الخميس 9/10/1445 هـ الموافق 18/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
(16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة) ..صورة المرأة في الاعلان والإعلام العربي في سياق النزعة الاستهلاكية المفرطة...سمر محفوض
(16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة) ..صورة المرأة في الاعلان والإعلام العربي في سياق النزعة الاستهلاكية المفرطة...سمر محفوض
هل يقدم لنا الإعلام مادة حقيقية عبر وسائله المتنوعة (المرئية والمسموعة والمقروءة) أم أنها تصلنا عاجزة ومقيدة وغير قادرة على فهم الهموم العامة متغاضية عن جوهر المشكلات ومضمونها؟ من غير الممكن أن نتناول "قضية تهميش المرأة في الاعلام" بمعزل عن وضعها في المجتمع بصورة عامة، فعدد النساء القياديات في أجهزة الاعلام محدود نسبا ,و النمطية السائدة في التعامل مع قضاياهن يقف عقبة امام جهودهن في طرح قضايا المرأة بشكل اوسع والارتقاء بالعمل الاعلامي سواء المرئي أو المقروء والالكتروني حاليًا ليست بمعزل عن صورتها في الإعلام العالمي، فالنهج الذي سبقت وسلكته دول غربية في البحث عن صورة نمطية للمرأة تبث عبر وسائل اعلامه هو نفس الطريق الذي حداه الإعلام العربي، وإن كان بشكلٍ تحول من النمطية إلى السخرية، وقزّم المرأة ودورها في المجتمع. جسد المرأة كإستراتيجية للتسويق تؤكد الدراسات أن البايولوجيا قد تقيد سلوك الجنس (في مرحلة حضارية ما) ولكنها لا تحدده، وأن الاختلافات بين البشر من ذكور وإناث تعكس تفاعلات بين تركيبنا الجسدي ونماذج حياتنا الاجتماعية، لقد تم تفصيل (الشخصية الأنثوية) على مقاس دور المرأة المنزلي في المجتمع الأبوي، وإن البايولوجيا بالنسبة للإنسان لا تصبح هامة إلا عندما يتم تفسيرها طبقاً لمعايير وتوقعات الثقافة السائدة، ، المرأة إنسان محكوم بشرطه الاجتماعي والتاريخي الأمر الذي ينفي أو يضع موضع تساؤل على الأقل مقولة أن قضية المرأة خاصة جداً ومستقلة جداً وهذا ما يؤكد أن هذا الخلل لا يعود إلى النصوص المتعلقة بالمرأة في الكتب السماوية، وأن رحلة قهر المرأة تعود بجذورها إلى أعماق التاريخ السحيقة حتى في تاريخ حضارات منطقتنا القديمة يمكن الاستدعاء إلى الذاكرة موقف حمورابي المتمثل في تشريعاته ضد المرأة. الصور النمطية في تعزيز أوجه عدم المساواة بين الرجل والمرأة ما يزال الإعلام العربي على الرغم من التطور التقني يقدم المرأة بصورتها التقليدية النمطية، أو بالصورة المعلبة للنموذج الغربي لمفهوم الموديل، وهو ما يجعلها وسيلة للجذب الجنسي ولتشجيع وزيادة الاستهلاك، على اعتبار أن نموذج المرأة الحديثة هو نموذج المرأة المستهلكة، هذه الصورة التي تبثها بشكل مكثف وسائل الإعلام العربية، وبحكم وقعها المؤثر في زمن الصورة، تدفع المرأة ذاتها إلى تبني الصورة السلبية عن نفسها والتماهي مع هذه الصورة للظهور بمظهر المرأة الحديثة من الزاوية الشكلية. وهي صورة لا تعكس الجانب الحقيقي والواقعي لمشاكل المرأة وطموحاتها الحقيقية..لا أحد ينكر أن إحدى أهم الرسائل الإعلامية هي كيفية تسويق قضايا معينة، ومن التسويق، الإعلان والترويج عن منتج موجه للعموم أو لفئة مستهدفة للحث على اقتنائه بشكل أكبر، أو لإيصال رسالة اجتماعية أو ثقافية أو سياسية ما، فكل إعلان له هدف ربحي كيفما كان ما يقدمه، ولذلك لا تتوانى بعض الشركات في استعمال حملات إعلانية ترويجية تستغل فيها الأشخاص والأفكار للوصول للهدف المنشود، حتى لو كان ذلك بالمتاجرة بأرواح الناس ، ولعل المرأة هي أكثر من استغلت في الترويج الإعلامي وإعلانات التسويق، وهذه الصورة تزداد وضوحًا واستغلالًا كلما أصبحت المجتمعات استهلاكية أكثر... بدأت المرأة تصبح أكثر ظهورًا في الإعلانات في فترة الحرب العالمية الأولى والثانية، وكانت الصورة التي اعتبرت نمطية آنذاك وإلى وقت بعيد في أوروبا هي صورة المرأة ربة البيت بامتياز، فجل الإعلانات التي تستغل صورة المرأة كانت لمساحيق الغسيل والطبخ واستعمال أولى الأجهزة الكهربائية، هذه الإعلانات لازمت المرأة العربية إلى يومنا هذا، فمسحوق الغسيل والبحث الدائم عن "جل" أو سائل مزيل لبقع الملابس والبلاط والصحون كان ومازال دائمًا من نصيب المرأة...! الصورة النمطية وتطورها تطورت صورة المرأة بين سنوات السبعينيات والتسعينيات، فأصبحت تظهر بصورة المرأة العملية التي تنزل للعمل بشخصيتها القوية وملابسها الأنيقة، فاستغلت صورتها للترويج لأكبر الماركات، سواء للملابس أو العطور، وأيضًا السيارات الفاخرة، وغيرها.، غير أنه في بلداننا هناك مشاهد فريدة تروج عبر قنواتنا لنساء يتشاجرن من أجل مسحوق الصابون الأكثر فعالية ، فعكس ما ذهبت إليه بلدان غربية في منع المتاجرة بأجساد النساء إعلانيًا واستغلالهن لأغراض إعلانية، فنحن في بلداننا العربية انفتحنا أكثر نحو ظاهرة استغلال المرأة بمفهومه الترويجي، تصبح المرأة مجرد جسد دون النظر لإمكانياتها الفكرية الهائلة ,تروجفي مساحيق تنظيف أو مستحضرات تجميل أو ملابس لماركات عالمية أو كـ(موديل) بمعايير خاصة، تقع في إطار مسميات الاضطهاد الواقع عليها وإرهابها والانتقاص من مكانتها وإمكاناتها وعدها في أحيان عديدة فى إطار سلعة للترفيه والتدبير المنزلي والفرض عليها قسرا وإكراهها بواجب التعايش مع أنماط عيش لا إرادة لها فيها الأمر الذي أدخل في فلسفة تشييء الإنسان [تحديدا هنا المرأة] والتعامل معه كسلعة تجارية معدة للتسويق، من أجل تحقيق أهداف سياسية وإقتصادية في إطار محاولات تثبيت النظم الاستغلالية وفلسفاتها وخلفياتها... وأيضآ تتلخص أهمية البحث في ضوء آليات تناول وسائل الإعلام لقضايا المرأة واستهدافها حيث تبرز أمامنا أهمية المعالجات في ضوء استخدامها لتحسين آليات التناول من جهة ومضامين المعالجات ومن ثم المساهمة في تحسين حالات التعامل مع المرأة إنسانا كامل الحقوق ممتلكا لإرادة اتخاذ القرار والمشاركة المتساوية في البناء الاجتما اقتصادي- وسائل الاتصال الحديثة إن الانتشار الواسع للفضائيات العربية، يفترض أن يجعلها عاملاً مساعداً في تحسس القضايا الملحة والمباشرة للمجتمعات العربية، وليس وسيلة للتسلية فقط. وقد نجحت الفضائيات في رسم صورة واضحة للعديد من المشكلات التي تعاني منها المجتمعات العربية، و أن تتعامل مع قضايا حساسة بالكثير من المسؤولية، وأن تعطي صورة واضحة عن الواقع العربي البائس كتصوير الوضع المأساوي في أكثر من مكان من العالم العربي، ولكنها في موضوع المرأة بقيت محافظة على بث صورة تقليدية عنها. والاستمرار في تعزيز هذه الصورة على هذه الشاكلة.ان المستقبل القريب مليء بالامور الايجابية وعلى المرأة ان لاتنتظر ان يمن عليها احد ما باعطائها فرصتها الحقيقية في بناء المجتمع بل ان تبادر من خلال المشاركة بفاعلية في الحياة العامة لوضع الاطار العام للحقوق والواجبات لكل إنسان بغض النظر عن الجنس والدين والمذهب والقومية خدمة لها وللاجيال اللاحقة وللمجتمع بصورة عامة. في السنوات العشر الأخيرة أيضًا اقتحمت بيوتنا من خلال القنوات، صورة نمطية للمرأة سواء في الإعلام أو في (الفيديو كليبات)، وهي تلك الصورة للمرأة الشابة الجميلة الأنيقة بملابس أقل وببشرة برونزية وجسم رشيق بحيث يتم التركيز غالبًا على شكلها وعلى لون عينيها وشعرها دون الاهتمام -إلا أحيانًا- بجوهرها، وبذلك أصبحت صورة نمطية ترسم في مخيلة المتلقي -أي المستهلك- صورة مزيفة تعتمد الترويج لمنتج ما عن طريق الإغراء والإثارة، حتى وإن لم تكن ثمة علاقة بين ما يعرض للاستهلاك الفعلي وما يعرض للاستهلاك المرئي. الاستغلال المجحف لصورة المرأة وتنميط عقلها في الإعلان في الندوة الدولية حول النساء في العاصمة الصينية بكين 1995تم عرض خريطة عمل تتعلق بتغيير الصورة النمطية للنساء في الإعلام وأعلن عن ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لتغيير الصورة المبنية على جنس المرأة واستغلالها إعلاميًا، بل وكان من بين التوصيات أيضًا سحب الصور التي تسيء للمرأة حتى في المناهج الدراسية، والانتباه أثناء استغلال صورة المرأة في السياسات الصحية ودراسة تأثيرها على الإشهار، وخرجت الندوة بأن الصور النمطية للنساء، والتي يروجها الإعلام هي مسيئة ومهينة للمرأة كإنسان كامل يشكل نصف المجتمع. فإذا كانت هذه السياسات العالمية التي بدأت ترى في استغلال صورة المرأة إعلاميًا حيفًا وجورًا وتمييزًا ضدها وتقليلًا من شأنها كإنسان يشكل نصف المجتمع، وكما يقال دائمًا هو مسؤول عن تربية نصفه الآخر فما هو الحال في مجتمعاتنا العربية؟ - من خلال دراسة حول الصور الراهنة التي تعكسها الصحافة للمرأة واهتماماتها فكانت نتائجها هي: 1- تحتل موضوعات الأزياء والموضة موقعاً رئيساً من الأبواب النسائية في الصحف، ويأتي ذلك على حساب المرأة ربة البيت والمرأة المنتجة وهو وضع يتوجه أساساً إلى المرأة من الطبقة الوسطى في المدن الكبرى وعلى حساب المرأة الريفية فضلاً عن نساء الطبقات الفقيرة. 2- يلي ذلك اهتمام كبير ومساحات واسعة تخصص لموضوعات التجميل وفنون المكياج التي تصل إلى موضوعات معقدة طبياً وباهضة التكلفة. 3- الاهتمام بتفسير الأحلام وقراءة الطوالع والحظ والحوار مع نجوم وكواكب السينما والمجتمع والاهتمام بالمرأة السوبر حضرية على حساب نساء الطبقات الشعبية، أما نساء الريف فلا وجود لهن في هذه الصحافة إلا فيما ندر. كذلك أجريت دراسة على عينات من النساء العربيات المستمعات إلى أقدم وأشهر برنامج للمرأة في تاريخ الإذاعات العربية وهو برنامج (إلى ربات البيوت) وخرجت بنتائج وهي، أن مفهوم الذات عند المرأة يغلب عليه الجانب السلبي الذي يتشكل بدوره ضمن صور غالبة ثلاث: أولها صورة المرأة التي تفتقر إلى العقلية العلمية -من ثم القدرة على التخطيط إضافة- إلى ضيق الأفق والتردد حيث يقوم الرجل من جانب آخر بدور الحكم أو الضمير. إن استخدام المرأة على هذا النحو في الإعلانات يقلل من نظرة الاحترام إليها في نفس الرجل وفي نفسها هي، حيث يرسخ الإعلان قيمة المرأة ليس بما تملك وبما تنتج بل بما تستهلك وغدت السلعة التي تستهلكها هي مصدر الحب والنجاح والتطور، ظناً منها أنها بشرائها السلعة تشتري الاحترام الاجتماعي والصحة والجمال وتتمكن بفضلها من تصحيح الأخطاء والنواقص في شخصها، لأن المعلنين باعتمادهم الأساليب النفسية كافة نجحوا في تحويل الفكر النقدي للمستهلك نحو ذاته وليس نحو السلعة. أما البعد الثاني لصورة الذات السلبية فيتمثل في افتقار المرأة إلى هوية مستقلة وبمعنى آخر تستمد ذاتها من ذات الرجل، كذلك لا يمكن رؤية صورة المرأة كما تعرضها وسائل الإعلام بمعزل عن التيارات الفوقية والتحتية التي تؤثر في بنية المجتمع والى التجديد، وهناك رأي يقول بأنه قد آن لأجهزة الإعلام الوطنية أن تصرف النظر عن البرامج المخصصة للمرأة وكأنها فئة خاصة من فئات المجتمع. إن مشكلة قضايا المرأة تبرز وتتجسد مجالين أساسين: الأول في تقديمها بوسائل الإعلام المختلفة إيجابيا والآخر في استغلال صورتها سلبيآ!! حيث كان لكلا الصورتين تداعيات سلبية وإيجابية... جسدت الصورة الإيجابية تمظهر رقي الأمم وتقدمها على الصعيدين الحضاري والاجتماعي والإنساني فيما جسدت السلبية منها مظاهر التخلف والفقر واضطهاد المرأة وإرهابها والانتقاص من مكانتها وإمكاناتها وعدها في أحيان عديدة سلعة للترفيه أو عبدا منزليا وهو ما يعكس حالات الفرض على المرأة قسرا وإكراهها بواجب التعايش مع أنماط حياتية تسلطية تستلب إرادتها وتنبع من محاولات تثبيت النظم القائمة وفلسفاتها وخلفياتها القمعية الاستغلالية التي عادة ما تتجسد فى مظاهر الزيف والادعاءات والشعارت الكاذبة التي لم يُجنَ منها غير البؤس والخراب والتخلف... بحيث ان اهتمام الاعلام بقضايا المرأة وتغطياتها ارتبط بالمناسبات والاحتفالات وكثيراً ما اتخذ شكل تغطيات اخبارية للانشطة والبرامج، دون استثمار هذه المناسبات في طرح معالجات جادة ونقاشات حيوية حول هذه القضايا،وقد اتخذ هذا الاهتمام شكلاً موسمياً يبدأ مع المناسبة وينتهي بها... الخلاصة... اهمية المرأة ودورها الهام فى بناء المجتمعات والتنمية الشاملة على مختلف الأصعدة يوصل الى أن تغييرصورة المرأة في وسائـل الأعلام يتوقف بالدرجة الأساس على كفاح المرأة الدؤوب وقد حان الوقت لأبرازصورة المرأة المساوية للرجل والمشاركة الحقيقية له في أكتشاف كنوز المعرفة النظريه والعمليه من أجل تطويرالحياة وحمايتها وتلبية حاجات الناس واسعادهم.. ان نمو افق العلاقة المشتركة المتبادلة والموسومة بالتأثير الايجابي بين المرأة والرجل لايمكن ان تسمو قبل ان يسمو وعيهما نحو حالة ارقى وافضل في فضاء مفتوح وعمل مكثف متجانس ,نؤكد مرة اخرى على ان تغيير صورة المرأة من السلب الى الأيجاب يعتمد بالأساس على قوة كفاح المرأة ذاتها ويتناسب معه طرديآ فى الفكر والممارسة. تتناول هذه الإعلانات المتحيزة جنسيا النساء والرجال بطريقة مختلفة ناهيك عن الصورة الجنسانية المفرطة للمرأة (فم مفتوح وعيون مثيرة وابتسامة جذابة) التي توحي بتوافر جنسي مستتر وتساهم هذه الصور النمطية في تعزيز أوجه عدم المساواة بين الرجل والمرأة، وتنقل الفكرة التالية: لا وجود للمرأة إلا من خلال عيني الرجل، هي موجودة كشيء لتلبية رغبته وتوحي هذه الإعلانات نفسها أيضا إلى أن جميع النساء ترغبن في إغواء الرجال وأن هؤلاء جميعا منجذبون نحو المرأة. وهذا ما يسمى بالعلاقة القسرية مع الجنس الآخر (أو التغايرية الجنسية)، أي الضغوطات من أجل التطابق مع معيار التغايرية الجنسية مع نفى وجود ميول جنسي آخر. ومرة أخرى، لا توفر هذه الصور مجالا للتنوع أن الأداة الإعلامية يمكن أن تبتذل الرجل كما تبتذل المرأة فالرجل في بعض (الكليبات) يظهر وكأنه دمية إذاً المشكلة ليست في ظهور المرأة بهذا الشكل أو ذاك وإنما بجملة الخيارات المقدمة إليها وفي ثقافة المجتمع.