الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
كتبت نادية حرحش:الفساد هو المتهم الأول في غرق المدن عند أول شتوة

يست مفارقة ولا صدفة ، ان تغرق المدن العربية مع أول شتوة من بيروت الى الاسكندرية . من بغداد الى عمان فرام الله . المطر واحد من نفس السماء والغرق فقط في مدن أفرط فيها الفساد فأغرقتها الأمطار.

ففي ظل الملهاة الانسانية التي نحياها كشعوب وأمم عربية ، انعدم فيها منا الاحساس والنخوة والوئام وفرقتنا مطامع القيادات وانهزامها . جمعتها الانجرافات والسيول الطينية في مشهد يدعو الى السخرية والمأساوية . لان الضحية دائما هو الشعب . الا انه وفي تدخل الهي وكأن الله يريد ان يقول بأننا كشعوب لا نختلف عن القيادات . فنحن من يأتي بهم ونحن من يبقيهم.

اعرف انه من التجني ربط الظلم الذي يقع علينا تحت الاحتلال وحالة الخرس التي اصابت الشعوب العربية والشماتة بشعب يقبع تحت الاحتلال . ولكن ما يجري يبدو وكأنه طفح من الله على الشعوب التي صمتت امام عدوان غاشم ظالم وقررت السكوت مع حكوماتها لتصبح شريكا في الظلم.

وبين الفعل الالهي والفعل الانساني في هذه الحالات لا يوجد فرق كثير … فالسبب في هذه السيول التي حولت الشوارع الى انهار سببها لا يحتاج التدخل الالهي.. ولكنه فرط الفساد.

اخبرني مختص اجنبي ذات يوم ،ان الاعمال في الشوارع عادة ما ترتبط بالفساد في تلك البلديات . نوع من تبييض الاموال التي تقوم به البلديات من اجل مقاولين ترسي عليهم العطاآت ويبدأوا بشق الاعمال في الطرق.

ومع ان الموقف ليس منطبقا على ما يجري في دولنا العربية التي تفتقر الى ابسط متطلبات البنى التحتية بالشوارع . الا ان مفهوم الفساد هو نفسه . عندما تغرق المدن العربية كبيروت والاسكندرية بالنفايات منذ اعوام وما من مستجيب . عندما لا تستطيع الدولة توفير ما يخلصها من النفايات فكيف لها ان تكون مستعدة للمطر . والمطر هذا العام لا يختلف عن غيره من كافة المواسم . الا انه ومما لا شك فيه ان وسائل الصرف التي تم بناؤها قبل عشرات السنين لا تتناسب مع عدد السكان المتزايد والابنية المتزاحمة التي تتطلب بنى تحتية كما يتطلب ارتفاعها عن الارض.

نرى في كل يوم افتتاح لمبنى جديد واستثمار لا يعرف جدواه ولا يحصدها الا اصحابه وعلى الشعب التصفيق والفرحة بما يتم تحقيقه تحت اسمه ويذهب في امعاء الحكومات والشعب يرفع فاهه للسماء في انتظار قطرة غيث. حالنا العربي استفحل فيه الفساد حتى اصبح الفساد “بيزنس” رجال الاعمال والحكومات . حتى طفحت الشوارع ولم يستطع تراب الارض امتصاص مياه السماء . وفي فلسطين الحال لا يختلف . فالبنى التحتية حدث ولا حرج . فالشوارع بلا شتاء تتقرقع فيها اطارات السيارات حتي صارت المطبات جزءا من السيارة. والزبالة في كل ما يمت من المنطقة سي او بي تتزين على حواف الشوارع والطرقات . فنحن نعرف عن اماكننا في الكثير من الاحيان بالاشاره الى حاوية نفايات لشحتها في معظم المناطق. اما تحول المنطقة الفاصلة ما بين الشارع والجدار الى انهار فلم تعد جديدة. ولكن ربما فيها كذلك تذكرة لنا .. بأن هذا الجدار الذي نعبر خلاله وكأنه جزء من تضاريس المكان بإمكانه اغراقنا وليس فقط فصلنا عن باقي الارض وشجب السماء عنا .

مياه الغيث التي تحولت الى فياضانات بمدن لا تحيطها الانهار ولا البحار بالضرورة . عواصم يتغنى اصحابها برغد العيش . كل تلك المشاهد التي نراها من غرق لبيوت ومدارس وجامعات في وحل الانجرافات . تحول الميادين الى برك . والسيارات تنعدم منها الجاذبية وتجرفها المياه الي اللا معلوم. خسائر مادية وبشرية … ،لا استطيع الا ان افكر واتفكر باللاجئين السوريين. بأهل غزة . بكل اولئك المظلومين عنوة بفجور الحكومات وخنوع الشعوب . شعب غزة الذي نتفرج على ضخ مياه البحر في انفاقه حتى هدد هذا الظلم الظلم الواقع على الارض والعبد في ذلك القطاع.

وكأن الله يصرخ في وجوه الشعوب العربية مجتمعة ليقول بأن من يرضى بالظلم لا بد ان يقع عليه ظلم مباغت .

لعلنا كشعوب خانعة راضية بالظلم والفساد يستيقظ فينا بعض النخوة عندما تصاب ممتلكاتنا بالدك من شتاء غيث تحول بفعلنا الى غضب رباني … اقل ما يقال عنه فينا …. اننا استحققناه…

ففي بلادنا الفاسدة فقط… اول الغيث فيضان

2015-11-06