السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
سورية في ظل تطورات الملف الايراني....نافذ سمان
سورية في ظل تطورات الملف الايراني....نافذ سمان

 

 لطالما استعصت الحالة السورية المتفرّدة على التحليل والاستدلال والتنبوء بل وحتى التخمين، لكثرة اللاعبين فيها وكثرة الملعوب بهم وكثرة الألعاب المستخدمة.

شخصيّاً توقفت عن التحليل منذ مدة طويلة، وفي الفترة الأخيرة، توقفت حتى عن طرح الأسئلة، فقد استعصت الأمور وبات توقع أيّ حل هو مجرد رمي نرد في الهواء مع الأخذ بعين الاعتبار أن النرد هنا لا متناه الحواف.

للأسف، تحوّلت الأزمة السورية لمكب نفايات، ترمي به الدول الفاعلة ما يحترق من أوراقها، أو ساحاً خلفية تجرّب به ألعابها القذرة، دون أن يخشى أحد من مسائلة ما، حتى لو كانت هذه المسائلة أخلاقية.

خرج لنا مؤخرا الرئيس الفرنسي ماكرون ليلمح أن دخول ايران على خط الأزمة كان أحد مفرزات الاتفاق النووي الايراني مع الدول الكبرى، وهذا إذا عنى شيئاً فهو يعني أن الدائرة ستدور الآن إلى الخلف، إلى ما قبل عام 2013 وأن أمريكا لم تعد تنظر بعين الرضا على المغامرة الايرانية على السواحل الدافئة.

هذا تحليل مبدئي فقط لما قاله ماكرون بانيا ذلك على خطاب ترامب الأخير الذي صرّح به علانية بإنتهاء العمل بالاتفاق الذي تركه له سلفه أوباما مع ما ترك من تركة ثقيلة جداً.

ولكن، هل الدب الروسي بريء من هذا التطور الأخير؟

لا أعتقد ذلك، فما كسبته روسيا مؤخراً على الأرض السورية يجعلها أهلاً لتسجيل النقاط حتى عندما تنتفض أمريكا وتستعرض عضلاتها.

لم يخفى على أحد تعارض المصالح بين حليفي الأرض وأعداء الأهداف، فطائرات بوتين خانت من عبر الفرات وتركتهم عرضة لنيران أمريكا وشريكتها قوات الكرد الديمقراطية، كما أننا لاحظنا ارتفاع نبرة اللوم الدائم الذي ترميه قاعدة حميميم على القوات غير النظامية التي ترعاها ايران في الأراضي السورية والتي تؤمن المخزون البشري الأهم في المعركة ككل.

استطاعت روسيا أن تفرض على الجميع أسلوب المصالحات الذي يستهجنه كل من مؤيدي الحكومة السورية والقيادة الايرانية، والذي من خلاله استطاعت روسيا أن تمنع دخول قوات ايران إلى مناطق مهمة وتنشر بدلا منها الشرطة العسكرية الروسية.

قوات الجو الروسية وإمكانياتها النارية الضاربة كانت وماتزال تحدد المعارك وأمكنتها ونتائجها، الأمر الذي يزعج إيران التي دفعت أثماناً بشرية طائلة، وجعل الحل والربط من إختصاص قاعدة حميميم التي باتت تمارس دوراً وصائياً يزعج حلفاء الأرض.

من هنا، فإن أيّ تقييد لدور ايران على الأرض، هو أعطية مجانية لروسيا التي باتت في مرحلة قطف الثمار وترغب بالاستفراد بالنصر الذي بات أقرب من أيّ وقت آخر.

فهل يقدّم ترامب الكعكة السورية برمتها لبوتين؟ أم أنه علينا أن ننتظر ألعاباً أخرى؟