الثلاثاء 7/10/1445 هـ الموافق 16/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
متوالية ألأزمات السياسيه الفلسطينيه...د.ناجي صادق شراب
متوالية ألأزمات السياسيه الفلسطينيه...د.ناجي صادق شراب

يعيش الفلسطينيون في بيئه سياسيه معقده، تتوالد فيها ألأزمات بشكل  غير مسبوق لكل حركات التحرر الوطنيه التي قادت للتحرر والإستقلال. قد تعزى هذه الأزمات لعوامل تتعلق بالفلسطينيين أنفسهم ، وبعضها يتعلق بإسرائيل ، وثالثه تتعلق بالعوامل الخارجيه. وهذا كله نابع من ماهية وطبيعة القضيه الفلسطينيه. وفى علم إدارة الأزمات جرت العاده على التمييز بين المتغيرات الرئيسه والمتغيرات التابعه في أي أزمه، وبداية الحل تكون بتفعيل المتغير الرئيس وعدم تحوله لمتغير تابع. في الحاله الفلسطينيه بدلا من أن يلعب الفلسطينيون دور المتغير الرئيس تحول دورهم لدور المتغير التابع، ولذلك ألقت العوامل الخارجيه بما فيها المتغير الإسرائيلى دورها السلبى ، وزادت من حدة التعقيدات وألأزمات السياسيه، الخطوة الأولى وقبل الحديث عن هذه الأزمات التأكيد على الحاجه للإطار البنيوى الذى من خلاله يتم إدارة أي أزمه، وهذا ليس متوفرا ،الإطار البنيوى او النظام السياىسى أحد أهم مبادئ إدارة وحل الأزمه، كيف لنا وهذا ألإطار هو نفسه يشكل ألأزمه ألأساس.لا يسمح بعملية ألإستيعاب والإحتواء والمشاركه.  وعليه يمكن القول أن الأزمه الأساس التي منها تتوالد وتبرز العديد من ألأزمات ، الفشل في بناء نظام سياسى توافقى ديموقراطى يعبر عن خصائص البيئه السياسية الفلسطينية ، ويكون قادرا على الإستجابه والتكيف مع المعطيات والتحولات في هذه البيئة الداخلية والإقليمية والدولية المتسارعة في متغيراتها ، ولعل بيئة النظام السياسى الفلسطينية مقارنة باليئات السياسية للنظم السياسيه المستقره انها اكثرها تطوراـ وتعرضا للمتغيرات المتحولة، فعوامل التطور كثيره، سكانيا وهذا اهم العوامل ، التغير في عدد السكان بشكل ملحوظ وما يصاحب ذلك من ارتفاع سلم ألإحتياجات والمطالب والتوقعات، كان أكبر من قدرة النظام السياسى وعناصر القوة المتاحه له لأسباب كثيره منها تحكم إسرائيل في الموارد الطبيعيه، ولا يمكن تجاهل أيضا عوامل الفساد وألأزدواجية ، والإنفاق الحكومى الكبير والبيروقراطية الإدارية المتخمة، ومن مظاهر التحول أيضا التي لم يستوعبها النظام السياسى الفلسطينيى عدم قدرته على التعامل والتكيف مع ظاهرتين سياسيتين كانا يمكن أن تجعل النظام السياسى الفلسطيني أكثر ديموقراطية، ظاهرة تطور مؤسسات المجتمع المدنى والتي بدلا من أن تساهم في البناء الديموقراطى وتقلل من تغول النظام السياسى الفلسطيني الذى طغت عليه الأساليب الأمنية والعسكرية على المدنية، فتحول البناء المدنى لحالة مترهلة تابعه، والظاهرة الثانية التعددية الحزبية المتنافسة والمتناقضة في رؤاها السياسية وخصوصا بين حركتى حماس وفتح، وبدلا من إستيعاب وإحتواء هذه القوى السياسية في إطا رمن نظام سياسى ملزم للجميع ومن خلاله تساهم وتشارك كل منها في صناعة القرار، خلقت كلها نظامها السياسى الخاص، وهذا قد يكون احد اهم أسباب فشل عملية المصالحة، والتي تكمن في فشل الخيار البنيوى ، فاصبحت لحماس بنية سياسيه كامله غير قادره أن تقبل بما هو قائم، والنظام السياسى القائم لا يسمح بإستيعاب وإحتواء كل الفصائل والقوى السياسية في إطار من نظام سياسى الكل يشارك ويساهم فيه، ويشعر انه احد مكوناته. ولقد توفرت هذه الفرصه السياسية التاريخية بعد نجاح الانتخابات الفلسطينية التشريعية عام 2007 التي فازت فيها حماس ، ويسجل للرئيس عباس تقبله نقل السلطه، وبدلا من ان تكون هذه الإنتخابات هي البدايه لبناء النظام السياسى الديموقراطى الفاعل، يبدو ان كل من حماس وفتح لم تتخلص من تصوراتهما ومدركاتهما السياسية، فحماس لم تبدى إستعدادا كافيا للقبول بنظام سياسى تعددى والقبول بالتحول من نظام احادى تسيطر عليه لنظام أكثر تعددية، وحماس وهنا تكمن خطورة الفوز في ألإنتخابات انها تعاملت مع الانتخابات لمرة واحده وكان هدفها كيف يمكن أن تصبح هي القوة المسيطرة والمهيمنة، ولهذا لا يمكن لى أن أستبعد ان أحد اهداف سيطرتها على السلطه التي هي جزء منها هو التحول بغزه من بنية إنقسام إلى بنية مستقله تكون النواة لحركة حماس ، ولحركة ألأخوان وهنا تأتي التغيرات الخارجية على المتغير الفلسطينيى ، وهذا يفسر لنا فشل التجربه السياسية الفلسطينية، وفشل الكل في تحقيق خياراته. إذن ألأزمه هنا مركبه أزمة بناء سياسي ، وأزمة تصورات ومدركات سياسيه وبدون التغلب على هاتين ألأزمتين لا أعتقد اننا سننجح في إنهاء المصالحه نحو بناء نظام سياسى ديموقراطى تشاركى،وبسبب هذه ألأزمة توالدت العديد من ألأزمات، وبرزت لدينا العديد من ألأزمات السياسيةكأزمة الشرعيه والثقة السياسية، وأزمات إقتصاديه كالفقر والبطالة ، وعدم القدرة على بناء إقتصاد مقاوم، وأزمات إدارية بالتخمة الوظيفية التي تلتهم كل الموارد المالية ،وأزمات ذات طبيعة امنية عسكرية بإضفاء طابع الهيمنة والغلبة لهذه المؤسسات مما يضعف القرار السياسيى المدنى ، وأزمات ذات طبيعة إجتماعية تتمثل في ألإنقسام المجتمعى ، وأزمات ذات طبيعه ثقافية بإنتشار ثقافة العنف والتشدد والتطرف، وأزمات برامجية سياسية وأيدولوجية تتمثل في تصور كل فصيل ان خياراته وأيدولوجيته وعقيدته السياسية هي ألأفضل وألأمثل، كل هذا في النهاية سيولد أزمة خيارات معقده، وستفشل كل الخيارات السياسية وخيارات المقاومه في خيار ناجح يحتاج لبيئة سياسيه فاعله قادره على التكيف والإستجابة,وأنهى بدون بناء النظام السياسى الفلسطيني ، وبدون إجراء الانتخابات وتجديد شرعية المنظومة السياسية القائمه سنبقى بعيدين عن خيار إنهاء الإحتلال وقيام الدولة ,

دكتور ناجى صادق شراب

[email protected]