الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
'رياضة الكسب المشروع..!!' ....عبد الهادي شلا
'رياضة الكسب المشروع..!!' ....عبد الهادي شلا

 

 تقول الحكمة:"العقل السليم في الجسم السليم".. لذلك كانت الحركة الدائمة للإنسان سعيا وراء احتياجاته منذ خُلق..

ينصح الأطباء والباحثون الإنسان بالحركة أو المشي على أقل تقدير نصف ساعة في اليوم ليتخلص من شوائب الجسم ويحرق السعرات الزائدة التي يترتب على وجودها في الجسم أمراض أقلها امراض السكر والضغط اللذان يحتلان الصدارة في أمراض العصر لقلة الحركة وتناول الأطعمة المتنوعة والعالية السعرات الحرارية وتحتاج إلى مدة أطول في حرقها بينما يصر إنسان العصر على تجربة الكثير من الأطعمة السريعة ذات المذاق اللذيذ والتي في أكثرها تحتوي على مواد حافظة ودهون مما يسهل ترسبها في الدم وتكون نتائجة السريعة أمراض قد تكون قاتلة. 

 

في الحقب الماضية وقبل اختراع وسائل النقل الحديثة من سيارات وطائرات وغيرها ،وقبل التعامل مع الأجهزة الألكترونية التي يتطلب التعامل معها المكوث لساعات على كرسي دون حركة ملحوظة ومؤثرة كان الإنسان كثير الحركة، وطعامه طبيعيا ،وكانت امراض تلك الحقب أقل ضراوة وفتكا إلا في حالات الأوبئة التي لم يكن الطب قد وصل إلى اكتشاف علاج لها بشكل شمولي.

 

في الحديث الشريف: " علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل"..

 

لاشك أنها ضروريات المرحلة في ذلك الوقت فهي تربي وتبني الجسم بناءا صحيا يحميه من الأمراض لأن هذه الرياضات أو التدريبات إن صح التعبير تتطلب مزيدا من الطعام لبنائه لكنها لا تمكث طويلا إذ سرعان ما تذوب نتيجة التعلم على السباحة والرماية وركوب الخيل التي كانت ضرورية أيضا في الحروب والدفاع عن النفس التي تنضبط بها،وغيرها من الأعمال التي كانت في أكثرها يدوية وتحتاج إلى جسم سليم.

 

كذلك فإن سلامة الجسم يترتب عليها شعور نفسي مريح يعطي المزيد من الوقت للعقل أن يتفكر وينشط في ملاحظة ما حوله فيبدع في الاكتشاف والابتكار وتنصلح بالعقل السليم العلاقات بين الناس فلا تتحكم فيها عصبية ولا جهل بل ينتج عنها سماحة ومحبة ترتقي بالمجتمع وتنعكس على باقي أوجه الحياة فيه.

 

نعيش هذه الأيام موسما عالميا لرياضة كرة القدم يقام في روسيا وسط استنفارعالمي من قبل محبي هذه الرياضة والأندية،وقد قطعوا المسافات الطويلة من شتى بقاع الأرض وارتحلوا إلى روسيا للمتابعة عن كثب،بينما ملايين المشجعين يتابعون من أماكنهم عبر القنوات الفضائية العالمية التي تنقل كل المباريات مباشرة في وقتها.

 

ومنذ نشأة هذه الرياضة حيث تقام لها مثل هذه الدورات كانت لها سمة جميلة وصفة أكثر حميمية بين المشجعين حول العالم رغم أن بداياتها لم تكن وسائل الاعلام بهذا الكم والتنوع الذي يوفر المتابعة بل ربما لم يكن التلفاز قد دخل بعض البلاد.

 

منذ سنوات ليست بعيدة تحولت هذه اللقاء الرياضية العالمية إلى "تجارة وكسب مشروع" يبدو واضحا في الأرقام الخيالية التي يتقاضاها اللاعبين من أصحاب الأندية  - ونحن نسمع عن شراء ناد للاعب معين من قبل ناد أخر بمبالغ خيالية -أو بالمكافأت الضخمة من دولهم ورعاية غير عادية تتفوق على رعاية فروع كثير من الفنون والعلوم التي تحتاجها الإنسانية ،ولا تقتصر هذه الرعاية على الدول الغنية التي تغدق على لاعبيها بل وصلت إلى الدول الفقيرة أيضا والتي نلاحظ أنها أكثر الدول التي تصدر اللاعبين الأكثر تفوقا ونجاحا عالميا.

 

في بلادنا العربية كانت الستينيات وهي سنوات الاستقلال بداية الاهتمام الأكثر برياضة كرة القدم بجانب الرياضات الأخرى وانشغلت الجماهير بمتابعتها رغم الحاجة إلى بناء المجتمع الذي كان يتطلع إلى صياغة فرد بروح حرة جديدة .

 

المنافسة تتطلب روح رياضية بمعنى المرونة والتسامح لأن كل رياضة غير فردية معروف مسبقا أن فيها منتصر ومهزوم،لكن المؤسف أحيانا  نجد المنافسة تتحول إلى اتهامات وعداوات تخرجها عن أصلها،وهذا ما لا يتمناه أبداً أصحاب الروح الرياضية الحقة.