الجمعة 19/9/1445 هـ الموافق 29/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
مسرحية 'ميرمية' لميرنا سخلة،قراءة أولية لتكثيف الوجع... يوسف شرقاوي
مسرحية 'ميرمية' لميرنا سخلة،قراءة أولية لتكثيف الوجع... يوسف شرقاوي

مسرحية "ميرمية" لميرنا سخلة،هي "انتلجنسيا" المسرح للنص المكثف،والذي يلزمة اداءا مسرحيا،مابين المعقد،والمبدع المختص بتعميق الثقافة النقدية،وتطويرها،من ناحية وتحفيز المثقف العضوي،للانخراط المباشر والجريء في القضايا المجتمعية التي تغلي تحت السطح.

"الميرمية" ليس عنوانا عابرا او عفويا للمسرحية،فعندما تغلي "الميرمية"وتفوح رائحتها تنبه مكامن المجتمع المكلوم. "ميرنا سخلة" في مسرحية "ميرمية"كثفت حزننا ووجعنا، حد الانفجار الداخلي،وزادت ارتفاع ضغط الدم في شراييننا المتصلبة. الاداء المعقد والمكثف والابداعي،من قبل كل من فاتن خوري،ونقولا زرينة"اثقل الوقت كاهلهما لالتزامهما به لعدم الخروج عن النص المحبوك باتقان لافت،وبارع "لميرنا سخلة" لجهة الدراما والانتاج.حكايا مكثفة،عن جريمة العصر،التطهير العرقي والنكبة،وشهادات لرموز فلسطينية لها بصماتها التي لازالت حية في ذاكرتنا ست شهادات حيكت في عمل مسرحي خلاق،اضافت الى روايتنا باسلوب مسرحي "انتلجسي" وان كان فرديا لكنه يثري التاريخ الجمعي. الشهادات الست المأخوذة من كتاب "ذاكرة حية" للكاتبة الفلسطينية المرموقة "فيحاء عبد الهادي" شهادات كل من سنديانة فلسطين حمدي مطر "ابو سمير" وأمين محمد عبد المعطي "ابو عرب" ورشيدة حسين فضيلات، وفريال حنا جمعة ابو عوض،ولبيبة رشيدعبد الرحمن عيسى،ومحمد حسين القاضي" ابو ناصر. "ميرنا سخلة"بعملها المسرحي هذا دمجت الشهادات الحية،ارادات ان تضيء بكثافة على النكبة وما رافقها من تطهير عرقي غير مسبوق،تحت وابل نار الرصاص والقذائف التي انهالت على رؤوس الفلسطينيين ليغادروا ارضهم وبيوتهم وحقولهم،وملاعب طفولتهم. من اجل طمس تاريخ شعب اصيل جذورة ضاربه بعمق في ارض الزيتون واللوز والبرتقال،ارض البدايات،هذا الشعب الذي كان ولا يزال يؤنس ارضا وبيوتا وقرى وبلدات كي لاتموت. ثنائي الاداء المسرحي المكثف "فاتن خوري" و"نقولا زرينة،اتقنا تلميع ذاكرتنا الفردية والجمعية،من خلال التركيز على ارض اللبن والعسل،ومياه عذبة كانت تروي الأرض لا كما ادعى مغتصب الأرض انها كانت تنساب الى البحر،لأن الارض كانت فارغة ومهجورة.
التقنية العالية في حبك النص المسرحي "لميرنا سخلة" في الشهادات الموجعة والمكثفة اثرت الرواية الجمعية الأشمل لنا جميعا،من خلال استحضار "الوجع المزمن" المنكئ لجرح القلب،الحافر عميقا في ذاكرة شعبنا المكافح. ولا يسعني هنا الا من ساهم في اخراج هذا العمل الفني الى دائرة الضوء،مسرح الحارة،ميرنا برهم،فيحاء عبد الهادي،عصام رشماوي،حنين زواهرة،عيد بطارسة.