الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الزمن لا يتوقف....عبد الهادي شلا

 

 كل الشعوب لها عادات وتقاليد تتميز بها،قد تتشابه المناطق القريبة وقد تتطابق فيها ،لكنها تختلف باختلاف المكان والظرف والحاجة التي صنعتها وتراكمت حتى أصبحت تقليدا توارثته الأجيال عبر الزمن الطويل ولا يمكن إنكار هذه العادات والتقاليد تحت أي ظرف لأنها إرث جيل إلى جيل،وإن سقط بعضها وحل محله تقليد أكثر حداثة وإلحاحا لزمن مغاير.

العادات والتقاليد هي من التراث تتمسك بها الشعوب و نفرد لها مناسبات سنوية تقام فيها الاحتفالات .

 الأسطورة أيضا دون الخوض في تفسيرها،هي جزء منه تجد فيه الشعوب ما ينفعها من حكمة ودروس وعبر تستعين بما في حشاياها من رموز تسقطها على واقعها الذي يحتاج في كل مراحله إلى تقويم وتوظيف جديد في كل مجالات الحياة ولكل ما هو متوارث بصورة صحيحة وسليمة يناسب الزمن وأدواته والعقل البشري الذي لا يتوقف عن البحث والجري وراء معرفة أسرار الكون .

 

ليست الكتب وحدها هي التي تحتفظ بالموروث من العادات والتقاليد، ولا العقل البشري أيضا ،وإنما الأماكن والأدوات التي منحت الحكايات و الحِكَم بريقها وألقها ولازمت كل سرد عن الماضي وكأنها شاهد مادي يؤكد منبته ويقنع من يبحث فيه.

 

من العادات والتقاليد ما كان شؤم على الناس،حين كان سلوكا مفروضا عليهم بقوة السلطان وأعوانه لذلك نجد الكثير من الاسقاطات كردة فعل على حالة لم تكن منصفة للشعوب في حكايات "الراوي" يوم كانت المقاهي هي المجالس المتاحة للترويح عن النفس يلتقي فيها الأصدقاء والمارة وغيره من الفنون والكتابات التي تحمل الكثير من اللمز في زمن مغاير لا يتفق مع تطلعات الشعوب إلى النهضة والتطور.

 

الأسوأ في هذه العادات والتقاليد هو الخلط بينها وبين فهم العقيدة ،فكثير من الناس يخلطون دون قصد بين العادات التي يرفضونها وبين الحرام،وهذا نتيجة جهل تربوي توارثته الأجيال دون التفكر في الفارق بينهما مما زاد الطين بلة أن ترسخت هذه المفاهيم من العادات وأصبحت سطوتها تتحكم في الكثير من السلوكيات الإجتماعية وغيرها.

 

 لكننا لا يجب أن نغفل عن الكثير جدا من العادات والتقاليد البناءة التي عملت على تماسك المجتمع وضبطت دفته نحو عالم الفضيلة للخروج من شرنقة الجهل والتجهيل في فترات زمنية لم تكن كلها رفاة وسرور فخرج من ظلمة الموروثات البالية رموز تنوير أخذوا على أنفسهم عهدا بتحرير العقل من كل ما رسب فيه من شوائب العادات والتقاليد البالية.مثل هدى شعراوي وقاسم أمين وغيرهم من الأعلام الذين صححوا مفوهم التعامل مع المرأة كمثال على نبذ المجحف من العادات والتقاليد ونسبها إلى الشريعة مما ساعد على تأخر المجتمعات العربية حين تم تحجيم دورها واعتبارها "ضلعا أعوجا"يحتاج دوما إلى تقويم بعصى العادات والتقليد البالية الغليظة.

وغير ذلك من الأمثلة التي تضيق بها المساحة.

 

الزمن لا يتوقف،وهذه قاعدة يدركها الذين ينشدون الرفعة والسمو لمجتمعاتهم وللإنسانية ويعملون على تجريد المجتمعات من شوائب العادات والتقاليد التي لا تنفع ولا تتفق مع الحياة العصرية التي اختلفت فيها الأدوات والقيم وتحتاج إلى بصيرة قوية تقود إلى إستقامة في السلوك وتوائم بين مفرادات العصر الكثيرة والمعقدة التي لا تحتمل العقبات وتتخطاها بسرعة و ثبات .

 

 

 

2017-07-11