الخميس 16/10/1445 هـ الموافق 25/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
ليس انقلاباً ولا انقساماً بل مؤامرة تصفوية.... أحمدرمضان لافى
ليس انقلاباً ولا انقساماً بل مؤامرة تصفوية.... أحمدرمضان لافى

 لم تتوقف مشاريع التصفية للقضية الوطنية الفلسطينية طوال فترة نضال الشعب الفلسطيني وبكل الأدوات القريبة والبعيدة, إلا أنها اتخذت طابعاً وشكلاً آخر منذ نهاية مفاوضات كامب ديفيد(2) التي تمترس القائد الفلسطيني الكبير "ياسر عرفات" على الثوابت الوطنية المقدسة أمام تهديد ووعيد "كلنتون" تارة وإغرائته تارةً أُخرى وكانت النهاية اغتيال"أبوعمار" بقيادة مجرم الحروب "شارون" وبإشراف "بوش الإبن", حيث,, وباتفاق إسرائيلي وأمريكي وبتنفيذ ذاتى سُمِحَ لحماس دخول اللعبة السياسية و "كمنافس" لفريق المنظمة وكلاعب سياسى في الخريطة التصفوية القادمة, كيف لا؟ وأدوات اسرائيل وأمريكا جاهزة للتنفيذ ومرتبة ترتيباً بحيث يبدو أن الفلسطينيين أنفسهم الذين أضاعوا الفرص, فمنذ أُعلن عن اتفاق "أوسلو" بدأت بعض الدوائر العربية والإقليمية باستغلاله استغلالاً خيانياً, وكانت أولى حلقات المشروع التصفوى  تشكيل "محور الممانعة" والتي كانت حماس الطرف الأهم لهذا المحور لما سوف تقوم به من دورٍ وظيفى في إطاره,  ثم بدأت بتنفيذ المخطط بدعم من دول المحور فَشَكَّلَتْ مجموعات سرية  داخل التنظيم الحمساوى حيث قامت بخطف وقتل أفراد من السلطة الوطنية لإثارة البلبلة والفتن لإضعاف السلطة أمام الرأي العام المحلى والدولى(الجهاز السرى), واندفعت بكل قوة إلى عمليات التفجير داخل إسرائيل, في الفترة التي كانت المفاوضات مستمرة لاستكمال بنود الاتفاق المرحلى واستلام باقى المدن بالضفة الفلسطينية, وبذلك رسالتها تصل بأن فريق السلام الفلسطيني لا يمثل الكل الفلسطيني, وأن "المقاومة"هي السبيل للتحرير, كل ذلك برعاية حركة الإخوان العالمية المكلفة صهيونياً لِلَعِبْ هذا الدور, وإنشاء قناة الجزيرة القطرية يأتى في هذا السياق, ثم بدأت مرحلة ركوب موجة "معركة الأقصى" بعد زيارة شارون للحرم القدسى الشريف وهنا تعمدت ذكر مصطلح "معركة الأقصى" للدلالة على أن القيادة الفلسطينية في حينه كانت تعى ذلك رغم عدم التوازن المعروف ولكن بكل الأحوال فالحديث عن الثوابت الوطنية والمقدسات يتطلب الكثير من دفع الأثمان من ناحية, وأن "عرفات" لم يكن ما يخسره فليس له ارتباطات شخصية أو مادية من ناحيةٍ أُخرى, وبالتالي كانت البوصلة العرفاتية هى "الوطن", ثم قامت إسرائيل بتهيئة الوضع لحماس من خلال التدمير الممنهج التي قامت به إسرائيل للسلطة الوطنية, فبدأت حماس وكأنها في سباق مع الزمن, حيث بعد التخلص من "العقبة عرفات" (حسب تعريف عدوه) كانت الطريق مفتوحة أمامها لتدخل مرحلة جديدة خاصة بعد تصفية أركان حماس المفصلية (الياسين, الرنتيسى, وأبوشنب..وغيرهم) الأمر الذى بدأ الباب مفتوحاً لقيادة حماس الجديدة من مقرها المجاور لمقر (السى آى إيه و الموساد) فى الدوحة , ثم انتقلت إلى دخول النظام السياسى الفلسطيني تحت تشريعات "أوسلو" التي اعتبرتها ومازالت حماس خيانة, وذلك عندما "طُلِبَ" من الرئيس "عباس" رسمياً دخول حماس الانتخابات التشريعية الفلسطينية وأصر على إنجاح الإنتخابات رغم ادراكه مسبقاً بخسارة فريقه وهو ما صرح به مراراً وتكراراً, ثم دخل مشروع التصفية "مسرحية" وهى عدم قبول نتائج الانتخابات إلاّ بشروط فُرضت على حماس, وبنفس الوقت طُلب منها عبر ضابط الإرتباط الاسرائيلى- الأمريكى "القطرى" أن ترفض تلك الشروط لتبدو أنها هي الثابت على المواقف وصولاً إلى الفصل الجغرافى والسياسى لمشروع الدولة الفلسطينية المرتقب, الأمر الذى أصبح الطريق سالكاً لمرحلة الكيانين الفلسطينيين المُشوَهَينْ بإسم (حكومة غزة , وحكومة رام الله) لتعزيز دور حماس, إضافة إلى أن شخصيات قيادية من كلا الطرفين ارتبطت مصالحهم الإقتصادية والسياسية الشخصية باستمرار حالة الإنفصال من جهة, ولم يُسمح أمريكياً ولا إسرائيلياً بإنهاء هذا الوضع الشاذ من جهة أُخرى, وبالتالي استمرت إسرائيل بالتهويد والقتل والتدمر برعاية وبغطاء أمريكى وانشغل الفلسطينيين بتبادل الإتهامات تعطيل مسرحية ـ"المصالحة"... عن أي مصالحة تتحدثون؟, وبالتالي وفَّرَت هذه البيئة الفرصة لـ "ترامب" باتخاذه قرار اعتراف القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها وتمريره "صفقة القرن" الموعودة, وبالتالي أضاع الفلسطينيين قضيتهم بفعل ذاتى بأدوات "قطرية إسرائيلية وغيرها", ولذلك ما يحدث الآن في غزة من قتل لإنسانية وآدمية الفلسطيني الثائر بفعل فاعل معلوم ماهى إلاّ في سياق هذا المشروع التصفوىالذى بدت ملامحه تظهر على أن مركزية الدولة الفلسطينية ستكون "غزة" والمناطق الفلسطينية المقطعة الأوصال تتبع لهذه الدولة إدارياً وتكون الإدارة الأمنية لإسرائيل,  وبالتالي ماحدث ليس انقساماً ولا إنقلاباً لكن بكل تأكيد الفصل الخطير من تصفية القضية الفلسطينية.

[email protected]