الجمعة 19/9/1445 هـ الموافق 29/03/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
من غزة الى لبنان سلاح الجو الاسرائيلي لم يعد بيضة القبان....محمد النوباني
من غزة الى لبنان سلاح الجو الاسرائيلي لم يعد بيضة القبان....محمد النوباني

نتائج جولة القتال الاخيرة بين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والجيش الاسرائيلي اكدت المؤكد وهو ان مقدرة اسرائيل على شن الحروب الصغيرة والكبيرة قد تراجعت الى حد كبير بسبب عدم وجود عمق استراتيجي لها وضعف جبهتها الداخلية وامتلاك الخصم لاسلحة متطورة لم يكن يملكها من قبل وعجز سلاحها الجوي عن حسم المعارك كما كان في السابق
فقد اعتادت اسرائيل في مواجهتها العسكرية وحروبها مع العرب على تحقيق انتصارات سريعة وخاطفة وفي مدة زمنية وجيزة لا تتعدى في حدها الأقصى عدة أيام او عدة أسابيع من دون ان يصاب عمقها بأي اذى.
ولكن عندما ولى زمن الحروب الخاطفة والسريعة وخارج الحدود فأصبحت مواجهات وحروب اليوم حتى الخاطفة منها مكلفة انكشف ضعف اسرائيل وعدم مقدرتها على خوض اي قتال حقيقي
واذا ما اضفنا الى ذلك تدني الروح المعنوية لجيشها وتراجع حافزيته للقتال فهذا الامور مجتمعة هي التي دفعها كما كان يجري في الأعوام القليلة الماضية لطلب وقف اطلاق نار سريع بوساطة مصرية لكي لا يؤدي استمرار القتال لفترة طويلة لظهور انهيارات وتصدعات ذات بعد استراتيجي لا يمكن ترميمها او تحمل نتائجها. ..
فقوة اسرائيل العسكرية كانت تعتمد في المقام الاول ليس امتلاكها لسلاح بر وبحر متطورين، رغم اهمية ذلك، بل على امتلاكها لسلاح طيران متطور هو الاقوى بلا منازع في الشرق الاوسط ولذلك فقد كانت تحقق انتصارات سريعة وحاسمة في كل المعارك التي خاضتها مع جيوش عربية تقليدية في حروب نظامية
ولكن مع ظهور حركات مقاومة عربية فلسطينية مسلحة تعتمد في مواجهة اسرائيل على الجمع بين اسلوب حرب العصابات وأساليب الجيوش الكلاسيكية وتتخندق في انفاق عميقة وتخزن أسلحتها الثقيلة فيها ،على النمط الفيتنامي،فان مقدرة سلاح الطيران الإسرائيلي على حسم الحرب كما حدث في حرب الخامس من حزيران عام 1٩٦٧ مثلا لم تعد موجودة
فما الذي يستطيع ان يفعله هذا السلاح،رغم قوته التدميرية الهائلة لاهداف مكشوفة فوق سطح الأرض بمقاتل متحصن داخل نفق او معدات عسكرية وصواريخ موجودة في ذلك النفق؟
وقد عبر السيد حسن نصر الله امين عام حزب الله عن هذه الحقيقة عندما قال في الخطاب الذي القاه في ذكرى استشهاد القائد العسكري في الحزب السيد مصطفى بدر الدين عندما قال بان سلاح الطيران الاسرائيلي لم يعد بمقدوره حسم المعارك والحروب موضحا بان زمن الاحتلال بالفرق الموسيقية قد ولى الى غير رجعة 
ولعل الدليل الأكبر على ان سلاح الطيران لم يعد يلعب دورا حاسما في حسم المعارك وتحقيق الانتصارات فيها على مقاتل عقائدي صلب ووتخندق فوق الارض وتحت الارض هو عجز السعودية والإمارات رغم كل ما تملكانه من أحدث المقاتلات الامريكية عن حسم الحرب في اليمن الذي دخلت عامها الرابع
واذا ما اضفنا الى ذلك ان الصواريخ الموجهة مثل صاروخ الكورنيت قد حيد سلاح المدرعات الاسرائيلي المتطور كما اثبتت مجزرة الدبابات الاسرائيلية في وادي الحجير في حرب ال ٢٠٠٦ وفي المواجه الاخيرة في قطاع غزة و هذا ما عبر عنه السيد حسن نصر الله ايضا في نفس الخطاب حينما هدد بان فرق المشاهد والدبابات التي قد يدفع بها الاسرائيليون الى لبنان في اي حرب قادمة ستدمر على الهواء مباشرة امام شبكات التلفزة العالمية 
ولذلك فعندما يقول وزير الخارجية اللبناني جبران  باسيل ان اسرائيل هي أعجز من أن تمد يدها على ثروات لبنان البحرية ويقصد بذلك حقول النفط والغاز الواقعة ضمن المياه الإقليمية اللبنانية فانه يريد ان يوصل رسالة الى من يهمهم الأمر في تل ابيب على وجه التحديد بان المراهنة على وساطة امريكية لإجبار لبنان على تقديم تنازلات لاسرائيل في مجال تقليص رقعة حدوده البحرية لن تجد نفعا وبغير ذلك فان المقاومة سوف تثبت تلك الحدود بالقوة اذا لزم الأمر وليكن ما يكون..
اهمية هذا التصريح الذي أطلقه الوزير باسيل في أعقاب اجتماع عقده مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في قصر التينة يوم الجمعة الماضي تكمن في جانبين اولهما انه جاء كرسالة لبعض اللبنانيين بان قوة لبنان لم تعد في ضعفه بل في قوته المستندة إلى ثالوث جيش شعب مقاومة والثاني انه جاء بعد ايام قليلة من انتهاء جولة القتال الاخيرة بين لمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والجيش الاسرائيلي والتي أثبتت مرة أخرى ان يد اسرائيل في المنطقة لم تعد هي العليا
. بكلمات اكثر وضوحا فان وزير الخارجية اللبناني اراد ان يقول اللبنانيين الذين ترتعد آرائهم من مجرد ذكر اسم نتنياهو ولى الزمن الذي كانت تفرض فيه اسرائيل شروطها على لبنان وتستبيح أرضه وتسرق مياهه وتفرض شروطه عليه قد ولى الى غير رجعة فلا تراجعوا على الخارج لتعديل ميزان القوى في الداخل.
وهذا يعني أن المفاوضات التي ستجري بين لبنان وإسرائيل ربما برعاية امريكية لترسيخ الحدود البحرية وربما لتحديد وضع مرتفعات شبعا وتلال كفار شوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر ستكون مدعومة ومستودة بقوة المقاومة اللبناني ولا مجال لاسرائيل الا ان تذعن لمطالب لبنان في هذا المجال سلما والا فانها ستضطر إلى الاذعان بالقوة. 
فالأيام دول يوم لك ويوم عليك .....