الخميس 9/10/1445 هـ الموافق 18/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
نهاية التيار الوطني /تحسين يحيى أبو عاصي

 انتهى التيار الوطني "مع الأسف" إلى غير رجعة على المدى المنظور على الأقل ، وسقط سقوطا مدويا ، وفشل فشلا ذريعا ، ولا يزال يكابر ويزايد كالميت الذي يعاني آخر رمق ؛ ليتم وداعه إلى مثواه الأخير ، ليس ذلك ظلما مني لأي من مكونات ذلك التيار ، وليس هذا كلاما مرسلا ، فالشمس لا يمكن تغطيتها بغربال ، وعلامات الفشل أكثر من أن يتم حصرها ... فلا قومية عربية أفلحت ، ولا ناصرية اشتراكية أجدت ، ولا بعثية الشعب الواحد أثمرت ، ولا وطنية آتت أكلها ، ولا ماركسية نجحت ، ولا "لا دينية" نفعت ، ولا ديمقراطية أنجبت ، ولا علمانية أشرقت ، ولا شيء من كل تلك المسميات ... وذاقت الشعوب العربية من ممارساتها ومواقفها كل أشكال الذل والهوان ، قدّمتها للشعب العربي بأشكال من التزييف كمن يقدم السم بالعسل ، سواء كانت حاكمة أو محكومة أو متواطئة مع الحاكم ... رافعة شعارات وحدة – حرية – اشتراكية - أمة عربية واحدة - شعب عربي واحد – ثورية – تقدمية - لا للرجعية - لا للصهيونية - لا للامبريالية - لالالالالا وألف لا ... فقاعات في الهواء ، وضراط على بلاط " أجل الله القارئ " . وعندما بدأ الإسلاميون بالصعود على أنقاض وخيبة كل هؤلاء الكاذبين ، تكالب وتكاتف الجمع منهم ضدهم ، رغم تناقضاتهم وتناحرهم ، والتقوا في خندق واحد تساندهم من كانوا يسمونها بالأمس الامبريالية الأمريكية ، ومن وصفوهم بالرجعيات العربية ... الامبريالية التي كانت بالأمس في أيديولوجياتهم وتوجهاتهم السياسية هي العدو المركزي والتناحري ، تحولت اليوم إلى صديق ، والرجعية التي كانت هي سبب التخلف والضياع ، صارت بنظرهم اليوم ثورية وأخوَّة ووطنية ، نراهم اليوم وقد اجتمعوا وتحالفوا ضد كل من هو إسلامي ، حتى لو كان معتدلا أو براغماتيا وسطيا .. المخطط ضد الإسلاميين اليوم كبير جدا ، ومعالمه ظاهرة للجميع ، ويجب ألا نكون كالخراف نُساق إلى ذبحنا ونحن ننظر ، فالتاريخ لا يرحم ، ولا يصنعه الضعفاء ، والعالم يحترم الأقوياء ، ولا قوة بدون كرامة ، ولا كرامة بدون دماء ، علما بأنني من التيار الوطني المهزوم ، لكنني لست مهزوما بإذن الله تعالى ، لأنني لم أكن ساعة واحدة تاجرا لمعاناة شعبي ، ولم أكن سمسارا للدماء ...

2013-10-21