الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
باريس تنتصر للدم لفلسطيني
باريس تنتصر للدم لفلسطيني

باريس- الطاهر العبيدي:

فلسطين منتصرة‑أوقفوا المذبحة‑ لا..لا لقتل الأطفال والمدنيين‑ "ماكرون" العقوبة لإسرائيل. بالروح بالدم نفديك يا فلسطين‑ المقاطعة واجب أخلاقي‑ كفاية دم... والعديد من الشعارات، والهتافات المزلزلة، والصرخات الغاضبة والمندّدة بشدة ممّا يقع في فلسطين من قتل للمدنيين العزّل..

لقد غصّت ساحة "تروكاديرو" والكثير من الأماكن المحاذية لها، بجماهير من مختلف الألوان: أحزاب فرنسة‑ منظمات حقوقية واجتماعية‑ جمعيات خيرية‑ وشخصيات اعتبارية‑ ومواطنون من مختلف الجنسيات...


الساحة كانت تغلي بالهتافات الممتعضة ممّا يجري في فلسطين، وصور القتلى والجرحى مرفوعة على الأعناق، تظللها الكوفية الفلسطينية التي باتت رمزا للنضال الفلسطيني، والتي أضحت الشاش الذي يعتزّ بحمله الكثير من المساندين لقضايا تحرّر الشعوب..  وقد تميّزت هذه الوقفة المنتفضة بشدة الغضب من إراقة الدم الفلسطيني أمام العالم، بكونها استطاعت أن توحّد كل الاختلافات السياسية تحت لافتة الانتصار لفلسطين المظلومة تاريخيا وحاضرا. وقد تعالت الهتافات بالفرنسية والعربية، تعبّر عن حالة من الغليان والرفض القطعي للهمجية الصهيونية،  تخترقها صيحات التكبير والتهليل والدعوات بالخلود لشهداء غزة. وكانت هذه الوقفة الصارخة تضمّ بينها أطفالا ونساء وشبابا ورجالا وشيوخا من مختلف الأعمار والطبقات الاجتماعية، إلى جانب عدد كبير من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة والإلكترونية، وقد جلبت هذه الوقفة الاحتجاجية لصالح فلسطين اهتمام وأنظار العديد من السوّاح الأجانب، الذين يتوافدون إلى هذا المكان الجميل والمحبوب الذي يرتاده الآلاف من زوار العالم، خصوصا وهو يفتح على "برج إيفل" ويعدّ من أشهر الساحات الفرنسية، المعروفة بمتحفها وروعة حدائقها المحيطة بها..استمرت الوقفة الاحتجاجية لمناصرة فلسطين ساعات تحت حماية الأمن الجمهوري الفرنسي، وقد شارك في هذه المظاهرة التي أقيمت في الهواء الطلق جماهير غفيرة تقدر بالمئات، دعت لها جمعيات فلسطينية وفرنسية، تكاتف فيها مواطنين فرنسيين وعرب من مختلف الجنسيات، جمع بينهم الوجع الفلسطيني وصور القتل البشعة التي جابت العالم، أمام صمت الدبلوماسية الدولية والتي بدت عاجزة وغير قادرة للتصدي لسفك الدماء الفلسطينية، كما يقول الناشط السياسي "مولدي الغربي" الذي تعرّض إلى حادث كسر فضيع في يده اليمنى، ومع ذلك لم يتخلف عن الحضور للمساندة والنصرة ودعم غزة، والذي يقول أن ذلك أضعف الإيمان، مضيفا أن الألم يفترسني، إلا أني أسررت على المشاركة في هذه الوقفة، مع أن الجبس  يحزّم يدي من أسفل أصابعي إلى حد الكتف، ورغم أن الطبيب أكد على بقائي بالمصحّة، إلا أني تحاملت على وجعي وأتيت، كي أشارك إخواني المصابين في فلسطين، حتى أريح ضميري وأسندهم من موقعي، فوجعي ليس بأغلى من دمائهم الطاهرة.. ومن جانبه يجيبنا "رضا المازني" ناشط اجتماعي، أن المهم أن هذا التجمع وقع، خصوصا اتفاق كل الفرقاء على قضية فلسطين، حيث الكل بتنوع انتماءاتهم وألوانهم ورؤاهم اجتمعوا على نصرة فلسطين، والإحساس بالظلم المسلط عليهم، وهذا اعتبره نصرا رمزيا وأدبيا لأهالينا هناك، وإن كانت فاتورة التضحيات باهظة الثمن، إلا أنها في المقابل تجعل العالم في حرج، ووجها لوجه مع مسؤولياته الأخلاقية والتاريخية، للتصدي نهائيا لأنهار الدم التي كل مرّة تسيل في فلسطين وكأن القتل مستباحا للشعب الفلسطيني الذي لا ينتمي لفصيلة الإنسان.. ومن جانبه يعلق "لخضر الوسلاتي " شاعر ولاجئ سياسي سابق، هذه الوقفة اعتبرها وقفة تضامن عابرة للحدود، خصوصا أنها بمثل هذا العدد الكبير، وأكيد في رأيي ستحدث نقلة في الموقف الفرنسي والأوروبي عموما تجاه ما يحدث في فلسطين، ومراجعته رغم أن الموقف الفرنسي موقفا متوازنا ومتميزا وليس متهورا كالموقف الأمريكي، الذي بات يثير امتعاض كل أحرار العالم، من خلال تبنيه القدس عاصمة إسرائيل، فأمريكا هي على نقيض تماما مع الموقف الأوروبي، حيث أصبحت أمريكا بوجود الرئيس "ترامب" دولة مارقة ومتصابية لا تحترم إرادة الشعوب، ولا تلتزم بالاتفاقات الدولية، وتتصرف وكأنها دولة رعاة بقر..ومن المفاجئ لنا ونحن نستجلي بعض آراء المعتصمين، تقدم منا الطفل "تيسير" ذو الثانية عشر تقريبا، وفي يده علما فلسطينيا وبعربية ممزوجة بالفرنسية صارخا أمامنا، فلسطين حرة حرة والاحتلال على برّه..المجد للشهداء، تحيا فلسطين ارفعوا الحصار عن "غزّة"، رمز العزة، الحرية لعهد التميمي إيقونة النضال ضدّ الاستعمار...    

   

هذا واستمرت الوقفة الاحتجاجية لساعات، تتخللها الصيحات الحماسية، ووزعت فيها المناشير، المندّدة بما يقع في فلسطين، والمتعاطفة مع المظاهرات السلمية في غزة، والرافضة لقرار "ترامت" بجعل القدس عاصمة لإسرائيل.. كما وزعت رسائل تصف الوضع بأنه فاق واقع التمييز العنصري "البرتايد" في "جنوب إفريقيا".. لتقرأ في خاتمة هذا التجمع مطالب مشتركة، موجهة إلى العالم ممضاة من طرف الأحزاب المشاركة، والجمعيات والمنظمات الحاضرة، والشخصيات المناصرة، والفاعلين في المجتمع المدني المساندين والذين كلهم  طالبوا  بوقف المجازر فورا، ومحاسبة الجناة..