الخميس 9/10/1445 هـ الموافق 18/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
المصالحة والفرصة الأخيرة ....أحمد يونس شاهين
المصالحة والفرصة الأخيرة ....أحمد يونس شاهين

 حالة من الجمود خيمت على أجواء المصالحة الفلسطينية عقب اتفاق الشاطئ واتفاق القاهرة عام 2011، وحتى يومنا هذا لم نشهد سوى تشكيل حكومة الوفاق التي لم تمارس كامل صلاحياتها في غزة وتصاعدت وتيرة الخلافات والاتهامات بوضع العراقيل أمام تنفيذ باقي بنود الاتفاق والتفاهمات المبرمة بين حركتي فتح وحماس، وعلى أثره شكلت حركة حماس لجنتها الادارية لقطاع غزة والتي اعتبرتها حركة فتح نسف لجهود المصالحة ورفض حماس لإنهاء الانقسام الامر الذي جوبه باتخاذ السلطة الفلسطينية اجراءات عقابية ضد حركة حماس لإجبارها على حل اللجنة الادارية ،تمثلت هذه الاجراءات في خصم نسبة من رواتب موظفي السلطة في غزة وتطبيق قانون التقاعد المبكر وغيرها من الاجراءات.

بعد زيارة الرئيس الفلسطيني لتركيا والتي طرح خلالها مبادرة من سبعة بنود أهمها حل حماس اللجنة الادارية ،بالمقابل يتم إلغاء الاجراءات العقابية التي فرضتها السلطة الفلسطينية، جاءت هذه الزيارة بعد حالة الخمول في عجلة المصالحة، فربما كانت هذه الزيارة دافعاً قوياً لتوجه وفد حركة حماس إلى مصر لبحث ملف المصالحة بشكل جدي وأمور أمنية بين غزة ومصر وكسب ثقة مصر سيما أنها معنية بشكل كبير بالمحافظة على حسن العلاقة مع مصر، ومن زاوية أهم تأتي رغبة حركة حماس بإنهاء الانقسام بعد أن أيقنت حجم الضائقة وعبء المسؤولية الملقاة على عاتقها في إدارة شئون قطاع غزة عقب الاجراءات العقابية التي اتخذها الرئيس عباس وادراك حماس حجم الخطورة الاستراتيجية الناجمة عن الاجراءات التي تقوم بها اسرائيل على حدودها مع غزة كبناء الجدار الاسمنتي تحت الارض وفوقها والتي تُفسر على أنها استعدادات اسرائيلية لشن حرب على غزة الأمر الذي لم ترغب به حركة حماس في هذا التوقيت، ومن جهة اخرى فهناك دافع آخر وهي التفاهمات الاخيرة بين حماس ودحلان التي لم تنضح لمستوى التخفيف الحقيقي من معاناة سكان قطاع غزة والتي اعتقدت حركة حماس أنها ستُفشل الاجراءات التي اتخذها الرئيس عباس ضدها في غزة. فكل ذلك زاد من حجم الأزمة التي تمر بها حركة حماس في غزة مما دفعها للتوجه بوفد رفيع المستوى إلى القاهرة وبطلب منها للبحث بشكل جدي في كيفية دفع عجلة المصالحة بخطوات عملية تنقذها من مأزقها التي تمر فيه، وفي هذا السياق أعربت حركة حماس عن نيتها في تحقيق المصالحة الوطنية برعاية مصر حيث توصلت لتفاهمات مع المخابرات المصرية تحفظ مكانتها في أي عملية سياسية مستقبلية وأيضاً بقائها في سدة الحكم في غزة وذلك وفقاً للتفاهمات التي توصلت بها مع المخابرات المصرية كوجودها الأمني خارج المعبر مع سيطرة الحكومة التي سيتم تشكيلها داخل المعبر، وسيطرة حماس على الحدود مع مصر الشقيقة وانخراط موظفيها ضمن موظفي السلطة الفلسطينية، هذا أهم بنود التفاهمات.

أما حركة فتح فقد طالبت مراراً وتكراراً حركة حماس بحل لجنتها الادارية وممارسة حكومة الوفاق أعمالها في قطاع غزة كشرط لبدء تنفيذ استحقاقات المصالحة وانهاء الانقسام ومن ثم التحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية، وقد جاء هذا في مبادرة السبعة بنود الرئيس محمود عباس التي طرحا أثناء زيارته لتركيا وفي حال تم الاتفاق على ما ذكر سابقاً من تفاهمات أبرمت في القاهرة في الآونة الأخيرة يبقى السؤال هنا هل سيستمر العمل في تنفيذ باقي التفاهمات والاتفاقات التي أبرمت في القاهرة والشاطئ أم ستصاب عملية التنفيذ بالشلل وتعود الكرة من جديد لنقطة الصفر ونصل لطريق مسدود.

اذن الحكم على نجاح المصالحة يرتكز على مدى جدية الطرفين والتزامهما الكامل بتنفيذ كل ما تم التوصل اليه من اتفاقات، وهذا يحتاج إلى ضمانات عربية وضغط من الفصائل الفلسطينية، والشعب الفلسطيني لا يجب أن يكون في دور المتفرج بل عليه أن يقول كلمته، وبما أن ممارسة السياسة حق مكفول للجميع على الساحة فإن كل ما يأمله عامة الشعب ويتمناها على اللاعبين في هذه الحلبة السياسية هو الأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة وتغليبها على الخلافات الخاصة بين الاطراف للنهوض بالدولة الفلسطينية التي باتت على حافة الهاوية إن لم يتم العمل وتكاثف الجهود لتقريب وجهات النظر للخروج بموقف وطني موحد لضمان مسيرة قضيتنا العادلة في مسارها الصحيح نحو تحقيق أمال وطموحات شعبنا الفلسطيني والمتجمدة منذ حلول سنوات الانقسام.

[email protected]