الجمعة 14/10/1444 هـ الموافق 05/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
محلل إسرائيلي: سيناريو مخيف جداً.. أزمة الأقصى قد تشعل حرب يأجوج ومأجوج

“ليس في إسرائيل، وربما في الشرق الأوسط برمته سيناريو مخيف قابل للانفجار أكثر من احتمالية تنفيذ هجوم على جبل الهيكل، في منطقة المسجد الأقصى. هذا السيناريو يقض مضاجع مسئولي منظومة الأمن الإسرائيلية منذ حرب الأيام الستة التي وُحدت فيها القدس وسيطرت إسرائيل أيضًا على القدس الشرقية”.

هكذا علق المحلل الإسرائيلي “بن كسبيت” على العملية الفدائية التي نفذها قبل أيام ثلاثة فلسطينيون في الحرم القدسي ضد جنود الاحتلال، وما تبعها من إغلاق الاحتلال المسجد الأقصى أمام المصلين.

ويقول “بن كسبيت” في مقال نشره موقع “المونيتور” الأمريكي في نسخته العبرية “إسرائيل بولس” في 17 يوليو:”في يوم الجمعة 14 يوليو الساعة السابعة صباحًا، بدا أن هذا السيناريو يحاول تحقيق نفسه: ثلاثة شبان من عرب إسرائيل من سكان أم الفحم، مسلحون برشاش ومسدس وسكاكين، اقتحموا موقع جبل الهيكل (الحرم القدسي الشريف)، ثالث أهم موقع في الإسلام، وفي طريقهم إلى هناك أطلقوا النار على شرطيين من حرس الحدود وقفا على أحد المداخل وقتلوهما. كانت نواياهم التحصن في المسجد وإشعال حريق كبير في القدس، وربما أيضا في إسرائيل، والضفة الغربية والشرق الأوسط بأسره. لحسن الحظ ردت قوة من شرطة حرس الحدود بسرعة، وفي مطاردة قصيرة داخل ساحة المساجد قتل الثلاثة رميًا بالرصاص”.

 

ويرى المحلل الإسرائيلي أن العملية خلفت أصداء واسعة في إسرائيل و”الأراضي الفلسطينية”، إذ أجبرت رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) على التعاون، وتجاهل الازدراء المتبادل فيما بينهما وتنافسهما الحالي على قلب الإدارة الأمريكية من أجل وقف تدهور محتمل يمكن أن يحيط كلاهما بنيرانه.

بعد العملية، وفي يوم الجمعة اتصل نتنياهو بأبو مازن لإخباره بما جرى ولمحاولة وقف موجة “الشائعات” والأخبار المفبركة التي عادة ما تروجها شبكات التواصل بعد مثل هذه الأحداث، أبو مازن رد هو الآخر بإدانة الهجوم بشكل حاد وعلى نحو غير معهود.

وأوضح “بن كسبيت” أن “هجوم” الجمعة لم يكن السيناريو المروع الحقيقي الذي تخشاه إسرائيل. في منظومة الأمن الإسرائيلية يخشون قليلاً من “هجوم” مسلمين على الحرم القدسي. فليس ثمة سبب يدفعهم للمساس بمكانهم المقدس.

“لكن المخاوف الحقيقية من هجوم ينفذه يهود متشددون، وهدفه إشعال الشرق الأوسط والعالم الإسلامي برُمّته لإحداث “العاصفة المثالية” لحرب يأجوج ومأجوج بين الإسلام واليهود، والتي يصل في نهايتها المسيح على “حماره الأبيض”، ويتم محو الأقصى وبناء الهيكل الثالث في مكانه الأصلي”، أضاف المحلل الإسرائيلي.

في صبيحة يوم الأحد أعادت إسرائيل فتح الحرم القدسي، لكن مع إضافة: للمرة الأولى منذ سيطرة الاحتلال على المكان، تم وضع بوابات إلكترونية، وأجهزة كشف المعادن على المداخل المخصصة للمسلمين الذين يأتون للصلاة.

مفتي القدس ورموز بالوقف الإسلامي، مسئولون عن إدارة المساجد وصلوا صباحًا للمكان، ورفضوا الدخول، معتبرين أن وضع البوابات الإلكترونية خرق إسرائيلي فاضح لـ “الوضع الراهن” بالحرم.

يقضي “الوضع الراهن”، الذي تحدد خلال عهد وزير الدفاع الإسرائيلي “موشيه ديان” عام 1967، بأن الوقف الإسلامي التابع للأردن، هو المسئول عن ترتيبات الصلاة وإدارة موقع المساجد بالحرم القدسي.

يشار إلى أن البوابات الإلكترونية التي وضعتها إسرائيل من شأنها إبطاء حركة تدفق المصلين إلى داخل الحرم وتعطيل الصلاة.

وبحسب “بن كسبيت”، مازالت البوابات موجودة، ويرفض غالبية المسلمين الدخول من خلالها، وسط تصاعد الأزمة بين إسرائيل والأردن، التي تتولى الإشراف على الوقف الإسلامي.

وقال إن من وراء الكواليس ومنذ وقت طويل يحدث “صراع ملحمي” حول السيطرة الحقيقية على الحرم القدسي، المكان الذي يمكن أن تتفتح منه أبواب الجحيم على الشرق الأوسط بأسره، مضيفا “رسميا تسيطر إسرائيل على المنطقة وتتولى مسئولية الأمن بها، حتى إن لم تكن السيادة الإسرائيلية محققة في المساجد ذاتها. منذ احتلال الجيش الإسرائيلي للقدس تقرر عدم التدخل فيما يحدث داخل الحرم القدسي والسماح للوقف بإدارة المكان بحرية. لهذا السبب لا يرفرف العلم الإسرائيلي في الموقع”.

 

ويخضع الوقف الإسلامي على مدى سنوات للأردن. إسرائيل التي تعتبر عمان حليفا إقليميا مهما تشجع ذلك. لكن – والكلام لـ”بن كسبيت”- الوضع يتغير وتحاول عناصر متطرفة التسلل للمنطقة. وتحاول تركيا بسط نفوذها وسيطرتها على الحرم. تتسلل عناصر إسلامية متشددة، وتحديدا سلفية للموقع كجماعة المرابطين مثلا وتشكل ضغطا كبيرا على الوقف. الجميع يتدخل فيما يحدث بالمسجد الذي يغذي الصداع الأمني الأكثر حساسية لإسرائيل دائما وأبدا.

 

ويرى “بن كسبيت” أن ما يزيد إمكانية اندلاع مزيد من المواجهات بين المسلمين واليهود في الأقصى هو تصاعد مطالب جماعات دينية يهودية بالحج للحرم القدسي الذي يعد أقدس الأماكن لدى اليهود.

 

وخلال العقد الماضي، حظر معظم الحاخامات اليهود الصعود للحرم، لأسباب دينية. لكن مؤخرا سمح الكثيرون من حاخامات الصهيونية الدينية لليهود بالحج للحرم القدسي، وتحاول مجاميع كبيرة اقتحام الحرم ما اعتبر المحلل الإسرائيلي أنه يزيد من “جنون الارتياب” الإسلامي في المكان.

وفي حين حرصت إدارة أوباما على نزع فتيل أية توترات في المسجد الأقصى والحرم القدسي، عبر إيفاد وزير الخارجية جون كيري للمنطقة وإجراء محادثات مع كل من إسرائيل والأردن للتهدئة. وفي مواجهتين سابقتين آخرهما في سبتمبر 2015 أعلن نتنياهو للملك الأردني عبد الله أن إسرائيل ستحافظ على “الوضع الراهن” في المكان المقدس.

“في المواجهة الحالية، ليس في واشنطن إدارة يهمها الموضوع. جون كيري تقاعد، وريكس تيلرسون منشغل أكثر بإيران والخليج، لن يتطوع الأمريكان بمد أيديهم في برميل البارود المتفجر.. تلعب إسرائيل والفلسطينيون والوقف والأردنيون والأتراك والسلفيون هذه اللعبة الخطيرة من تلقاء أنفسهم. الأمر الذي يجعل الوضع أكثر خطورة مما كان في السابق”، يختم “بن كسبيت” مقاله.

المصدر: ترجمة وتحرير مصر العربية..

2017-07-19