الخميس 9/10/1445 هـ الموافق 18/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
مادلين أولبرايت تكتب في يوم المرأة العالمي: أنقذوا النساء من أخطار السياسة

نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية: في أكتوبر الماضي، تم اعتقال، زينب فاتوما نيغاغا، وهي مسؤولة في حزب معارض في أوغندا، مع مجموعة من رفاقها الرجال خلال تجمع سياسي كانوا قد أقاموه. وقامت الشرطة الأوغندية بمعاملة نيغاغا بخشونة وتجريدها من ملابسها في الطريق العام باستثناء الحجاب التي كانت تضعه على رأسها، في حين أزيح الرجال جانبا. 

في بوليفيا، فقد تم الضغط على عضوة في مجلس النواب، تدعى جوانا كيسب، كي تستقيل بعد أن ساعدت زميلاتها في رفع شكاوى تحرش. وعندما رفضت، منعها أعضاء المجلس الآخرين من حضور الجلسات، قبل أن تتم إعادتها إلى المجلس. ولكن بعد شهر واحد وجد جسدها ملقى في النهر في العاصمة لاباز. لقد تم خنقها. ورغم أن القضية لم تحل حتى اللحظة، لاحظ المراقبون عن قرب للحادثة أنها سياسية الدوافع.

لم تكن كيسب المرأة الوحيدة التي انتخبت كزعيمة في بوليفيا وتم استهدافها بطريقة مماثلة. فهناك نائبة محلية أخرى، تدعى داغيمار ريفيرا، والتي تلقت تهديدات مجهولة بعد أن حاولت كشف الفساد في البلاد. وبعد ذلك بفترة بسيطة، وجدت مقتولة بثلاث رصاصات في الوجه. 

فالحقيقة المزرية أن واحدة من كل ثلاث نساء تتعرض للعنف في حياتها. ومن هؤلاء، عدد لا يحصى من النساء اللواتي يشاركن في الحياة العامة. وهناك عائق منتشر ولكن يتم التعامل معه باستخفاف يمنع النساء من إيصال أصواتهن للجهات المعنية حول العالم. وفي يوم المرأة العالمي، يجب أن نلفت النظر إلى هذه المشكلة.

عبر عقود مضت، تعرضت النساء اللواتي استلمن مناصب قيادية، إلى التهميش والضرب والإقصاء. وتعاني الكثيرات منهن حتى اللحظة من التحرش والتهديد والعنف، ببساطة لأنهن سيدات وناشطات سياسيا. وهذه الأفعال المشينة، بصرف النظر إن كانت موجهة إلى المرشحات لمناصب معينة أم إلى اللواتي يذهبن للتصويت، هي جهود موجهة إلى الحط من قدر مشاركة جنس بأكمله في الحياة السياسية. ولا يواجه المعتدين أي عواقب في هذه الحالات. ويتم إخبارنا بشكل مستمر أن هذا النوع من العنف نابع من الثقافة، ولكن أنا أقول إنه إجرامي ويجب علينا إيقافه.

بالطبع مهاجمة أي شخص، إن كان ذكرا أو أنثى، لأسباب سياسية هو أمر مكروه. ولكن إلغاء الاضطهاد المبني على أسس التفرقة الجنسية هو أمر هام لأن المرأة في الحكومة تستطيع إبراز قضايا يتغاضى عنها الآخرون، وتدعم قضايا يعارضها البعض، وتطلب وقف الاعتداءات التي يقبلها البعض. وربما بسبب تواجدهن في المراتب السياسية العليا، يتعرض النساء حول العالم إلى ردود فعل عنيفة بشكل شخصي أو عبر الإنترنت. لا يمكننا أن نسمح للعنف بأن يكون ثمن ممارسة بعض النساء لحقوقهن الإنسانية والسياسية الأساسية. 

لأن التحرش والعنف يحدثان عادة في أماكن خاصة ومؤمنة، تعلمت الكثيرات عدم التحدث عنهما. لأنهن في حال تحدثن، سيعرضن أنفسهن للوقوع في موقع المسؤولية أمام رؤساء الأحزاب. والأسوأ من ذلك، أنهن سيتعرضن في بعض الأحيان إلى تحرش وتمييز عنصري أكبر. وفي حلقة مفرغة، هذه الاعتداءات، وتحديدا على النساء رفيعات المستوى، تخمد الطموحات السياسية للفتيات والنساء الأخريات.

النشطاء والقيادات حول العالم بدأت تدرك حجم المشكلة وبدأت بأخذ خطوات في سبيل إبرازها. بعض الدول أصدرت تشريعات تجرم أفعال العنف ضد المرأة في السياسة. بوليفيا، أخيرا مررت قانونا لحماية النساء العاملات في مجال السياسة بعد 12 عاما على مقتل كيسب وريفيرا.

تمرير قوانين مماثلة، يعد خطوة هامة، ولكن يبقى علينا أن نؤيد تطبيقها المستمر والمؤثر. ولكن التشريع وحده لا يمكن أن يكون الحل في جميع الدول، علينا أن نجد استراتيجيات أخرى لحل القضية. 

لهذه الغاية، المعهد الوطني الديمقراطي، سيطلق نداء عالميا الأسبوع المقبل للقيام بخطوات عملية لوقف العنف ضد المرأة في الحياة السياسية. وكرئيسة مجلس إدارة المعهد، سأعقد اجتماعا لإطلاق مبادرة نتشارك فيها مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة. وستقترح خطوات عملية يمكن تطبيقها على المستوي العالمي والفردي والتي تعتبر أساسية وعامة.

على سبيل المثال، الأمم المتحدة لم توثق حالات محددة للعنف ضد المرأة المشاركة في الحياة السياسية. يجب على لجنة التحقيقات المتخصصة في شأن العنف ضد النساء والفتيات أن تشمل هذا النوع من العنف في تحقيقاتها.

لأنني أؤمن بالديمقراطية، فأنا أؤمن بأن كل انسان يجب أن يكون قادرا على الذهاب إلى المدى الذي تسمح له مواهبه بالذهاب إليه. النساء والفتيات حول العالم اللواتي يشاركنني هذا الإيمان، جاهزات لرسم مستقبل أوطانهن. النزاهة والإخلاص في خدمة المجتمع، والعمل الجاد يجب أن يكونوا شروط الدخول إلى عالم السياسة.

وقد قلت كثيرا سابقا، إن النجاح بدون ديمقراطية غير محتمل، والديمقراطية بدون النساء مستحيلة. فإذا فشلنا في التصرف نيابة عن قادتنا الحاليات والقادمات من النساء، فإن ثمن ديموقراطياتنا باهظ جدا.

فعندما تشارك المرأة في السياسية، يجب أن يتم وضع أحلامها وآمالها المستقبلية على الخط، ليس كرامتها وليس حياتها. حان وقت وضع حد لكارثة العنف ضد المرأة في الحياة السياسية، والتأكد من أن ما حدث في أوغندا وبوليفيا، وحول العالم لن يوقف النساء من أن يسمعوا أصواتهم للعالم ويقوموا بالتغيير. 

CNN

2016-03-08