الأربعاء 12/10/1444 هـ الموافق 03/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
تقرير:جنون السمك على غرار البقر هل هو وارد فلسطينياً في ظل استخدام أعلاف تضم متبقيات حيوانية؟

ناقش تقرير أخير لمركز العمل التنموي/ معا، تداعيات ارتفاع تكلفة تغذية الأسماك والتي دفعت بمربيها إلى تقديم أغذية صناعية مساعدة، بعدما كانت الأسماك تتغذى على الأعلاف المصنوعة من مواد طبيعية مغذية للسمك وغير ضارة كفول الصويا والذرة، حيث ظهرت مؤخرا أعلاف بمكونات حيوانية من جيف الحيوانات ومسحوق الدم وما شابه.

وللبحث أكثر حول هذه المسألة، أشار المهندس أسامة دولة مدير دائرة الأعلاف في وزارة الزراعة  أن علف الأسماك لا يصنّع في الضفة، إنما يتم استيراده من إسرائيل، مشددا على ضرورة وضوح نسب مكونات الأعلاف في ملصق عليها.

ويوضح د. ياسر اشتية مدير الاستزراع السمكي في وزارة الزراعة أن اعلاف الاسماك تصنع بطريقة النفش كالبشار، لتطفو على سطح الماء ولا تغطس، هذا الأمر، يحتاج نظاماً معيناً من المعدات والماكنات؛ فإذا بقيت الأعلاف في القاع لفترة، يمكن ان تتحلل إلى أمونيا ونيتريت وغيره، وبالتالي تسبب مشاكل صحية للأسماك.

أما عن شرط طفو العلف على الماء، فذلك لقياس حاجة السمك، فإذا نزل العلف داخل الماء لا يُعرف إذا تم استهلاكه أو لا.

 

التكلفة عالية

يقول ياسر اشتية أن المشكلة في صناعة أعلاف الأسماك تكمن في عدم وجود خطوط لإنتاجها في المصانع الفلسطينية، وهذا بسبب التكلفة العالية لهذه الخطوط التي لا يرغب أي مصنع في تكبدها، مقابل قلّة الطلب على هذه الأعلاف.

ويضيف اشتية: "فلسطينيا ما زلنا في البدايات بالاستزراع السمكي، فأعلاف الأسماك لا نستخدمها بكميات كبيرة لحداثة النشاط، حيث تصل حاجتنا ما بين 10-20 طن فقط منها".

وتابع "السعر أيضا يسبب لدينا مشكلة، فالسبب أن علف الأسماك يصل لأصحاب مشاريع الاستزراع السمكي بحدود 1000 دولار للطن، بينما في إسرائيل السعر 2000-2500 شيقل، لكن قضية النقل تسبب زيادةً في التكاليف."

 

نسبة البروتين..

نسبة البروتين تتفاوت حسب نوع السمك، وحسب البرنامج المعد من قبل المصانع لكل نوع من الأسماك، وتكون غالبا ما بين 35-40%  كما أشار اشتية.

وهناك مصانع تستخدم مصادر نباتية أو حيوانية، كمسحوق السمك وإضافات أخرى، وهذا يرجع لكل مصنع، فعلف السمك يحمل نفس المكونات الأخرى، لكن الفرق هي بنسب البروتين التي يجب تحصيلها، فلدينا إضافات يتم وضعها والتحكم بالنسب حسب التركيبة العلفية المطلوبة.  واللافت أن الشركات الإسرائيلية هي المصدر الأساسي لأعلاف السمك المركزة في مناطق السلطة الفلسطينية؛ حيث أن اللغة العبرية (التي لا يفهمها معظم العاملين في القطاع الحيواني والزراعي) هي اللغة الوحيدة التي تكتب فيها المعلومات والمكونات على أكياس العلف.

بدوره قال المهندس دولة أن البروتين العالي يكون حسب المرحلة ونوع السمك، ولا يمكن أن يصل إلى 50% بل يجب أن يكون أقل من ذلك.

 

مسحوق الدم ..

مسحوق الدم واللحم والريش ذو محتوى عالٍ من البروتينات، ويستخدم في أعلاف الأسماك.  وبهذا الخصوص يقول المهندس الزراعي م. ف. أن من ميزات اعلاف الأسماك المستخدمة في الضفة أن فيها نسبة بروتين عالية جدا تصل حتى 50%، أي كل 100 كغم علف فيه 50 كغم بروتين صافي، وحتى نحصل على هذه النسبة لا يمكن إلا استخدام منتوج حيواني مثل مسحوق الدم، حيث يتم أخذ الدم من المسالخ وتجرى له المعاملات اللازمة ويستخدم في التصنيع، وكذلك تستخدم مخلفات المسالخ مثل الريش أو بواقي اللحم وغيره.

وقال المهندس م. ف. أن مسحوق الدم ومخلفات المسالخ تستوردها إسرائيل من الدول الأخرى كتايلند وتايوان، وهي دول لا تراعي تعليمات الذبح التي تناسب مجتمعاتنا.

وقد ارتبط مسحوق الدم واللحم والعظم حسب خبراء بمرض جنون البقر، حيث اعتبرت مساحيق الدم المستخدمة في الاعلاف مسببا له كما يوضح المهندس م. ف.

ويضيف: "تقول وزارة الزراعة ان مسحوق الدم ممنوع دخوله للضفة، وفعليًا هو لا يدخل انما يكون في العلف الذي تصنعه المصانع الإسرائيلية مستوردة مساحيقه من الخارج".

تناقض

اللافت أنه في تسجيل للمجلة الزراعية على صوت فلسطين أشار م. أسامة دولة أن القانون يمنع اضافة بروتين حيواني في الأعلاف. ولكن في اتصال هاتفي مع مراسلتنا ذكر فيه غياب أي أنظمة أو تعليمات تمنع استخدام مساحيق الدم، وقال: "كنا نفكر في إعادة استخدام مسحوق الدم أو روث الدواجن، لكن هذا الأمر يحتاج لتغيير في القانون والنظام نفسه. إضافة إلى أن إسرائيل تستخدمه".

وقد ورد في النظام الصادر عن مجلس الوزراء الفلسطيني بشأن الأعلاف لسنة 2011، وفي بند إجراءات التسجيل في المادة (7) :

1- لا يجوز استيراد أو تصدير أو تصنيع أو تداول أي من مركزات الأعلاف أو المواد الأولية أو الإضافات العلفية أو الأعلاف المركبة الجاهزة إلا بعد تسجيلها في الوزارة، ويحظر تسجيل أي من المواد السابق ذكرها، إذا احتوت على أي من المنتجات أو المخلفات الحيوانية و يستثنى من ذلك مسحوق السمك.

2-  للوزارة الحق في التحفظ على أي كمية من مركزات الأعلاف والإضافات العلفية المركبة الجاهزة التي يتم ضبطها متداولا بها دون تسجيل.

حصل مركز معا على صور لأغلفة بعض أكياس الأعلاف للأسماك التي تصل إحدى الجمعيات الزراعية في أريحا (الاسم محفوظ في ملف التحرير)، ممن يملكون مزارع اسماك ويأتيهم العلف من مصنع سَمِخ في  إسرائيل، والتي بدورها تستورد مسحوق الدم واللحم والريش من تايلند كما أوضح المهندس م. ف، حيث لا تقل نسبة مسحوق الدم واللحم  فيها عن 30%، موضحا أنه لا يمكن عمل علف نسبة البروتين فيه 50% إلا باستخدام المساحيق الحيوانية ذات المحتوى العالي من البروتين وذلك لتقليل تكلفة الانتاج.

 

وباقي الأكياس 35%

 

لا نظام لتغذية الاسماك

يقول م. أسامة دولة أن اعلاف الاسماك لا يوجد فيها نظام معين، فالنظام يشمل المجترات (الأبقار والأغنام) والدواجن، ويسمح استخدام مسحوق السمك في تغذية المجترات والدواجن، لكن لا يوجد نظام تغذية للأسماك، وبالتالي مسموح، وحسب التعليمات الفنية الالزامية يمكن استخدامه ولكن تم منعه لاحقاً، لأن النظام صدر بعد التعليمات الفنية، لكن للأسماك ليس ممنوعا استخدامه، ولا تعليمات بمنعه. ونفى دولة وجود آلية لفحص مساحيق الدم والدهون الموجودة فيها.

الخلطة السرية

ويقول المهندس س.ج. أنه زار المصنع في طبريا واطّلع على الجهات التي تستورد منها إسرائيل هذه المواد، وقال أنها تكون من تايلند وتايوان.

وفي إجابة عن سؤال مركز معا حول استخدام مسحوق الدم، قال أن خلطة هذه الاعلاف لا يمكن لأحد معرفتها إلا المصنّع نفسه، وهي سرية للغاية.

أما سبب عدم تصنيعها فلسطينيا فيقول أنها اصلاً لا تصنّع في مناطق السلطة الفلسطينية ولا في إسرائيل، لغياب شهادة خلو أمراض، والتي تمنعنا من تصنيع أي شيء من العظم أو الريش أو الدم. وأكد المهندس س.ج. أن الرقابة الفلسطينية غائبة على الأعلاف، إنما هناك رقابة على الفواتير التي تدقق عادة، مضيفاً أن الضفة كلها تنتج 10 أطنان من السمك كأقصى حد.

2016-06-12