الأربعاء 19/10/1444 هـ الموافق 10/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
في ماهيّة الحُبّ...ديمة ميقري

ليس جميع الناس يحبون حقا ...

في الحقيقة الحب هو مجرد مسمّى بالنسبة لنا.. وعلّقنا نحن عليه جميع ما أردنا من أفعالٍ في سبيلِ مصلحتنا وأولُ شيٍ يمكن أن يخطر على بال أي شخص غير مرتبط أو ليس لديه حبيب أو حبيبة.. أنه يريد أن يجرب هذا الشعور لماذا يريد أن يجرب هذا الشعور؟

ربّما بدافعِ الفضول أو لأنه يريد أن يشعر بالسعادة.. وهنا انقاد الشخص وفقاً لمصلحته وعلّق أبحاثه عن الشخص الذي سيجلب له هذه السعادة باسم البحث عن الحب.. وهو في الحقيقة باحثا عن الوهم لأنه ظن أن هذه الحالة أو العلاقة دائما ستجعله في سعادة مطلقة ولم ينظر إلى الجوانب السلبية وكل من الطرفين يريد مصلحته أياً كان نوعها أشخاص يريدون الحب الذي لا يعرفون عنه شيئاً.. آخرون يريدون المال.. آخرون يريد الخلاص من بيئة معينة آخرون يريدون من يخدمهم ويجعلهم سعداء ونساء يردن ألقاباً (امرأة فلان).. ونقود وشهرة وأولاد وبيت وعائلة في الخلاصة لا تجد أحداً يعرف حقاً ماهيّةَ الحب.. أو كان هدفه من الأساس هو الحب يقول ابن حزم في ماهيّة الحب:( الحبّ أعزك الله ..أوَّلُهُ هَزْلٌ .. وآخِرُهُ جَدّ دُقَّتْ معانيهِ لجلالتها عن أن توصَف .. فلا تُدرَكُ حقيقتها إلاّ بالمعاناة) وأيضاً (والذي أذهب إليه أنه اتصال بين أجزاء النفوس المقسومة في هذه الخليقة في أصل عنصرها الرفيع، لا على ما حكاه محمد بن داود رحمه الله عن بعض أهل الفلسفة.

الأرواح أكر مقسومة لكن على سبيل مناسبة قواها في مقر عالمها العلوي ومجاورتها في هيئة تركيبها. وقد علمنا أن سر التمازج والتباين في المخلوقات إنما هو الاتصال والانفصال والشكل دأباً يستدعى شكله، والمثل إلى مثله ساكن، وللمجانسة عمل محسوس وتأثير مشاهد، والتنافر في الأضداد والموافقة في الأنداد، والتراع فيما تشابه موجود فيما بيننا فكيف بالنفس وعالمها العالم الصافي الخفيف وجوهرها الجوهر الصعاد المعتدل، وسنخها المهيأ لقبول الاتفاق والميل والتوق والانحراف والشهوة و النفار. كل ذلك معلوم بالفطرة في أحوال تصرف الإنسان فيسكن إليها، والله عز وجل يقول: "هو الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ليسكن إليها"، فجعل علة السكون أنها منه. ولو كان علة الحب حسن الصورة الجسدية لوجب ألا يستحسن الأنقص من الصورة.
ونحن نجد كثيرا ممن يؤثر الأدنى ويعلم فضل غيره ولا يجد محيداً لقلبه عنه. ولو كان للموافقة في الأخلاق لما أحب المرء من لا يساعده ولا يوافقه. فعلمنا أنه شيء في ذات النفس وربما كانت المحبة لسبب من الأسباب، وتلك تفنى بفناء سببها. فمن ودك لأمر ولى مع انقضائه.)

وأتّفق مع ابن حزم بأنه من أحبَّك لسببٍ ولّى مع انقضائهِ ونفهم مما سبق أيضاً أن الحب انسجامٌ روحيّ قبل كل شيء ولا يجب أن يتعلق بسبب أو بمصلحة إضافة على ما سبق برأيي الحب ليس أن تضحي وتموت في سبيل من تحب فقط ليرتاح هو الحب شراكة في الفرح والحزن في العمل والتعطيل.. في النزهة.. في الواجبات الحب حرية.. احترام.. غفران.. رحمة وأشياء كثيرة أخرى لم نفعلها بعد وإن لم يبادلك الطرف الآخر أو يشاركك شيء فهو حب من طرف واحد.. لأنه لو أحبّك لرضي بك كما أنت على علاتك وأراد كثيراً سعادتك
لذا علينا أن نعرف جيداً على أي أساس سنختار الشريك وعلينا أيضاً معرفة أنفسنا وماذا نريد حقاً

2017-09-23