الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
تقرير لمركز معا: مركز للتأهيل النفسي في رام الله يروّج للعضوي
تقرير لمركز معا: مركز للتأهيل النفسي في رام الله يروّج للعضوي

رام الله-الوسط اليوم:سلط تقرير أخير لمركز العمل التنموي/ معا الضوء على تنامي الوعي بالمنتج العضوي فلسطينياً من خلال تشجيع هذا النوع من الزراعات، مستشهداً بنموذج مركز جبل النجمة لتأهيل الإعاقة الفكرية والكائن في بلدة أبو قش- رام الله، والذي استغل في السنوات الأخيرة المساحات الفارغة لإنتاج النبات العضوي الذي يسوق له من خلال شركة عدل للتجارة العادلة.

جاء في التقرير المعد من قبل الصحفية ربى عنبتاوي "يرى الزائر للمركز صفوفاً متوازية من الخضراوات والنباتات الورقية مختلفة الأصناف، والتي تتميز بأنها نظيفة من الكيماويات ما يجعل المحصول يباع بوقت قياسي، حيث ازداد الطلب مؤخراً على المنتج العضوي مع تنامي الوعي بمخاطر الزراعة بالمدخلات الكيماوية".

انضمام مركز النجمة لأصحاب الحيازات العضوية، ضمن توجه للعودة للزراعة الأصيلة برز مؤخراً فلسطينياً مع انتشار ما يزيد عن 250 مزرعة عضوية صغيرة وفق الخبير الزراعي سعد داغر.

يتحدث الخمسيني المتعلق بالأرض صالح حمدان المكنى "أبو أنس" عن تجربة المركز في هذا المجال: "عانى المكان باستثناء أشجار السرو من مساحات جرداء غير مستغلة، كما تُركت مائتي شجرة زيتون عرضةً للأمراض والجفاف بسبب عدم التقليم، ما دفعني لمعالجة الشجر أولاً ومن ثم استصلاح الأرض وزراعتها". يقول حمدان الذي انضم لأسرة المركز منذ سبع سنوات.

 

مزرعة صغيرة لكن منتجة

استصلح حمدان قطعة ارض مساحتها 600 متر مربع، عبر تسويرها ومن ثم وضع تراب مخلوط بالزبل، في البداية زرع فيها ألف شتلة خيار كتجربة، وقد كانت ناجحة فأنتجت ما معدّلهُ 50 كغم يومياً وقد بيع كل المحصول للموظفين، في العام الثاني بدأ حمدان بزراعة عدة أصناف مثل: الفاصولياء، الباذنجان، الملوخية، الكوسا، الجرجير، النعنع، البقدونس، الذرة، الخس، الزهرة، الملفوف والقرنبيط، وقد تم الاتفاق مع شركة عدل للزراعات العضوية لتسويق المنتج.

عدا هذه الأرض؛ يزرع المركز بإشراف حمدان دفيئة بلاستيكية مساحتها 200 م2 بالخس والسبانخ، وعلى قطعة ارض بذات المساحة يزرع الزعتر. يشير حمدان إلى أن ربح مزارع المركز سنوياً من الزراعات العضوية يصل إلى 17 ألف شيقل.

 يمدُّ حمدان أنابيب الري بالتنقيط لتوفير 80% من احتياج النباتات، وتؤمّن ثلاثة آبار لتجميع مياه الأمطار جزءا من حاجة المزروعات فيما تتكلف المزرعة باحتياجها المتبقي من البلدية. وللتسميد العضوي فيوفر قنُّ الدجاج وبيت الأرانب بعض الزبل البلدي، لكن الكمية الأكبر تُشترى من مزارع الدجاج. ولمكافحة الآفات فلا يستخدم حمدان نهائياً الكيماوي، ويلجأ لزراعة نبتة "الشيبة" التي تجذب الحشرات فتبعدها عن المحصول، مؤكداً أن الزراعة المتنوعة كما يعتمد، تمنع انتشار الآفات.

يشير حمدان إلى وجود وحدة معالجة بدائية للمياه العادمة أنشئت قبل 12 عاماً، تعمل وفق نظام الفلترة بالحصى والرمل من خلال تمرير المياه بعدة مراحل عبر قواطع (مناخل) لتصبح نقية بلا شوائب. تستخدم هذه المياه لري شجرات الجوز ونباتات الزينة.  

الجميل في مركز النجمة وفق حمدان هو مشاركة ذوي الاحتياجات الخاصة في عملية الزراعة، فمنهم من يقطف الثمر، ومنهم من ينظف الأرض من الحجارة، كما أن بعضهم أحب هذا العمل فبات يزرعه في قريته.  

يركز جبل النجمة الذي يعد أحد مؤسسات الكنيسة المورافية العالمية، في عمله على الأشخاص ذوي الإعاقة الفكرية ويوفر خدمات تهدف لدمجهم مع أقرانهم في المجتمع بالإضافة إلى تأهيلهم وتدريبهم. يعمل المركز على نشر الوعي العام عن احتياجات وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ويتعاون مع الأهالي لتحقيق ذلك.

حمدان ينشر ثقافة العضوي في قريته

حمدان إبن الريف لا يطبق العضوي لأنه ينفذ أوامر المركز فقط، بل لأنه مؤمن بالزراعة العضوية وهذا ما يمارسه في قريته "دورا القرع" شمال رام الله حيث يزرع أرضه ويسمدها بالزبل، ويقول: "كرهت الكيماوي حين احضر جدي مرة "سماد الأمونياك" الذي حرق لنا محصول السبانخ ودمر التربة وقتل الدود المفيد للأرض... أنا استخدم الزبل البلدي وأحاول نشر ثقافة العودة للزراعة الأصيلة بلا كيماويات في قريتي، وأول من تأثر بتجربتي شقيقي".

يقرُّ حمدان بأن كثيراً من المزارعين للأسف يستخدمون الكيماوي ويبيعونه للناس، وبعضهم ولاستهلاك أسرهم يزرعون ذات المحصول بالزبل البلدي، إقرارا منهم بأضرار الأول، ولكن بذات الوقت استهتاراً بغيرهم، مضيفاً: "الكيماوي هو شرٌ يجب الابتعاد عنه".

"العضوي له مذاق مميز وينمو بموسمه وليس كما نرى اليوم خضاراً بلا طعم أو رائحة وبشكل مختلف، فالبندورة مثلاً لم تتوفر طوال العام في الماضي، وكانت الناس راضية وغير متذمرة، بل تواظب على تجفيفها لتناولها شتاءً بعد تحميصها". يقول حمدان.

"عندي أفكار لعمل مزرعة نموذجية على طريقة البيرماكلتشر، تضم النبات والحيوان ودفيئة زراعية، وبركة ماء لتربية الأسماك للزراعة وفق طريقة الهيدروبونيك، كما أسعى لتوليد الكهرباء وفق نظام الطاقة الشمسية". يخطط حمدان للمستقبل.

يعتبر حمدان الذي يعمل حسب الطلب في تصميم الحدائق والمزارع العضوية، المهندس "سعد داغر" الذي يلقب بالأب الروحي للزراعة البيئية أحد أهم المؤثرين في توجهه الزراعي، فهو يقدم المساعدة دائماً للمزارعين، ويقترح عليهم الأفكار الزراعية البيئية.

قمة سعادة حمدان حين يشتري الناس خضارَ المركز ويشكرونه لأن الخضار العضوي عدا الطعام المميز فمدة صلاحيته طويلة ويستمر بالثلاجة حتى شهر، فيما تعطب الخضار الكيماوية بعد خمسة أيام.