الجمعة 14/10/1444 هـ الموافق 05/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
أريد حريتي...ميساء البشيتي

أريد حريتي .

سعيدة .. نعم أنا سعيدة .. عقلي سعيد .. فكري سعيد .. لكن قلبي يبدو غير سعيد ..

هو القلب هذا الركن الثائر من الجسد .. الركن المتمرد .. الركن المشاكس .. الركن الرفضوي لجميع أوامر العقل .. ومع ذلك فهو ينقاد كالأسير المكبل أمام رغبات العقل وأوامره ..

 فلماذا يتمرد القلب إن كان لا يقوى على شيء ؟

كنت حتى فترة قريبة أظن أنني أسيرة قلبي .. لكنّي اليوم بعد أكملت اللوحة وعلقتها على الجدار وجدت ما كان ينقصني .. لم يكن ينقصني أن أكون بجانبك .. بل أن أكون بعيدة عنك ..

 طوال الوقت كنت أظن أن وجودنا في نفس اللوحة هو التحدي وهو الهدف ولأجله كان النضال وكان السعي وكان العذاب وكان المرار .. وما أن اكتملت اللوحة وعُلقتُ أنا وأنت على الجدار حتى وجدت أن ما كنت أبحث عنه هو عكس ما أفنيت الوقت برسمه .. وأنك جميل جداً  وألوانك جميلة جداً وزاهية جداً .. وأنا أيضاً جميلة جداً ولكن ليس بقربك .. ليس بجانبك .. ليس على نفس اللوحة .

البعاد الذي كان يخيفني والغياب الذي كان يهزني والصراع الذي كان ينهشني أن أخسر هذه اللوحة .. أن أبقى وحدي معلقة على الجدار .. هذا الخوف دفعني ربما لبعض الحماقات .. كنت أظن في وقتها أنها حماقات .. وأنها مجرد وسيلة أقطع فيها الوقت أثناء غيابك المتكرر والمفاجىء .. لكن على ما يبدو هذا الحماقات أصبحت جزءاً  لا يتجزء مني وأنني قد تعايشت معها ووهبتها الوقت الذي كنت أهبك إياه وأنها قد احتلت مكانها في جدول حياتي ..

 ربما لم أضفها إلى اللوحة لأن اللوحة كانت لك وكانت تنقصك أنت ..

لكن عندما عُدتَ أنت وأكتملت اللوحة اكتشفت أن حماقاتي استولت عليّ بالكامل وأنها أخذت مكانك .. وأنك لن تستوعبني أنا وحماقاتي معاً .. حماقاتي التي يصعب الآن أن أتنازل عنها  ..

لذلك أنا أريد حريتي ..

أريد حريتي كي أعيش مع هذه الحماقات التي أصبحت ونيسي وجليسي في غيابك ..

عُد أنت لغيابك ..

 اللوحة الكاملة أصبحت ناقصة بعد أن اكتملت .. اللوحة لم تكتمل بك .. يجب أن تعود الآن إلى غيابك .. وأعود أنا إلى حماقاتي ..

 نعم أنا أريد حريتي .

2016-02-11