السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
"الممرضة"مهنة ترفضها الإماراتيات!

دبي – مريمة خالد

أظهرت إحصائية حديثة لوزارة التعليم العالي أن إجمالي عدد الطلبة المسجلين بالكليات الصحية المتخصصة في أفرع الجامعات بالدولة بلغ 6850 طالباً وطالبة، مقارنة بالكليات الهندسية التي وصل عدد الطلاب المسجلين بها إلى 10783 طالباً وطالبة، بينما بلغ عدد الطلاب في تخصصات إدارة الأعمال 20937 طالباً وطالبة.

عندما عادت إلى منزلها قبل طلوع الفجر، لاحظت أن أنوار الفيلات التي تجاور فيلا زوجها أضيئت، وما إن فتحت باب فيلتها حتى ارتفع صراخ زوجها، لم تكن عباراته واضحة للجيران المنصتين، لكنها أدركت سوء نظراتهم عندما كررت ذهابها في عصر اليوم التالي، فما الذي يحيج امرأة مواطنة للخروج من منزلها لساعات طوال، بالتأكيد هي تجارة يتعدى ربحها في الليلة الواحدة 100 ألف درهم، هي عبارة سمعتها من أحدهم. تلك كانت قصة الممرضة «الهنوف»، التي تعمل في أحد المشافي الحكومية، فكيف هي نظرة المجتمع للممرضات الإماراتيات؟ ولماذا لا يقبل الرجل أصلاً العمل بها أو الزواج من صاحبتها؟


مسؤولو الصحة يتحدثون عن رفع نسب التوطين في الإمارات، حيث لا تتعدى النسبة 5.7%، كذلك الأطباء المواطنون في القطاع الصحي لا تزيد نسبتهم على 7.5%، هو أمر ترجعه شيخة محمد نخيرة الظاهري، مديرة إدارة تطوير القوى العاملة الوطنية في هيئة الصحة بأبوظبي، إلى الزيادة السريعة والملحوظة للأيدي العاملة من جنسيات أخرى.
فيما يرجع عميد كلية الطب والعلوم الصحية في جامعة الإمارات، الدكتور محمد يوسف، أسباب عزوف الطلاب المواطنين عن الالتحاق بالمهن الطبية، بعد دراسة أجريت أخيراً في جامعة الإمارات، إلى ضعف الكادر الوظيفي، وطول مدة دراسة كلية الطب تحديداً؛ إلى جانب تحويل طلاب الطب الذين يلتحقون بالدراسة خارج الدولة إلى كليات أخرى، وعدم السماح للطلبة الذين يحصلون على البكالوريوس بمزاولة المهنة دون إشراف مباشر من طبيب آخر.

من دون ترقيات!
انخفاض الرواتب، والعمل بخلاف المسمى الوظيفي، وعدم وجود علاوات بدل خطر، خاصة أن الممرض يصادف أثناء عمله حالات مرضية صعبة وخطيرة، بالإضافة إلى انعدام الترقيات، هي أسباب رفض المواطنين للعمل في التمريض، حسب رأي أحلام الدرمكي، رئيسة قسم الحوادث والطوارئ في مستشفى الفجيرة الحكومي. تعلّق: «ما أقوله ليس عشوائياً، بل من خبرتي في المهنة منذ العام 1998».
كلها وجهات نظر، تراها مريم محمد، ممرضة في الصحة المدرسية بالشارقة، في عيون الآخرين، وتتابع: «لا يقدرون ساعات عملنا في الليل، أو حتى المبيت خارج المنزل».
تدرك الممرضة نادية هارون، من منطقة عجمان الطبية، تماماً النظرة السائدة، فالكثير من الإماراتيين يرى أن الممرضة ليست إلا «خادمة»، وهو ما لا يليق بالمواطنات!
لا توافقها الرأي، تماماً، رجاء بشير، منسقة التمريض في الشارقة، التي ترى أن دور الممرضة أو الممرض تجاوز مفهومه التقليدي، ولكن دون أي حوافز.
فيما اعتبر الدكتور عصام عجمي، نائب مدير جامعة الشارقة، أن العزوف عن المهنة ظاهرة غير صحية، وحذّر من أن سوق العمل سيفقد المجتمع قوة عاملة مهمة!

لا تفسير!
تبلغ نسبة المواطنين العاملين في مهنة التمريض بمرافق وزارة الصحة حوالي 8% من مجموع الهيئة التمريضية العاملة في مرافق وزارة الصحة المختلفة، هذه الأرقام وجدها الدكتور سالم عبدالرحمن الدرمكي، وكيل الوزارة بالإنابة، مشكلة، وقال: «الوزارة تتبنى برنامج ابتعاث المواطنين والمواطنات لدراسة تعليم متخصص في التمريض؛ لزيادة أعدادهم».
ما أعلنه الدرمكي، لم يكن إغراء لخولة على راشد، طالبة، تستدرك: «العمل في التمريض له سلبياته على الفتاة، لا تطلبوا مني تفسيراً أكثر من ذلك، فالمبيت خارج البيت غير منطقي للبنت، خاصة إذا كانت متزوجة، فزوجها لن يرضى».
كشف تقرير طبي لمستشفى راشد بدبي أنه لا يوجد أي ممرض من المواطنين يعمل في المستشفى، في الوقت الذي تعمل فيه (5) مواطنات فقط من أصل 1200 ممرضة، يتوزعن على جنسيات آسيوية، وأوروبية، وعربية.
«ببساطة لا نستطيع تحمّل هذا العمل كما الفلبينيات».. كلام صريح لسميرة سالمين، طالبة، تتابع: «نظام (الشفتات) متعب، وفوق هذا لا يصلح للمتزوجات».
وبرأي حفصة إسماعيل، طالبة، أن التمريض شيء «وايد حلو»، ولكن المشكلة في الرجال!
كشفت فاطمة علي عبيد، طالبة، بكثير من الحياء أن هناك فرّاشات «خادمات للتنظيف» في المدارس من المواطنات يعملن، ولكن خادمة البيت تذهب بدلاً منها للعمل في المدرسة وهي في بيتها. تتابع: «ما حد أحسن من حد... على وزارة الصحة أن تسمح لنا بالالتحاق بالتمريض على شرط (نطرش) خادمة البيت بالعمل عنا في المستشفى!».

إصرار الرفض
أيضاً الممرضون الشبان يتذمرون؛ فتركي الحميدي، طالب التمريض، يرى عمله أنه «شيء زين»، ولكن الوظيفة لا تراعي خصوصية المجتمع، يتابع: «لا أحد يرضى أن أخته أو زوجته تشتغل بنوبات ليلية».
المهنة ببساطة، حسب رأي محمد حسين البلوشي، طالب، جاءت من أجل الجنسيات الأخرى، فبالنسبة له لا يعقل أن يسمح لزوجته بأن تقدم خدمات لامرأة أجنبية.

سيدتي

2013-08-23