الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
خطة ترشيد النفقات الحكومية غير واقعية ولا تعكس حقيقة وخصوصية مراكز المسؤولية.. 'الفريق الأهلي'وذوي الاختصاص يناقشون تقريري واقع النفقات التشغيلية والنفقات التحويلية في الموازنة العامة
خطة ترشيد النفقات الحكومية غير واقعية ولا تعكس حقيقة وخصوصية مراكز المسؤولية.. 'الفريق الأهلي'وذوي الاختصاص يناقشون تقريري واقع النفقات التشغيلية والنفقات التحويلية في الموازنة العامة

رام الله -الوسط اليوم: أوصى المشاركون في الجلسة التي عقدها الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة الذي يمثل ائتلاف أمان السكرتارية التنفيذية له بضرورة تبني الحكومة لخطة تكاملية لترشيد النفقات العامة في مراكز المسؤولية المختلفة، بحيث تكونمبنية على منهج علمي تحليلي لواقع كل مركز مسؤولية، ومراعيةلخصوصية كل منه، وملتزمة بمبدأ الشفافية فيما يتعلق بالنفقات التحويلية، وتوضيح مجالات إنفاقها في جميع مراكز المسؤولية، لتحديد أدقالأوجه للترشيد فيها.

شارك في الجلسة- التي غابت عنها وزارة المالية، الناظم الأساسي لإدارة المال العام-أعضاء منالمجلس التشريعي، ممثلين عنوزارة الصحة، ووزارة الزراعة، ووزارة التنمية الاجتماعية، وديوان الرقابة المالية والإدارية، وسلطة جودة البيئة، وسلطة الطاقة والموارد الطبيعية، ووزارة التربية والتعليم العالي، وآخرين ممثلين عن المجتمع المدني، إضافة الى مجموعة من الأكاديميين والصحافيين، ممن شددوا على ضرورة اتباع وزارة المالية النهج التشاركي مع المجتمع المدني داعين إياها للانفتاح ووضع معايير وضوابط في الصرف، مقدمين مطلباً مفادهتطوير خطة للتقشف والترشيد تحوْل بدورها إلى تخفيض العجز، وتحسين الخدمات الحكومية الأساسية دون المساس في حقوق الفقراء والفئات المهمشة، وذلك بعد أن أفضت النتائج أن خطة الترشيد الحكومية غير واقعية ولا تعكس الوضع الحقيقي لكل مركز مسؤول.

وقد افتتحت الجلسة هامة زيدان، عضو الفريق الأهلي ومديرة وحدة المناصرة والمساءلةفي ائتلاف أمان- سكرتاريا الائتلاف، والتي أشادت بدور الفريق الأهلي في تسليطالضوء على قضايا إدارة المال العام، وتقديم خطط بديلة لترشيد النفقات وتحسين جباية الإيرادات والخدمات، كما أشادتزيدان بالدور الرقابي والمهم الذي يقوم به الفريق الأهلي،وتولّيه إعداد تقارير متخصصة، تناولت عدة مجالات في إدارة المال العام، أبرزها: تقرير التقشف والترشيد، ومعالجة بند صافي الإقراض، والفجوة في الرواتب في الوظائف العمومية، وإشكالية التحويلات الطبية.وأوضحتبدورهاأنعدم وضوح خطة الحكومة في تحقيق غايتها نحو التقشف حسب الميزانية المُتخيلة التي أعدتها دفعتالفريق الأهلي لإعداد تقريرين مختصين حول واقع النفقات التشغيلية والنفقات التحويلية في الموزانة العامة، مشيرة أن توجهات الحكومة التي أطلقتها في العام 2015 نحو التقشف والترشيد لم تلمس أرض الواقع، وإنما زادت من النفقات التشغيلية المتحققة فعليا خلال الثلاثة أعوام السابقة بأكثر من مليار شيقل.

فجوة تمويلية بين الميزانية المرصودة والمصروفة

استعرض عضو الفريق الأهلي الباحث مؤيد عفانة تقريري واقع النفقات التحويلية في الموازنة العامة، حيث أظهرت نتائج التقرير أن هناك مجموعة مراكز مسؤولية ارتفعت فيها النفقات التحويلية المُنفقة فعليا، دون وجود تفاصيل حول المعايير والأسس التي يتم فيها الصرف الفعلي، كما تبين أيضا أن النفقات التحويلية المخصصة للأسر الفقيرة في تناقص مستمر، مما يشكل تهديدا لآلاف الفقراء، والفئات الأقل حظاً والأكثر تهميشاً.

بنود دخيلة على وزارة التنمية الاجتماعية

ومن جانب آخر، عَرّجَ عفانة على بعض الأمثلة التي تفيد إضافة بنود بالإكراه لا تمت بصلة لمضمون الوزارة وجل عملها، إذ يتم تحويل النفقات التحويلية بخصوصها بدون أن تنسجم مع فحوى الجسم الوزاري؛ وقد خصّ بالذكر تحميل النفقات التحويلية الخاصة "بتفريغات أو تعيينات 2005" على وزارة التنمية الاجتماعية، الأمر الذي يضخم بشكل مضلل نصيب وزارة التنمية الاجتماعية من النفقات التحويلية، إذ بلغ الإنفاق الفعلي لوزارة التنمية الاجتماعية لعام 2017 مليار ومليوني شيكل، في حين شغلت "تفريغات 2005" منه 200 مليون شيكل، أي حوالي 20% من ميزانية وزارة التنمية الاجتماعية.

النفقات التشغيلية مُتخيلة وغير واقعية

كما استعرض الباحث واقع النفقات التشغيلية في الموازنة العامة، والذي هدف إلى دراسة واستقصاء واقع النفقات التشغيلية لدى بعض مراكز المسؤولية المستحوذة على أعلى حصص من الموازنة، والبحث في أوجه الترشيد فيها؛ حيث حددت الدراسة كل من وزارة الصحة، المجلس التشريعي، هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية، سلطة المياه، ووزارة الخارجية لدراسة ماهية النفقات التشغيلية ضمنها.

وقد أظهرت نتائج التقريرأن هناك توجّهاً من قبل الحكومة لتخفيض النفقات التشغيلية إلا أن البيانات المتحققة فعليا لم تعكس ذلك. كما أظهر التقرير أنه وبالرغم استحواذ وزارة الصحة على حصة الأسد من إجمالي النفقات التشغيلية، حيث تبلغ قيمة الإنفاق الحكومي على وزارة الصحة حوالي 11% من إجمالي النفقات العامة، إلا أن النفقات التشغيلية المخصصة للوزارة من وزارة المالية والتخطيط لا تكفي الاحتياج الفعلي، وتوجد فجوة تمويلية فيما بينها وبين الاحتياجات المالية الواردة في الاستراتيجية الصحية الوطنية 2017-2022.

تغذية مراكز مسؤولية مشلولة

أظهر التقرير أنه وبالرغم من شلل وتعطل المجلس التشريعي منذ العام 2007، إلّا أنّه يستهلك موازنات ومخصصّات ماليّة من الخزينة العامة، جزءٌ منها رواتبُ العاملين والموظفين في المجلس، وجزءٌ آخر لا توجد له مبرراتٌ في ظل تعطل المجلس التشريعي منذ 12 عاماً مثل صيانة سيارات النواب وتأمينها وموازنة مكاتب النواب. ومن خلال مراجعة أعداد الموظفين العاملين في هيئة الإذاعة والتلفزيون، المصنفون المثبتون أو الموظفون بعقود، فقد تبين وجود جيش من الموارد البشرية الذي يثقل كاهل موازنة هيئة الإذاعة والتلفزيون، ما يستوجب إعادة النظر في أعداد الموظفين سيما أن العديد منهم مدرج كموظفي عقود، وتصنف رواتبهم ضمن النفقات التشغيلية على الرغم من صرف ملايين الشواقل على شراء برامج خارجية، والسؤال هنا لماذا لا يتم انتاجها من قبل هذا الجيش؟

غياب المعايير يشكل تربة خصبة للفساد

وأشار الدكتور عزمي الشعيبي، مستشار مجلس الادارةلشؤون مكافحة الفساد في ائتلاف أمان إلى أن غياب خطة ومعايير واضحة لترشيد النفقات في كل مركز مسؤولية، ووجود عجز مستمر في الموازنة العامة يخلق بيئة مواتية لفرص الفساد، حيث أن وجود العجز المستمر يحتم توزيع أولويات الإنفاق بناء على توجهات فردية ومساومات بين مركز المسؤولية ووزارة المالية، وليس بناء على أسس ومعايير واضحة لتحديد أولويات الإنفاق.

تقويم النظام الصحي حاجة مُلحّة للمواطن الفلسطيني

ومن جانبه عقّب سامر جبر من وزارة الصحة على التحليل الاقتصادي المطروح، وعلل بدوره أسباب الخلل في إعداد الميزانية لوزارة الصحة، إذ أشار أن المنحنى يشكل فارقا كبيرا  بين المقدّر والفعلي، وأعاد ذلكللمسح القبلي المعمول به لوزارة الصحة ما عنونه بوجود "فجوة تمويلية"على حسب تعبيره؛ فالمبلغ الذي تنفقه الوزارة على شراء الخدمة أكثر بكثير من المرصود، ويعود ذلك لحساسية الخدمات الصحية المقدّمة والتي لا يمكن تأجيلها، لماتعكسه من بعد حقوقي وإنساني في جل عمل الوزارة. وقد أشار جبر أيضا لما أسماه "بضرورة الترشيد فيما يخص توطين الخدمة"، إذ قامت الوزارة بتخفيض التحويلات للخارج، وإعادة ضخها وتحويلها للمستشفيات المقدسية التي تقدم الخدمة ذاتها. وفيما يخص مرضى السرطان وتكلفة علاجهم الباهظة جدا، أعلن جبر عن المشروع الضخم الذي تشرف الوزارة عليه، وهو تأسيس مستشفى خالد الحسن لعلاج الأمراض السرطانية، وعليه سيكون هناك انخفاض واضح في نفقات العلاج بالخارج.

وأتفق جبر مع ضرورة وجود نظام تأمين صحي وطني تكافلي شامل،يمكّن المواطن الفلسطيني من التمتع بحقه في الحصول على العلاج، وأوضح جبر أن قضية وجود تغطية صحية شاملة تندرج على سلم أولويات الوزارة، حيث أفادت الدراسة الأخيرة في عام 2017، بوجود 75% من المؤمّنين (95% في غزة و 64% في الضفة)آملاً أن تصل نسبة المؤمّنين مستقبلا الى 100% عند اعتماد نظام صحي جديد.

إرهاق الخزينة العامة

وفي مداخلة لوزارة التنمية الاجتماعية، أضافت السيدة هنادي براهمة، مديرة الموازنة في الوزارة،أنه نسبة النفقات التحويليةلموازنة التنمية الاجتماعية بلغت نحو 92% وهي موجهة للمستفيدين من خلال الخدمات التي تقدمها الوزارة، وعلى رأسها برنامج التحويلات النقدية، الذي يخدم نحو 112 ألف أسرة فقيرة، أما النفقات التشغيلية، فنسبتها 5.7% من موازنة وزارة التنمية الاجتماعية، ويندرج في إطارها العاملين في الوزارة وعددهم 1400 موظف مختص، 12% منهم فقط من الإداريين والباقي منهم منالكادر الميداني العامل في المديريات.كما أشارت براهمة الى اهميةرصد ميزانية اضافية للخدمات الاجتماعية، موضحة أن بعض الخدمات مرهونة بوجود برامج مؤسسات مانحة، كاليونيسيف وصناديق الأمم المتحدة لدعم النساء والسكان.

وقد سلطت براهمة الضوء على وجود تراجع في رصد الأسقف المالية منذ عام 2015، وأن خطط ترشيد الإنفاق يجب أن تكون مدروسة ومتخصصة لكل قطاع، مشيرة الى أن خطط ترشيد الانفاق يجب ألا تمسبوزارة التنمية الاجتماعية، نسبة لرسالتها، والبرامج التي تقوم عليها، وهيكل وصفها الوظيفي.

وفي تعقيب لبراهمة حول تفريغات 2005، أوضحت أن هناك 11850 شخص مدرج على "تفريغات غزة - 2005" لاعتبارات سياسية، وقد أضيف عليهم مؤخرا 60 اسم، لا تعلم عنهم وزارة الشؤون الاجتماعية شيئا على الرغم من أنهم مدرجين كبند في وزارة التنمية الاجتماعية".

وفي ختام الجلسة، انتقدت نجاة أبو بكر، عضو المجلس التشريعي النفقات التشغيلية والتحويلية لدى المجلس التشريعي، حيث بلغت النفقات التحويلية الخاصة به والمتحققة نحو 12 مليون و400 ألف شيكل، وجميعها رواتب أعضاء مجلس تشريعي، مشيرة للنفقات الأخرى كتأمين وترخيص مركبات نواب  دون آخرين مقطوعة رواتبهم لاعتبارات سياسية، بالإضافة الى نفقات سفريات وهمية أو غير مبررة (مثل زيارة النواب وبعض الاداريين لحلف الناتو) ومكاتب نواب معطلة وتحصل على نفقات ترهق الخزينة العامة دون وجود أي مبررات لوجودها. وقد رأت أبو بكر ضرورة إيقاف كافة النفقات التشغيلية والتحويلية للمجلس التشريعي المعطل، وإحالة الأموال لوزارة التنمية الاجتماعية وتحديدا لبرنامج تمكين الأسر الفقيرة.