السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
حرب باردة جديدة.. روسيا تردُّ على طرد بريطانيا 23 دبلوماسياً.. وتراشق إعلامي بين المسؤولين
حرب باردة جديدة.. روسيا تردُّ على طرد بريطانيا 23 دبلوماسياً.. وتراشق إعلامي بين المسؤولين

لندن-موسكو-وكالات:

فيما يشبه الحرب البادرة، تستعد روسيا لطرد دبلوماسيين بريطانيين؛ رداً على قرار رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، طرد 23 روسيّاً، مع تدهور العلاقات والتراشق الإعلامي بين البلدين، لتصل إلى أدنى مستوى بعد الحرب الباردة؛ بسبب هجوم بغاز أعصاب يُستخدم في أغراض عسكرية، على أراضٍ بريطانية.

وبعد أول استخدام معروف لسلاح من هذا النوع في هجوم بأوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، ألقت ماي باللوم على موسكو وأمهلت 23 روسيّاً، قالت إنهم جواسيس يعملون تحت غطاء دبلوماسي بالسفارة الروسية في لندن، أسبوعاً للرحيل.

ونفت روسيا أي ضلوع في الهجوم على الجاسوس السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا، ووَصفت بريطانيا بـ"قوة غير مستقرة"؛ بسبب الخروج الوشيك من الاتحاد الأوروبي؛ بل وأشارت إلى أن لندن لفَّقت الهجوم؛ لتأجيج المشاعر المعادية لروسيا.

ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن سفير موسكو لدى بريطانيا قوله، إن الدبلوماسيين الروس الذين طردتهم بريطانيا، سيغادرون لندن في 20 من مارس/ آذار 2018.

 

تحقيق روسي

 

وبشكل منفصل، بدأت الشرطة البريطانية تحقيقاً في شبهة قتل مساعد روسي لرجل الأعمال الراحل بوريس بيريزوفسكي، لكنها قالت إنه لا يوجد في الوقت الحالي ما يشير إلى صلة لهذا الأمر بقضية سكريبال.

ورداً على سؤال من "رويترز"، في عاصمة كازاخستان، عن عزم موسكو طرد دبلوماسيين بريطانيين، ابتسم وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، وقال: "بالطبع سنفعل".

وذكرت وكالة الإعلام الروسية أن ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، جدَّد تأكيد موقف موسكو بأنه لا يوجد "دليل واضح" على أي ضلوع روسي في الهجوم.

وطالبت بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا معاً روسيا، الخميس 15 مارس/آذار 2018، بتفسير للهجوم. وقال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إن الروس يقفون وراء الحادث على ما يبدو.

وقالت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، إن قمة للاتحاد الأوروبي في الأسبوع القادم ستناقش القضية. وأضافت أن الأولوية بالنسبة لقادة الاتحاد الأوروبي، لن تكون بحث احتمال مقاطعة بطولة كأس العالم لكرة القدم التي تنظمها روسيا.

وأضافت ميركل، قبل محادثات في باريس مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كان من المتوقع أن يبحثا خلالها رداً مناسباً على الهجوم: "شواهد كثيرة تشير إلى أن روسيا مسؤولة".

 

تحقيق مستقل

 

رفضت روسيا مطالب بريطانيا بتفسير كيف استُخدم "نوفيتشوك"، وهو غاز أعصاب طوّره الجيش السوفييتي، لمهاجمة سكريبال (66 عاماً) وابنته يوليا (33 عاماً) في مدينة سالسبوري بجنوب إنكلترا.

وسكريبال، هو كولونيل سابق في المخابرات العسكرية الروسية، كشف للمخابرات البريطانية عن عشرات العملاء الروس. ويرقد الآن هو وابنته بمستشفى في حالة حرجة منذ الرابع من مارس/آذار 2018، بعد العثور عليهما فاقدي الوعي.

ويرقد شرطي بريطاني، أُصيب بالتسمم أيضاً عندما توجَّه لمساعدتهما، بالمستشفى في حالة خطيرة، لكنها مستقرة.

ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن ألكسندر ياكوفينكو، سفير موسكو لدى بريطانيا، قوله الجمعة 16 مارس/آذار 2018، إنه تلقى إخطاراً دبلوماسياً يُبلغه أن سكريبال في حالة حرجة، لكنه اتهم بريطانيا أيضاً بـ"إخفاء" التفاصيل.

وقالت شرطة لندن إن نيكولاي جلوشكوف، مساعد بيريزوفسكي، لقي حتفه خنقاً، وإن ضباط مكافحة الإرهاب لا يزالون يقودون التحقيق.

وتم العثور على جلوشكوف، (68 عاماً)، ميتاً في جنوب غربي لندن يوم الإثنين 12 مارس/آذار 2018.

وكان قد عُثر على بيريزوفسكي مخنوقاً بوشاح في حمام منزل فخمٍ غربي لندن، في مارس/آذار 2013. كان بيريزوفسكي، (67 عاماً)، أحد أقوى الشخصيات بروسيا في السنوات التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفييتي.

وقال قاضٍ بريطاني في 2014، إنه لا يمكنه تأكيد إن كان بيريزوفسكي قتل نفسه أم كان ضحية عمل إجرامي.

وقال محققون روس، الجمعة 16 مارس/آذار 2018، إنهم فتحوا تحقيقاً جنائياً في محاولة قتل يوليا سكريبال، وتحقيقاً في مقتل جلوشكوف.

وعرضوا أيضاً التعاون مع السلطات البريطانية.

وخاطبت بريطانيا منظمة حظر الأسلحة الكيماوية؛ لمساعدتها في التحقق، بشكل مستقل، من غاز الأعصاب المستخدم في تسميم سكريبال.

وقالت صحيفة "ديلي تليغراف"، نقلاً عن مصادر، إن المحققين البريطانيين يُجرون تحقيقاتهم بناء على فرضية تفيد بأن قطعة من ملابس أو أدوات زينة أو هدية، مشبَّعة بالمادة السامة فُتحت بمنزل سكريبال في سالسبوري.

وحتى الآن، لم يتحدث الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، علناً إلا ليقول إن على بريطانيا أن تكشف حقيقة ما حدث للجاسوس.

 

حرب باردة جديدة؟

 

في مؤشر على مدى التوتر بالعلاقات، تبادل وزراء بريطانيون وروس الإهانات، بينما قال السفير الروسي إن لندن تحاول صرف الانتباه عن الصعوبات التي تواجهها في عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وقال وزير الدفاع البريطاني، جافين وليامسون، الخميس 15 مارس/آذار 2018، إن "روسيا ينبغي أن تغرب عن وجهنا وتخرس"، مما أثار غضباً في موسكو.

وردَّت وزارة الدفاع الروسية بالقول إن وليامسون "عقيم فكرياً"، بينما قال لافروف، الجمعة، إن وليامسون ربما ينقصه التعليم.

وحذر زعيم حزب العمال البريطاني المعارض، جيرمي كوربين، الجمعة، من إشعال حرب باردة جديدة مع روسيا قبل توافر أدلة كاملة على تورُّط موسكو في الهجوم على العميل المزدوج السابق.