الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
زيارة عباس المرتقبة إلى السعودية... بقلم: ماجد الزبدة
زيارة عباس المرتقبة إلى السعودية...  بقلم: ماجد الزبدة

ما أن تم الإعلان عن استقبال المملكة العربية السعودية لوفد حركة حماس بقيادة خالد مشعل بعد قطيعة دامت سنوات حتى سارعت السلطة الفلسطينية إلى الإعلان عن تشكيل وفد برئاسة محمود عباس لزيارة المملكة خلال الأيام المقبلة في ترتيبات دبلوماسية متعجلة دفعتها هواجس قيادة رام الله من انفتاح المملكة سياسيا وربما ماليا على حركة حماس وبالتالي حدوث انفراجة اقتصادية وسياسية في غزة التي تعيش أوضاعا متأزمة بسبب تواصل الحصار المفروض عليها منذ تسع سنوات.

مسارعة السلطة الفلسطينية للإعلان عن زيارة عباس المرتقبة إلى المملكة تعود بذاكرتنا إلى أشهر مضت، حيث الزيارة السريعة التي قام بها عباس إلى سويسرا في مارس من العام الحالي بعيد الإعلان عن موافقة حماس على الورقة السويسرية التي وضعت حلولا إنسانية لمشكلة موظفي غزة غير المعترف بهم من قبل سلطة رام الله، وهي الزيارة التي نتج عنها إدخال تعديلات جوهرية على الورقة السويسرية ما أفقدها الأسس التي قامت عليها، وبالتالي أدت تلك الزيارة إلى إفشال المساعي الأوربية في إيجاد حلول إنسانية لبعض مشكلات غزة والتي لا زالت متواصلة إلى يومنا هذا.

تلك الزيارة لم تكن التدخل السلبي الوحيد من قبل عباس للحيلولة دون حل مشكلات غزة، فقد سبقه زيارة سريعة إلى القاهرة تم الترتيب لها على عجل بعيد الإعلان عن لقاء سياسي تم بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والقيادي في حركة فتح محمد دحلان والذي صرح بعد اللقاء بقرب إعادة فتح معبر رفح، فإذا بعباس يطير مسرعا إلى القاهرة مؤكداً رفضه إعادة فتح المعبر دون تنسيق مع سلطة رام الله، وبالتالي أفشل جهود تخفيف الحصار الذي تفرضه مصر على غزة رغم معرفة عباس بمدى معاناة الغزيين نتيجة مواصلة إغلاق معبر رفح.

لا أعتقد أن زيارة عباس هذه المرة إلى المملكة السعودية ستختلف في جوهرها عن أهدافه في الزيارات المذكورة أعلاه، فرئيس السلطة يدرك أن مجرد زيارة وفد حماس إلى المملكة – رغم تجاهل وسائل الإعلام السعودية لها - يعتبر مكسبا سياسيا للحركة خاصة وأنها تأتي في ظل أحداث وتقلبات إقليمية متسارعة، وسعي المملكة إلى تشكيل جبهة سنية سياسية في مواجهة الدور الإيراني المتصاعد في المنطقة، ولا شك بأن سعي عباس للحيلولة دون إقامة أي علاقات دبلوماسية بين المملكة وحماس سيتضح إذا ما علمنا بأن السعودية تمثل الداعم الرئيس سياسيا وماليا للسلطة الفلسطينية، وهنا نذكر بأن المملكة ساندت السلطة في كافة خطواتها الدبلوماسية في المحافل الدولية، كما أن المملكة وبحسب مقال منشور في ديسمبر 2014م للباحث محسن صالح تعتبر الممول الرئيس لميزانية السلطة الفلسطينية في رام الله حيث تصدرت التمويل العربي لميزانية السلطة خلال الفترة 2007-2013م بمبلغ إجمالي مليار و 293 مليون دولار ما يمثل 51% من مجمل الدعم العربي للسلطة الفلسطينية طوال تلك المدة.

لست من المفرطين في التفاؤل حول نتائج زيارة وفد حماس إلى المملكة لكن الوقائع تشير إلى احتياج المملكة لعلاقات ولو مؤقتة مع حركة حماس فرضتها المتغيرات السياسية في المنطقة العربية، وبالتالي فلا أعتقد أن زيارة وفد السلطة المقبلة - التي أتمنى ألا تكون تحريضية ضد غزة والمقاومة - ستؤدي إلى إعادة القطيعة بين المملكة وحركة حماس من جديد، وفي المقابل فإنني أرى بأن الدور المؤثر للمملكة السعودية على الساحة العربية يؤهلها للضغط على عباس لإعادة عجلة المصالحة الفلسطينية للدوران من جديد، وهو الأمر الذي ينتظره الشعب الفلسطيني بفارغ الصبر.