السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
التحديات التي تواجه قطاع الطاقة في فلسطين... رائد محمد حلس
التحديات التي تواجه قطاع الطاقة في فلسطين... رائد محمد حلس

باحث ومختص في الشأن الاقتصادي

غــــزة – فلســـطين

لقد أصبحت الطاقة بأشكالها المختلفة دعامة رئيسية ومكون أساسي لنهضة وتطور الشعوب والدول عبر العالم, فعليها تعتمد معظم القطاعات الحيوية والمرافق الهامة في الدولة, كالمستشفيات والمرافق الصحية, والمؤسسات التعليمية كجامعات ومدارس, والمرافق المائية والبيئية كالمضخات ومحطات التحلية, ومحطات معالجة المياه العادمة, ومئات المنشات والمرافق العامة والخاصة, كلها لا تعمل بدون الطاقة, سواءاً الكهربائية أو الوقود الاحفوري.

يعتمد التزود بالطاقة في فلسطين على مصدرين أساسيين للحصول عليها، المصدر الأول: مشتقات البترول والغاز الطبيعي، وهي مستوردة بشكل كامل من إسرائيل، وبتكلفة تصل إلى نحو 900 مليون دولار سنوياً، وتشكل حوالي 51% من الاستهلاك الكلي للطاقة في فلسطين، والمصدر الثاني: الطاقة الكهربائية و المستورد في معظمها من إسرائيل (بنسبة تصل إلى 87% من الاستهلاك الكلي), كما يتم استيراد كميات محدودة من مصر والأردن (ما يقارب 4% من الاستهلاك الكلي)، ومن شركة كهرباء فلسطين/ محطة توليد غزة, و التي تزود القطاع بنحو 7.4% من إجمالي الطاقة المستهلكة في فلسطين، علماً بأن محطة التوليد تعمل باستخدام السولار الصناعي و المستورد بالكامل من إسرائيل.

مما سبق نلاحظ أن قطاع الطاقة في فلسطين يعاني من تحديات كبيرة، تتمثل في اعتماد الجانب الفلسطيني بشكل أساسي على "الاستيراد" للتزود بالطاقة, حيث أن نحو 87%  من الطاقة الكهربائية و95% من مشتقات النفط المنتجة للطاقة يتم استيرادها من إسرائيل، كذلك ارتفاع أسعار هذه  الطاقة المستوردة وما ينجم عنه من كلفة مالية عالية على المستهلك والمنتج الفلسطيني بشكل عام, حيث تتراوح فاتورة استيراد الكهرباء من إسرائيل ومن الدول المجاورة ما بين 400 إلى 500 دولار سنوياً.

كما أن هناك تحدٍ آخر يواجه قطاع الطاقة في فلسطين ويعد من أخطر هذه التحديات وهو تحكم إسرائيل بحجم وكميات المحروقات وأسعارها، ومتى يسمح بدخولها، ومتى يمنع دخولها, كما هو الحال في قطاع غزة بالتحديد و الذي يعاني من أزمة مزمنة في استمرار التيار الكهربائي منذ سنوات، وقد أصبحت هذه الأزمة واحدة من اعقد المشكلات العالقة و التي أثرت على مختلف جوانب حياة المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة، ولا زالت تداعيات هذه الأزمة مستمرة.

أمام هذه التحديات لا بد من إعادة التفكير, والتوجه نحو بدائل أخرى لتوفير الطاقة الكهربائية في فلسطين، على سبيل المثال التوجه نحو مصادر الطاقة المتجددة, إن الطاقة المتجددة (Renewable Energy) هي الطاقة المستمدة من الموارد الطبيعية والتي تتجدد باستمرار (أي لا تنفذ)، وتختلف تلك الطاقة بشكل جوهري عن الطاقة التقليدية المعرضة للنضوب أو الانتهاء مثل الوقود الاحفوري بكل أشكاله, كما أنها تسمى أيضاً بالطاقة النظيفة (أي الطاقة التي يتم توليدها دون انبعاثات تضر بالبيئة وبالصحة العامة).

 إن عملية إنتاج الطاقة المتجددة تعني زيادة الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني (GDP)، وتقليص التبعية لإسرائيل، وتحسين الاستدامة في وصول التيار الكهربائي للمستهلكين، الأمر الذي يتطلب من صانع القرار الفلسطيني بشكل أساسي، ومن ثم القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني،  العمل وبكل ثقة نحو إيجاد إستراتيجية قابلة للتطبيق على المدى القريب وليس مجرد شعارات للتوجه نحو الاستثمار في مجال الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة لضمان توفير الاستقلال الاقتصادي، لأن بقاء الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية سيبقي الهيمنة والسيطرة الإسرائيلية على قطاع الطاقة والكهرباء في فلسطين مستمرا وما يتبعه من تحكم واستغلال سياسي واقتصادي.