الجمعة 19/9/1445 هـ الموافق 29/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
لما لا نقاطع اليوتيوب، الفيسبوك والواتساب ؟!....كمال ازنيدر
لما لا نقاطع اليوتيوب، الفيسبوك والواتساب ؟!....كمال ازنيدر
إن لم أرد اليوم، فمتى سأقوم بالرد ؟! متى سأرد على عجرفة الولايات المتحدة الأمريكية وإصرارها على إذلال أمتي "أمة الإسلام" ؟! متى سأعلنها حربا على مصالح من يحاربون مصالحنا منذ أزيد من سبعين سنة ؟! أمريكا تحدتنا، عاملتنا بإذلال واعترفت رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل. ما الذي أنتظره لكي أرد

لست ممن يردون بتغيير صور بروفايلاتهم على تويتر والفيسبوك. لا أؤمن بنجاعة هذه الردود. ردي سيكون إغلاق كل حساباتي على الفيسبوك، يوتيوب، واتساب، جي ميل وياهو. نفس الشيء بالنسبة للعبتي المفضلة فيفا موبايل. كذلك سأقوم برمي كل ما لدي من ألبسة وأحذية أمريكية. وهذا بالنسبة لي هو أضعف الإيمان.

أعلم أن الغالبية الساحقة لن تقاطع اليوم المنتوج الأمريكي. بالتالي هاته المقاطعات الفردية لن تؤثر شيئا على الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الراهن. لكن كل هذا لا يهم. ما يهمني هو أن أقوم كفرد بما يجب القيام به، بما أنا فعلا مؤمن به، أن يكون فعلي متماشيا مع أفكاري.

سأقوم بهذا بشكل فردي. سأقوم به إرضاء لنفسي ولا غير. أما الآخر فلا يهمني ما سيقوم به. أنا حر، وهو كذلك. كل واحد منا حر في تصرفاته، أفكاره، قناعاته وردود أفعاله. ومن يدري ؟! ربما انخراط الجماعة هو فقط مسألة وقت ليس إلا. فعلى ما يبدو، الآخرون هم فقط في حاجة لبعض الوقت ليؤمنوا بقوتهم ويعوا أنهم قادرين على إيجاع أمريكا.

فمن العار استهلاك السلع الأمريكية بعد اعتراف أمريكا بالقدس كعاصمة لإسرائيل. غير سليم بالمرة أن نساهم في تفوق اقتصاد بلد عدو يحتقرنا كشعوب مسلمة ويذلنا. حبنا للدنيا ولأنفسنا يجب ألا يصبح أكبر من حبنا للقدس. روحنا الإسلامية يجب ألا تضعف، ألا تموت، وألا تصبح القضية الفلسطينية والعزة الإسلامية آخر اهتماماتنا.

حكوماتنا الحالية، من الغباء أن يعول الواحد عليها ! هاته الحكومات نعرفها جيدا، ونعرف مسبقا ما ستقوم به من رد. كل ما ستفعله هو التنديد. التنديد ولا أكثر. إصدار بيان استكاري من هنا، وآخر من هناك، وسينتهي الأمر وكأن شيئا لم يحدث. أمريكا لن تفكر ولو ثانية واحدة في سحب اعترافها لأن مسرحية التنديد هذه التي تلعبها حكوماتنا لا تمس حتى شعرة واحدة من جسدها.

إكتفاء الشعوب المسلمة والحركات الشعبية المعادية للصهيونية وللامبريالية الأمريكية بتغيير صور بروفايلاتها على مواقع التواصل الاجتماعي هو كذلك تفاهة. الرد هذا لا يختلف كثيرا عن تنديدات حكوماتنا. هو الآخر لا يضر مصالح أمريكا في شيء... كلاب تنبح، وقافلة الولايات المتحدة الأمريكية تسير.

الردود الشعبية يجب أن تكون قوية لا صبيانية. يجب أن توجع أمريكا في جسمها. وليس هناك ما يوجع الولايات المتحدة الأمريكية بقدر الضربات التي تضر باقتصادها. وأفضل سلاح ممكن استعماله للنجاح في هذه المهمة هو سلاح المقاطعة. علينا كشعوب مسلمة وكحركات شعبية معادية للصهيونية وللامبريالية الأمريكية مقاطعة منتجات أمريكا. إن قاطعنا جميعا المنتوج الأمريكي فسنكون وجهنا ضربة جد موجعة للمصالح الأمريكية.

ففقط كمسلمين، نحن نشكل حوالي 25% من ساكنة الكرة الأرضية. تصوروا معي ربع ساكنة العالم تقاطع السلع الأمريكية. تصوروا معي ما الذي سيحدث إن قمنا جميعا بهذه المقاطعة. هذا يعني خسارة الشركات الأمريكية للملايين من زبنائها، انخفاض في أرباحها ولقيمة أسهمها، تسريح لجزء من عمالها وموظفيها وارتفاع في معدلات البطالة بالعدوة أمريكا، إلى آخره. وهذا ما سيجعل البيت الأبيض يعي بأنه لا يواجه أمة نائمة أو مغيبة بل أمة مستيقظة، قوية وقادرة على الإضرار بأساليب سلمية.

والوضع لن يتوقف عند هذا الحد. فإذا أصبحت مقاطعة السلع الأمريكية سلوكا مجتمعيا عندنا، تربية متجذرة لدينا وثقافة سياسية تجري في عروقنا ويمارسها الكل، فسننتقل إلى مرحلة أخرى من الردود المجتمعية والسياسية. كما قاطعنا سلع الولايات المتحدة الأمريكية، سنقاطع عملائها من سياسيينا وحكامنا. سنطهر أنظمتنا من الخونة ولن نرضى إلا بمسؤولين معاديين لأمريكا ورافضين للتعامل معها لتمثيلنا وإدارة شؤوننا.

كما أن المقاطعة لن تنحصر في جماعة المسلمين بل ستتعدى هذه الحدود وسينخرط فيها الكثير من الغير مسلمين المعاديين للصهيونية وللامبريالية الأمريكية. إذا ما رأوا الأمة المعنية أكثر بالقضية الفلسطينية تحارب المصالح الأمريكية، فسيتضامنون معها ويقاطعون هم كذلك منتجات أمريكا... لكن إن ضلت هذه الأمة في سبات عميق أو مكتفية بردود صبيانية، فلن يخوضوا المعركة بدلها أكيد.