الخميس 18/9/1445 هـ الموافق 28/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
دولة غزة الفلسطينية...حمادة فراعنة
دولة غزة الفلسطينية...حمادة فراعنة

 

 في تناغم وتنسيق وتكامل سياسي تعمل واشنطن على شطب حقوق الشعب الفلسطيني سياسياً ودولياً، مثلما تعمل المستعمرة الاسرائيلية على اتخاذ الاجراءات، وصياغة القرارات الأمنية والادارية والقانونية على الأرض وفي الميدان، بما يتفق مع التوجهات الأميركية الاسرائيلية لتكييف الوضع الفلسطيني وجعل سلوكه الأمني خاصة بما لا يتعارض مع مشاريع التوسع الاستعماري الاسرائيلي في بلع أغلبية مساحة الخارطة الفلسطينية، كي تشمل كامل أراضي الضفة الفلسطينية دون شعبها، وأن يقتصر العنوان الفلسطيني على قطاع غزة فقط.

بداية علينا أن نتذكر أن الضفة الفلسطينية بمعايير اليمين الاسرائيلي اليهودي المتدين هي الأهم، فلا أثر لليهود في مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، بينما تراث اليهود الديني يقع في الخليل ( قبر ابراهيم الخليل) وبيت لحم ( قبر راحيل ) ونابلس ( قبر يوسف ) وهكذا مما يشكل مطمعاً استعمارياً ذا خلفية عقائدية، بينما قطاع غزة لها أثر سلبي على عقلية اليهودي السلفي المتزمت.

على المستوى السياسي يعمل الفريق الحاكم بقيادة نتنياهو على جعل غزة عنوان الدولة المنشودة وعاصمتها، ويُتبع لها مواطني الضفة الفلسطينية بدون أرضهم، أي بدون سيادة فلسطينية وهذا يحقق ثلاثة أهداف مقصودة للاسرائيليين : الأول اشباع رغبة الفلسطينيين في الحفاظ على هويتهم الوطنية، والثاني التخلص من الثقل السكاني بعدم ضمهم كمواطنين لسكان المستعمرة الاسرائيلية أي لن يكونوا مواطنين اسرائيليين، وثالثاً تحقق القرار الدولي بتنفيذ حل الدولتين مع الاختلاف على حجم الجغرافيا، أي دولة المستعمرة الاسرائيلية بخارطتها الجديدة التي تضم مستعمرات الضفة الفلسطينية، ودولة فلسطين تقتصر سيادتها على قطاع غزة، ويُتبع لها مواطني الضفة الفلسطينية الذين يحتفظون باقامتهم في مدن الضفة الفلسطينية، ويملكون حق الانتخابات البلدية لبلداتهم، وحق الانتخابات البرلمانية لدولتهم الفلسطينية وعاصمتها غزة.

حكومة المستعمرة الاسرائيلية تراهن على العامل الفلسطيني الضعيف الممزق غير القادر على المقاومة، ولا يملك الطاقة على احباط المشروع، وعلى جلب حماس لمثل هذا المشروع التي تستجيب له واقعياً وترفضه سياسياً ومبدئياً، ولكنها تعمل على التوافق معه، والتناغم مع مصالحها الحزبية في شرعنة وجودها وادارتها بعدما فشلت لثلاثين سنة لتكون بديلاً عن منظمة التحرير، ومنذ الانقلاب 2007 بديلاً عن سلطة رام الله، فها هي تدخل معترك التكيف وتمر بنفس المحطات التي مرت بها حركة فتح وتحولهما من تنظيمات كفاحية تستهدف هزيمة العدو وتحرير الوطن، الى تنظيمات كفاحية تُقاتل من أجل الحفاظ على السلطة والوظيفة والمكاسب والامتيازات، وجهدهما وجهادهما له الأولوية في مقارعة الأخر الفلسطيني، وليس مقارعة العدو، وكلتاهما تستمدان بقائهما في السلطة من رضى العدو الضمنية وموافقته، رغم أن ولادتهما تمتا بفعل النضال والتضحيات، وشرعيتهما حصلتا عليها بفعل صناديق الاقتراع، ولكن ذلك توقف بفعل صراعهما المستميت على السلطة والحفاظ عليها وتكريسها : فتح في رام الله وحماس في غزة.

مازلنا نتحدث عن مخططات العدو، ولم نتطرق لمعيقات هذا المخطط، وعن فعل الشعب الفلسطيني لاحباط هذا المشروع !!.

* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.