاؤلية لاكتساب اللغة أي هناك مرحلة تحقق أفضل النتائج، وتنتهي هذه المرحلة عند سن البلوغ. والبرهان على صحة تلك الفرضية يعتمد على عملية إعادة اكتساب المهارات الناجمة عن ضعف في اللغة الأم، عوضاً عن تعلم لغة ثانية، وذلك تحت ظروف طبيعية.

وعادة يتم تصنيف هذه الفرضية ضمن أربعة أشكال أو اتجاهات:
- تعدد المراحل الحرجة، حيث تكون كل مرحلة متخصصة بمهارة معينة، على سبيل المثال عمر الست السنوات لعلم الأصوات الكلامية، أي أن الأطفال في هذا العمر يكونون متفوقين في هذا المجال أكثر من غيرهم، كما أنهم سيكونون قادرين على اكتساب المهارات الصوتية بسرعة واضحة.
- عدم وجود مراحل حرجة عند اكتساب لغة ثانية، لكن مع وجودها عند تعلم أو اكتساب اللغة الأم.
- وجود مراحل "حساسة" وليس مراحل "حرجة".
- وجود انحدار مستمر وتدريجي لتلك المرحلة الحرجة ابتداء من مرحلة الطفولة وحتى الوصول إلى سن البلوغ.

وبهذا المعنى نرى أن هناك وجهتي نظر بالنسبة لهذا الموضوع:
وجهة النظر الأولى القائلة بأن هناك تباين واضح بين المراحل العمرية عند اكتساب اللغة، بمعنى أن هناك مراحل عمرية معينة يتفوق فيها المتعلم على زملائه المتعلمين من مراحل عمرية أخرى.
أما وجهة النظر الثانية فتقول بأن هناك قانون ثابت يحكم عملية التعلم، أي ليس هناك تباين بين المراحل العمرية، وكل المراحل متساوية مع بعضها عند تعلم أو اكتساب لغة ثانية.

وفي الواقع، تشير الدراسات إلى أن تأثير عامل العمر يعتمد بشكل كبير على المهارات أو الفرص المتاحة عند التعلم وذلك عند مختلف المراحل أو الحالات لاكتساب للغة ثانية.

كما أننا نرى حتى بأن دراسة الحالات المختلفة للطلاب عند تعلم لغة ثانية قد أظهرت بأنه ليس هناك فقط عدم ارتباط مباشر بين بداية التعلم في مرحلة عمرية مبكرة والنجاح أو سرعة اكتساب اللغة الثانية، وإنما أثبتت بأن هناك ميل أو اتجاه واضح يظهر بأن الأطفال الأكبر سناً أو المراهقين هم متعلمين كفؤين أكثر من زملائهم الأصغر سناً. كما أن المتعلمين الناضجين أي الأكبر سناً قادرون على تحقيق تقدم واضح في اكتساب المهارات القواعدية والمهارات المعجمية أي التي تتعلق بالمفردات وذلك أثناء عملية تعلمهم للغة ثانية، ويرجع ذلك لامتلاكهم قدرات وإمكانات تحليلية أكبر في هذا العمر.

وفي النهاية نستطيع أن نقول ما يلي:
- أولاً: ليس هناك عمر "سحري" معين أو "مرحلة عمرية سحرية" لاكتساب اللغة ثانية، أي ليس هناك مرحلة عمرية متفوقة على أخرى في عملية تعلم هذه اللغة.
- ثانياً: إن الميزات أو الصفات المميزة الخاصة أو العامة والتي نلاحظها في عملية تعلم اللغة الثانية هي مجرد متغيرات تنبع من البيئة المحيطة بالشخص المتعلم.