الثلاثاء 11/10/1444 هـ الموافق 02/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
مترجم: كيف ستندلع الحرب العالمية الثالثة.. 5 مناطق محتملة لنشوب الحرب

منذ عام 1756، شهد نظام الدولة الحديثة أربع حروب عالمية؛ حرب السنوات السبع، وحروب الثورة الفرنسية، الحرب العالمية الأولى، والحرب العالمية الثانية. وكانت الفترة بين عامي 1815 و1914 أطول فترة للسلام العالمي، وقد مضى الآن سبعون عامًا منذ الحرب العالمية الأخيرة.

كل حرب عالمية بحاجة إلى شرارة. صراع ما يشتعل في مكان ما لمصلحة أكثر من قوة عظمى واحدة. تجلى ذلك قبل الحرب العالمية الأولى في اغتيال فرانز فرديناند، وريث عرش الإمبراطورية النمساوية المجرية. شهدت حرب السنوات السبع قتالًا بين الفرنسيين والبريطانيين على طول نهر المسيسيبي. ودائمًا، لا يقدر أطراف النزاعات والصراعات أن الشرر يمكن أن يؤدي إلى اشتعال.

ولكن في نقطة ما تتصاعد الأمور. وتصبح الدول الكبرى الأخرى مشاركة في الصراع، ويأتي التنافس بين القوى العظمى كأحد أهم أسباب اندلاع الحروب. الهدف من القتال يصبح إقامة نظام عالمي جديد، ومع زيادة المخاطر يزيد استنزاف الموارد، والتضحيات التي تقدمها الشعوب.

“الحرب العالمية الثالثة”، في الواقع ستكون الحرب العالمية الخامسة في تاريخ نظام الدولة الحديثة.

ما الذي قد يؤدي إلى نشوب مثل هذه الحرب، وكيف يمكن أن تتحول إلى صراع عالمي؟

فيما يلي خمسة سيناريوهات محتملة قد تفضي إلى نشوء حرب عالمية ثالثة:

1- سوريا
الشرارة:

في الوقت الراهن، لفت تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) انتباه معظم الدول الأكثر نفوذًا في العالم، بما في ذلك فرنسا والولايات المتحدة، وروسيا. لكن انفجار الانتباه (ناهيك عن الحركة الجوية) قد يعقد الخطوة التالية في الحرب.

من جهة، يمكن لمواجهة جوية عابرة بين حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وروسيا أن تؤدي إلى اتخاذ قرارات تكتيكية سيئة، في حال أطلقت بعض الطائرات النار في الهواء بشكل عارض تجاه الطرف الآخر. من ناحية أخرى، يمكن أن يطلق تحول جذري على أرض الواقع في سوريا يد أحد المؤيدين للمقاتلين بالوكالة.

التصعيد:

حتى لو نشأ تحالف بين القوى العظمى لمكافحة تنظيم الدولة، فإنه قد يترتب صراع بين القوى الكبرى على ذلك. هذا يمكن أن يؤدي إلى الأسوأ، بينما فرنسا، وروسيا، والولايات المتحدة لديهم وجهات نظر مختلفة جدًّا حول الطريقة التي يجب أن يتشكل بها مستقبل سوريا.

إذا قرر أي من الدول الثلاث التدخل لصالح الفصائل التي يدعمونها، يمكن للوضع أن ينتهي بسرعة كبيرة لوضع مشابه للعبة الدجاج، مع الضربات الجوية، وعدم وجود مناطق حظر للطيران، وتوفير ملاذ آمن لنقاط النزاع.

قتال شديد بين القوى الخارجية في سوريا يمكن أن يجذب بسرعة تركيا، وإيران، والمملكة العربية السعودية، ويحتمل أن ينتشر إلى أجزاء أخرى من العالم.

2- الهند وباكستان
الشرارة:

يمكن أن تندلع الحرب بين الهند وباكستان مرة أخرى لأي من الأسباب. إذا قامت جماعة إرهابية مدعومة من باكستان بهجوم آخر مماثل لذلك الذي حدث في مومباي، يمكن أن ينفذ صبر الهند.

احتدم النقاش حول التوازن التقليدي على طول الحدود بين الهند وباكستان لسنوات. ولكن إذا تعرضت باكستان لهزيمة تقليدية خطيرة، فإن استخدام الأسلحة النووية التكتيكية قد يبدو وكأنه السبيل الوحيد للخروج. وإذا حدث ذلك، ستسقط كل الرهانات.

التصعيد:

كانت الولايات المتحدة أقرب إلى الهند على مدى السنوات القليلة الماضية، حتى في الوقت الذي تواصل فيه إرسال الأسلحة والمال لباكستان. على العكس من ذلك، عززت الصين علاقتها مع باكستان. حرب عام 1971 بين الهند وباكستان جذبت انتباه كل من الولايات المتحدة والصين؛ في هذا الصراع، تدخل الطرفان على حد سواء على الجانب الباكستاني. من غير الواضح، في هذه المرحلة، كيف يمكن للولايات المتحدة أن ترد إذا شعرت الصين بأنها في حاجة للتوسط نيابة عن باكستان في حرب مع الهند.

3- بحر الصين الشرقي
الشرارة:

على مدى العامين الماضيين لعبت الصين واليابان لعبة خطيرة حول جزر سينكاكو/ دياويو. كلا البلدين يدعي أحقيته للجزر، ونشر كلٌّ منهما قوات عسكرية في المناطق المجاورة لها. حادث بحري أو جوي يمكن أن يؤدي إلى تصاعد العداء القومي في البلدين، مما يجعل من الصعب التراجع لكل من طوكيو أو بكين. وعلاوة على ذلك، كافحت كلا البلدين للسيطرة على أنشطة الجماعات القومية، مما يؤدي إلى بؤر توتر محتملة إضافية.

التصعيد:

الولايات المتحدة ملزمة بموجب اتفاقية الحماية المتبادلة بالدفاع عن اليابان. إذا نشب صراع بين الصين واليابان، قد تجد الولايات المتحدة صعوبة في تجنب المشاركة. في سياق أي نوع من المعارك المتواصلة بين القوات اليابانية والصينية (ناهيك عن محاولة الصين العدوانية للهبوط على الجزر)، فإن مشاركة الولايات المتحدة ستبدو شبه مؤكدة.

ونظرًا لاحتمالية أن مثل هذا التدخل سيكون حاسمًا، فإن الصين قد تشعر بأنها مجبرة على توجيه ضربة استباقية للولايات المتحدة من خلال تدخل هجومي على المنشآت العسكرية الأمريكية في المنطقة. هذا من شأنه أن يؤدي إلى رد فعل أمريكي على نطاق أوسع، وستلقي تلك الصراعات بمنطقة آسيا بالكامل ومنطقة المحيط الهادئ إلى مستنقع من الفوضى.

4- بحر الصين الجنوبي
الشرارة:

كان للولايات المتحدة بالفعل عدد من المواجهات غير المريحة مع وحدات بحرية وجوية صينية في بحر الصين الجنوبي. إذا فقد أحد الأطراف هدوءه، فإن ذلك قد يفضي إلى عواقب مروعة. وبالمثل، كما تكثف الولايات المتحدة مشاركتها مع فيتنام، والفلبين، فإنها يمكن أن تصبح متشابكة في العمليات العسكرية الصينية ضد أي من البلدين.

التصعيد:

من شأن الحرب بين الولايات المتحدة والصين أن تكون سيئة بما فيه الكفاية، ولكن تبعًا للسياق ومسار الصراع، كل من اليابان والهند قد تشعر بالحاجة إلى التدخل بشكل من الأشكال.

روسيا على الأرجح ستبقى بعيدًا، إلا بقدر ما تستخدم صناعتها العسكرية للحفاظ على التشغيل العسكري الصيني. ستؤدي الحرب إلى اشتباك بين القوات الجوية والبحرية الأمريكية على جانب واحد، ومكافحة وصول جيش التحرير الشعبي الصيني من جهة أخرى.

التصعيد النووي يمكن أن يحدث إما عن طريق الخطأ (جانب واحد يسيء فهم إطلاق صاروخ)، أو عن قصد (الصين تشعر بالحاجة لوقف النزيف إذا انهار سور الصين العظيم في البحر).

5- أوكرانيا
الشرارة:

تواصل روسيا إظهار الولاء السياسي لحكومة كييف كمصلحة أمنية وطنية حاسمة. إذا لم تعد تحظى بهذا الولاء، يمكن لموسكو إذن أن تتخذ خطوات لزعزعة الاستقرار وإضعاف الدولة الأوكرانية.

حتى الآن، ما تزال مشاركة الولايات المتحدة وحلف الناتو محدودة، داعمين حق حكومة كييف في مقاومة روسيا، ولكن لا يقدمان الكثير في سبيل القيام بذلك. يمكن أن يؤدي الخطأ على كلا الجانبين إلى مواجهة عسكرية.

التصعيد:

يعتمد الكثير في هذا الشأن على ماهية القرارات التي سيتخذها الناتو للرد على التحركات الروسية في أوكرانيا. إذا أصبحت روسيا متيقنة بما فيه الكفاية لتدخل الناتو، فإنها يمكن أن تتخذ خطوات لاستباق تعبئة الناتو.

يمكن لأي هجوم أو تهديد خطير للهجوم، ضد دولة عضو في حلف الناتو أن يؤدي إلى استجابة منسقة من قبل الحلف، والتي يمكن أن تشمل هجمات داخل الأراضي الروسية.

منطقة كالينينغراد يمكن أن توفر بؤرة رئيسية للتصعيد، والقوات العسكرية الموجودة داخل تلك المنطقة هي في نفس الوقت مهددة وضعيفة. وإذا رأت روسيا أنه لا يمكنها تحقيق التفوق باستخدام القوة التقليدية، فإنها يمكن أن تنظر في استخدام الأسلحة النووية التكتيكية.

توخي مزيد من الحذر:

خلال الحرب الباردة، شعرنا أن لدينا شعورًا معينًا باقتراب الحرب العالمية الثالثة. إما أن يغزو حلف وارسو حلف الناتو على طول الجبهة المركزية في ألمانيا، أو تشن أيّ من القوى العظمى هجومًا نوويًّا وقائيًّا يهدف إلى نزع سلاح الطرف الآخر. في كلتا الحالتين، كانت العواقب ستكون وخيمة.

نفتقر الآن إلى ذلك الوضوح المرعب. يمكن للحرب أن تندلع في عدد من الأماكن. يحتاج قادة أقوى الدول في العالم إلى توخي الحذر إزاء التهديد بتصعيد الأزمة.

المصدر

2015-11-24