الجمعة 19/9/1445 هـ الموافق 29/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
عام على مسيرات العودة: بداية النهاية أم نهاية البداية!!....دكتور ناجى صادق شراب
عام على مسيرات العودة: بداية النهاية أم نهاية البداية!!....دكتور ناجى صادق شراب

قبل عام  وتحديدا في الثلاثين من مارس ، تاريخ يوم ألأرض بدأت مسيرات العوده التي رفعت شعار العودة الكبرى ، ولم يكن يتوقع أحد أن تستمر عاما كاملا لتبدأ مسيرة العام الثانى. فالرهان أنها مجرد مسيرة عابره وتنتهىبإحتفالية كبرى كما إعتدنا ذلك كان الخاسر الأكبر. وهذا أول إنجاز يسجل لهذه المسيرات ، ولا شك نجحت المسيرات في إرسال رسائل قوية لإسرائيل أولا وهى المستهدف أساسا من هذه المسيرات ، والرسالة يبدو أن إسرائيل قد إستوعبتها حتى ألآن وهى ان هذه المسيرات لن تتوقف طالما هناك حصار وإعتداء على الشعب الفلسطينيى في غزة ، وهذا مهم جدا إدراك الهدف والقدرة على تحقيقه عامل مهم في إلزام إسرائيل. لقد وصلت إسرائيل لقناعة أن الحرب وقبل ذلك شنت ثلاثة حروب لن توقف هذه المسيرات. ونجحت في أن جعلت من معاناة غزة قضية إهتمامإقليمىودولى، وهنا يبرز دور مصر الشقيقة الكبرى والحاضنه لغزة تاريخيا بمساعيها المتواصله للحيلولة دون الحرب، وهذا عامل إضافى يسجل للدور المصرى في منع الحرب. وفى الدور الأممى الذى يقوم به ممثل الأمم المتحدهميلادينوف المدعوم بموقف الأمين العام للأمم المتحده والموقف الأوروبى والذى جعل من غزة قضية مفروضه على الأجندات الإقليمية والدولية ، ولكن وعلى أهمية هذا الاهتمام فقد يكون له جانبا سلبيا، ان يعمق من التوجه الدولىوالأمريكىوالإسرائيلى في تعميق حالة الإنقسامالسياسى وتحولها لحالة سياسيه مستقله، ومن ثم تصبح غزة بحكم خصائصها الجيوسياسية والطبوغرافية والسكانية هي نواة الدولة الفلسطينيهالتى يمكن التحكم في كل مداخلها، وإبتداء ورغم نجاح مسيرات العوده في الإستمرارية لعام كامل ومستهلة عاما ثانيا إلا نقطة الضعف الكبرى بل القاتله أنها تتم في ظل بيئة سياسية فلسطينية منقسمه، فالإنقسام سيلقى بكل تداعياته على أي نتيجة لهذه المسيرات.ولقد ساهمت عوامل كثيرة في نجاح هذه المسيرات، ولعل العامل الأكثر أهمية هو الصفة النضالية التي تتشكل منها الشخصية الفلسطينية ، فالشعب الفلسطيني تحركه هذه الصفة النضالية ، وهى ليست قاصرة على غزة بل تمتد أيضا للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية الذى لم يقف ساكنا او صامتا ـ بل قدم العديد من الشهداء ،وقام شبابه بالعديد من العمليات ردا على ما يجرى في القدس، وبمواصلة الإستيطانوالإعتقالاتوالإقتحامات للمدن الفلسطينية.وهذا ما ينبغي للقيادهالفلسطينيه أن تدركه وتقدره، وتوفر كل الفرص لأن يعبر عن رفضه، ولذلك كان من الخطأ الكبير الذى سجل على حركة حماس التصدي لمسيرات بدنا نعيش، لأنى أعتقد أنها جزء من المسيرات الكبرى. والسبب الثانى في نجاحها حتى الآن توفر الإطار التنظيمى الذى يوجهها، فهنا القرار قرار وطنى ، وهو ما يوفر لها مرجعية شرعية تستمدها من التوافق الوطنى ، وهذا الدرس موجه للفصائل ، لو كانت المسيرات تابعة لحماس أو لأى فصيل فقط لكتب لها الفشل. اما السبب الثالث لنجاحها إبداعاتها في آلياتها وأساليبها ، فمن الكاوتشوك للبالونات الحارقه، للدور العسكرى للمقاومة المدافع عنها. رغم هذه النجاحات التي تسجل لمسيرات العودة الكبرى لكنها تحتاج للمراجعة النقدية الذاتية دائما حتى لا تفقد بوصلتها وأهدافها الحقيقية. أولا الأهداف والآليات:لا ينبغي الذهاب بعيدا في أهداف هذه المسيرات، فصحيح أنها تتم تحت هدف العودة الكبرى ، وهذا الهدف مجرد محفز ، فالكل يدرك أن هذا الهدف الإستراتيجى البعيد يفوق قدرات غزة ، وقدرات المقاومة فيها، فتحديد ألأهداف والتمييز ما بين ألأهداف الواقعية القابلة للتنفيذ وألأهدافالبعيده مهم ان يكون في إدراك وفهم الجميع، ومن ناحية أخرى عدم الذهاب بعيدا في تصوير المسيرات بانها هدفها التحرير وإنهاء الاحتلال، بقدر التأكيد على أن هذه المسيرات التأكيد على الثوابت الوطنية الفلسطينية والتي تشكل الحد ألأدنى لأى حراك سياسى. ومن ناحية ثالثه الآليات والأساليب، فالهدف ألأساس للمسيرات الطابع السلمى وهو الذى يمنحها القوة والدعم الدولى ، ومن ثم الإنحراف عن هذه ألآليات وتحولها لطابع عسكرىأو أن تكون وسيلة ومبررا للحرب فهذا من شانه ان يفشلها ويفقد الدعم الشعبىوالدولى، وليكن معلوما ان ما تخشاه إسرائيل الطابع السلمى وليس العسكرى.فبالحرب والمواجهة العسكرية ينتهى دور هذه المسيرات. والأمر الآخر ينبغي ان تكون المسيرات حافزا للمصالحة وليس الإنفصال، وإلا يعنى أن هذا الهدف يناقض ويلغى كل ألأهداف المعلنة للمسيرات، ولا أريد أن أذهب بعيدا وأقول هو خيانة للهدف الوطنىالفلسطيني . ويبقى ألإبتعاد عن السيطرة الحزبية الفصائلية لقرارها. وأخيرا نجاحها بواقعية أهدافها وتحقيق المصالحة الفلسطينية.

دكتور ناجى صادق شراب

[email protected]