الثلاثاء 18/10/1444 هـ الموافق 09/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
هل يعطي الاسلام الحق للمسلمين ليكذبوا ...نافذ سمان

( نحن في حيرة كبيرة في رؤيتنا للمستقبل ، فنحن نواجه مفترق طرق ، فإما تسير الأمور على ما يرام ، أو نخسر كل شيء دفعة واحدة  ، و لن يكون مفاجأة كبيرة لي إن حدث تطهير عرقي قد يطال المسلمين في اوربا خلال العشرين عاما القادمة ، فالفكرة القائلة بسيطرة المسلمين على أوربا أصبحت أكثر شيوعا في السنوات الخمس الأخيرة .)

هذا ما قالته رونا بيرجلوند ستين Rune Berglund Steen( رئيسة مركز مناهضة العنصرية)  لمجلة أجندة ( Agenda) في يوليو تموز من العام الماضي.

أما الخبير العالمي المهتم بقضايا الاسلام جون ل.  اسبوسيتوJohn L. Esposito  فقد أعرب من خلال لقاء مع صحيفة افتنبوستن ( Aftenposten ) أن ما يشغله ليس فقط تزايد الخوف من الإسلام بل أضاف :

(الرعب من الاسلام وصل لمستويات عليا في العشر و العشرين سنة الاخيرة و هو يزداد،  ليس فقط في الولايات المتحدة و لكن في اوربا ايضا . و للاستمرار في مناقشتنا هذه حول الاسلام علينا بداية مناقشة و تفنيد غير الواقعية التي تثار حوله . خذوا صور العنف الواردة في الكتب المقدسة ، فإننا نرى أنه من بين كل الاديان الكبرى المعروفة ، فان العهد القديم هو وحده من يدعو صراحة للابادة الجماعية .

و هناك ما هو اكثر من ذلك في العهد القديم و ما هو اكثر بكثير مما ذكر بالقران ، و لكن و على كل حال ، فإنه يتم التركيز على تلك الموجودة في القران .

إنه لمن الصعب لغير المختص أن يُميّز المعلومة التي يمكن أن يثق بها ،فهناك الكثير و الكثير من الادعاءات ، و التي يصل بعضها الى مستوى متدني ، محشوة في الكتب او تذكر في مواقع التواصل الاجتماعي )

نحن هنا كصحيفة ( علامة تعجب ) Utrop رصدنا تلك الادعاءات الجدلية عن الاسلام و المسلمين ، و لكن من يقرر إن كانت صحيحة ام لا ؟ و من يروج لذلك في الاماكن العامة ؟ و إليك أكثرها جدلا و انتشارا :

1- المسلمون يفضلون اتباع الشريعة الاسلامية حتى لو تعارضت مع القانون النرويجي :

ليس من السهل دوماً أن تأتي بنظير لهذه الحجة التي تعكس ما يظهره و يبطنه المسلمون ، و لكن عندما ينادوي المسلمون بتطبيق ( الشريعة ) نأتي الى حقيقة الوضع المقدس الذي يرغب المسلمون بالاقتراب منه .

بمساعدة من منظمة ( الكلمة الحرة ) Fritt Ord حصلت Filter Nyheter على استبيان أظهر أن ما بين 10 إلى 15 % من المسلمين النرويجيين يتطلعون و بشكل إيجابي إلى المزيد من المظاهر الدينية في المجتمع .

كما أنه هناك 69-70 % من المسلمين النرويجيين ضد ذلك .

هذا دفع الناشط المسلم محمد عثمان رانا للقول أن هذه النسبة من المسلمين ترى تسييس الدين و جعله عقيدة سياسية ، و أضاف في حديثه ل Filter Nyheter أن الادعاء بأن المسلمين يرغبون بمزيد من الاجراءات المستندة على الشريعة غير صحيح تماماً ، و لكنه دون أن يكون خاطئاً تماماً .

هنا ، علينا بداية معرفة ما يقصده المسلمون حقاً من الشريعة بشكل خاص و النفوذ الديني بشكل عام ، و هنا يأتينا الجواب من اولئك المتطرفين الذين يعاقبون بالذبح على الزنا و المثلية و الخ .

2-المسلمون لا يودون حقاً الاندماج بالمجتمع :

في السويد بدأوا يتحدثون عن ( المجتمع الموازي ) و ( الغيتو) و يعتقد البعض بأن هذا الامر بدأ يحصل أيضاً في النرويج ، خاصة بعد أن استقبلت البلاد الكثير من المهاجرين المسلمين .

للأسف ليس من السهل دائماً التعامل مع هذه الإدعاءات ، فما هو المطلوب منك لتصبح راغباً بالاندماج ؟ أو كيف لنا أن نميّز أنّ ابتعادك عن المجتمع بسبب رغبتك بعدم الإندماج ، و ليس بسبب معاملة سيئة أو ما شابه ؟

في تحقيق نشرناه في وقت مبكر من هذا العام ، تحدّثنا عن الأسباب التي جعلت نسبة مشاركة المرأة الصومالية منخفضة في الحياة المهنية ، و قد لاحظنا أن القليل من هذه العوائق كان يتعلق بأسباب دينية .

تشير الإحصاءات ، إلى أن ستة من عشرة من اللاجئين ، يصبحون قادرون على إعالة أنفسهم بشكل ذاتي بعد مرور ثمان سنوات على إقامتهم في النرويج ، و هذا لا يبدو سيئاً جداً ، و لكن على كل حال ، فرغم أن قسماً كبيراً منهم يتدبّر نفسه و يجد لنفسه عملا ، فهل يمكن ان يكون هناك من يخالف ذلك ؟

اتصلنا هاتفيا بالمختص بشؤون الوافدين ( لارس اوستبرغ ) Lars Østberg و هو العامل في مجال الإحصاءات الخاصة بالوافدين لأكثر من 40 عاماً و العامل في الوكالة النرويجية للإحصاء SSB لنستوضح منه الأمر ، و قد اعطانا جوابا واضحاً و مختصراً حين قال :

( عندما كانت Erna Solberg وزيرة الحكم المحلي عام 2005 ، قالت أنه علينا أن ننظر بشكل خاص إلى أحفاد المهاجرين لنرى نجاحهم في الإندماج .

نحن الآن نعرف الكثير عن هؤلاء المواليد الجدد ، خاصة و أنهم قد ولدوا على الأراضي النرويجية ، و تلقوا تعليمهم في مدارسها ، و هذا يؤكد أن الأرقام و الإحصائيات لا تشير صراحة على تأثير الدين على خيارات أبناء القادمين المسلمين ، ممن ولدوا و تلقوا تعليمهم في النرويج ، ربما لأن الإحصائيات لا تنظر إلا لبلد الاصل بغض النظر عن الخلفية الدينية .

و مع ذلك فإن هؤلاء الأطفال يجدون أنفسهم أصحاب حقوق في النرويج .

إلا أننا لا نستطيع أن نتجاهل دراسة اجريت عام 2016على طالبي اللجوء ممن لهم نفس المؤهلات( الدراسة، العمر، الجنس) فقد أوضحت الدراسة أن للمسلمين فرصة أقل ب11% لأن يُقبل في أوربا من غيره .

و قد شمل المسح 18000 من المقبولين من عدة دول اوربية .

3- الاسلام هو دين عقائدي ايديولوجي و ليس دينا عاديا :

إنّ الإدّعاء بأن الإسلام دين عقائديّ و ليس ديناً عادياً جعل الناس مترددة حيال المسلمين . فعلى سبيل المثال فقد شبّه السياسي الهولندي ( جيرت ويلدارز ) Geert Wilders الإسلام في لقائه مع التلفزيون الاسترالي القناة الاولى ، بأنّه أيدلوجية مطلقة . كما سبق له أن تكلم عن أيديولوجية العنف في الإسلام ، في لقاء اخر مع هيئة الاذاعة البريطانية BBC في برنامج Hard Talk .

في النرويج، هناك مجموعات غير عادية مثل منظمة ( أوقفوا الإسلام  (SIAN) يدّعون أنّ الإسلام هو عبارة عن أيديولوجية.

هذا الإدعاء يمكن أن يكون من الصعب التأكد منه ،لأن تعريف الأيديولوجية مفتوح للتفسير. هنا يمكننا الإستعانة بالأستاذ المشارك في جامعة أوسلو ، قسم الدراسات الثقافية واللغات الشرقية Ragnhild Johnsrud Zorgati حيث يقول :

عندما يقول الناس أو يكتبون شيئاً من هذا القبيل، قد يفكّرون في الأسلمة ، التي عادة ما تستخدم كتوجيه يتم فيه تكوين الدين وبناء المجتمع أو الدين والسياسة. غير أن الأسلمة مصطلح غير دقيق ويستخدم للتجمعات ذات القوى المختلفة الإتجاهات .

تميّز الإسلام طوال تاريخه قد بتنوع عرقيّ و دينيّ ، من هنا يرى البعض أن قواعد الإسلام يجب ان تطبق على سائر أفراد المجتمع في حين يرفض البعض هذه الحالة الإلزامية .

فالبعض يرى أن من أهداف الإسلام تطبيق الشريعة على كافة أفراد المجتمع ، في حين يرى البعض أنّ هذا لن يجدي نفعاً في هذا المجتمع المتنوع .

من يعتقد بأن الإسلام أيدلوجيّ ،  يقومون بذلك وفق نظرتهم لمفهوم الشريعة التي يطرحها بعض الناشطين الإسلاميين ،

و الذين يعتقدون أن الإسلام يُنظم حياة الفرد و يشرف عليها ، ابتداء من رسم السياسة للدولة ، لأصغر التصرفات ، جاعلاً الدولة و السياسة و حتى الأفراد مجرد أدوات .

و لكن هنا علينا أن نتذكر أن تفسير هذه الشريعة غير متفق عليه من قبل كلّ المسلمين ، فهي للعديد منهم طريقهم و وسيلتهم لقيادتهم للخلاص . و إذا عدنا للتاريخ قليلاً ، نجد أنّ الشريعة كانت نظاماً مرناً مُستمدة من مصادر دينية ، و قد اخذت بعين الاعتبار جميع العوامل المحيطة ، إضافة لتنبّهها لخصوصية كلّ منطقة على حدا .

إن تصوّرنا أنّ الشريعة في العصور الماضية قد جلبت معها الفرديّة و الوحشيّة هي أيضاً فكرة غير صحيحة أبداً ، حيث لدينا مصادر تُثبت أنّ الشريعة قد اعطت حقوقاً للأقليّات الدينية و للنساء ، اللذين غالباً ما كُنّ يأخذن حقهنّ كاملاً ، و امكنهن استخدام هذا النظام لتحقيق مآربهم و غالباً ما كانت المنازعات القضايية تنصفهنّ .

إلا أنّ لدينا ايضا تأكيدات بأنّ الشريعة قد اعطت درجة فُضلى للرجال على النساء . كما فضّلت أيضاً المسلمين على غيرهم من اتباع الديانات الاخرى ، و نرى أنّ مساحة الحريات التي كانت ممنوحة للرجال المسلمين أكثر من تلك الممنوحة للنساء ، أو حتى لرجال الديانات الاخرى .

4-على المسلمين اتباع ما جاء بالقرآن بشكل تام :

يؤمن المسلمون أنّ القران هو كلام الله ، و لذا فيتوجب عليهم اتباعه ، و هذا يعني أنّه ليس هناك شي يدعى الإسلام المعتدل و الإسلام الراديكالي ، فهناك فقط اسلام واحد و هو الاسلام القرآني .

القرآن هو عبارة عن نصوص متواكبة و معقدة . اللغة العربية بحد ذاتها هي لغة معقدة .

يذكر الباحثون أنّ المسلمين كانوا عظماء عبر التاريخ ، و قد أوجدوا العدد الهائل من التفسيرات للقرآن و أحكامه .

و بينما يؤكد البعض على أنّ الإيمان في القلب ، فإن آخرين سيؤكدون أيضاً على أهمية أن تكون الملابس والقواعد الغذائية مناسبة .

و قد استخدمت مسألة تعدد الزوجات كمثال على اختلاف التفسيرات لما ورد فعلاً في القرآن ، ففي حين يعتقد بعض المفكرين أنّ النظام القرآني لتعدد الزوجات يجعل النساء كلهنّ سواء و هذا ما ينطبق فقط على الأشياء ، يعتقد آخرون أن هذا التشريع يتماشى مع الأمور العاطفية للشخص المعني .

و لكن هل من الممكن فعلا أن نحصل على تفسيرين مختلفين لنفس النص؟

نعم ، فلا يوجد أي شيء يشير إلى أن المسلمين يريدون إعمال الدين في كل تفاصيل الحياة ، و غالباً فإنّ الناس الذين لديهم وجهة نظر سلبية عن الاسلام ، يكون ذلك نتيجة لفهم خاطئ أو تجربة سيئة .

خلال ثورات الربيع العربي عام 2011 ، لم تكن هي الشعارات الدينية من دفعت الناس إلى الشوارع ، بل هي نداءات الحصول على الحرية و الكرامة , فالناس تريد مستقبلاً آمناً لأولادهم و حياة كريمة ، و ليس أن تظلّ النخب الصغيرة الحاكمة مُتحكّمة بالجميع .

نذكر أنّ بلداً مثل تونس حيث هناك 11 مليون نسمة ، و حيث أنّ السُنّة يُمثّلون 98% لكنها ذهبت إلى إختيار دستور يستند إلى شرعة حقوق الانسان ، لا يعتمد على الشريعة ، و هو دستور مدعوم أيضاً و يلاقي القبول من الأحزاب الاسلامية .

السؤال هنا :

هل هناك إمكانية أن نتحدث عن قدرة المسلمين على الحياة بشكل سلس في النرويج ؟

إنّ المسلمين في النرويج مختلفين ، بإتجاهات مختلفة و بخلفيات مختلفة من أصول مختلفة ، لذا من الخطأ أن نقول أنّ كلّ المسلمين هنا سواء ، أو أنّهم على مستوى واحد من الفكر و المعرفة .

5-القرآن يعطي المسلمين تصريحاً بالكذب :

في عام 2004 كتب ( كارل إ. هافين ) Carl I .Haven و الذي كان حينها نائب رئيس الحزب التقدمي النرويجي Frp في تصريح لصحيفة VG :

( كما رأيت و أرى ، فإنّ القرآن يُعطي تصريحاً كاملاً للمسلمين بأن يقوموا بخداع الغير أو الكذب ، الأمر الذي يجعلهم جاحدين للغير، كنحن المسيحيين مثلاً )

الإدعاء هذا أتى في أحد المُناقشات مع شعيب سلطان السكرتير في الرابطة الإسلامية . و في تعقيب تالي في نفس المناقشة تبيّن أنه كان يقصد مصطلح التقية ، و هو مفهوم مشترك يتم تداوله بين أوساط المتطرفين المسلمين .

التقية هي سلاح استراتيجي . كلمة لا يمكننا ترجمتها إلا بشكل حذر ، حيث أنّها تعني أنّ المسلمين بإمكانهم أن يُخفوا ما يضمرون بدواخلهم ، و هذا ينطبق على سبيل المثال على تفسير القرآن ، كما في تفسير الآيات المُتعلقة بالكفر ، حيث يُصدّر لمن يُعتبرون كفاراً تلك الآيات الرقيقة ، كما يفعل سلطان و منظمة شباب محمد .

في عام 2010 ظهرت كلمة التقية في مقال بعنوان هل نعرف التقية؟  لهيجا ستورهاوج  Hege Storhaug

حيث قام كاتب المقال بانتقاد الداعية الإسلامي محمد اسامة رانا ، و قال :

إنّ التقية هي إخفاء بعض الآراء أو التوجهات ، و هي وسيلة خداع و استراتيجية لتحقيق مصالح الاسلام ، و يمكن أن تستخدم في أوقات السلم أو الحرب  ، و في كل أنحاء العالم ، و سواء بين المسلمين السنة و المسلمين الشيعة ، فتبقى هي خيار جيد جداً .

و بما أنّ هذه المقولة اعتُمدت كغلاف لمجلة الشرق الاوسط الفصلية (Middle East Quarterly) ، فإنها تظلّ أكثر موضوعيّة و عقلانية مما صرح به Hege Storhaug في مقاله المشار إليه سابقاً .

و رغم أن المقال يتمتع بمستوى أكاديمي ، إلا أن صحيفة Utrops وجدت أنّ كاتب المقالات المتخصص في فصلية Middle East Quarter الاستاذ Raymond Ibrahim يجزم بأنّ مصطلح التقية لا يحظى بدعم أيّ أحد من الباحثين الإسلاميين ، و لا حتى من قبل أيّ مسلم عادي .

و عند توجه Utrop للإتصال هاتفياً ب Hege Storhaug لتستفسر منه عن ما يعتقده عن مصطلح التقية اليوم ، و بعد مرور سبع سنوات ، قال أنّ هذا الامر ليس على قائمة اهتماماته الآن ، قبل أن يُنهي النقاش .

من جهته Geert Wilders فإنه يبدو غير متخوف من استخدام مصطلح التقية أو العمل بها ، و قد قال هو في مقابلة له مع هيئة الاذاعة البريطانية BBC ، أنّه ليس مع الإعتقاد الشائع بأن كلّ المسلمين ارهابيين ، و لكنه يستدرك ليقول أنّه إذا ازدادت أعداد المسلمين في مجتمع غريب ، فإنه من الممكن لمصطلح التقية أن يتخذ منحاً آخر في إخفاء رغباتهم و تطلعاتهم اذا واجهت تلك التطلعات عقبات ما .

إنّ اللقاءات التي اجريناها هنا في صحيفة Utrop مع اختصاصيين ، و مع استعراض واقع الحال ، بيّنت لنا أنّ مصطلح التقية يعطي ما هو أكثر من فكرة الخداع للمسلم ، و لكن ذلك الخداع لا يأتي من قبل المسلمين العاديين ، بل من أشخاص معينين و محددين ، و هي كمصطلح موجود في العقيدة الإسلامية منذ زمن ، و لكنها ترتبط تاريخياً بطائفة الشيعة ، و بمرحلة زمنية معينة كانت فيها هذه الطائفة مستضعفة .

على مرّ التاريخ، كان المسلمون الشيعة أقلية في مجتمعات يغلب عليها الطابع السني، و هذا ما أدى الى الكثير من الممارسات القمعية و الانتقامية و الإضطهاد على مستوى عال ، من هنا كانت التقية حل ممتاز للحفاظ على الحياة و الممتلكات ، و لاخفاء الممارسات العقائدية و ما إلى ذلك .

و من ناحية اخرى فإنه ليس هناك أيّ عالم دين ، سواء ان كان سنياً أو شيعياً ، يرى أنّ الإسلام يعطي الحق للمسلمين بالكذب و الخداع ، إلا اذا كان هناك تهديد ما على الحياة أو الصحة.

6- سيكون هناك المزيد من المسلمين ، و ستتزايد اعدادهم و ربما نتحول الى دول ذات أغلبية اسلامية :

هناك أمر مهم عند من يؤمن بنظرية المؤامرة ، و هو التركيز على المواليد الجدد و المهاجرين إلى أوربا ( من المسلمين بالطبع) و يقول البعض المتشكك ، إنّ كلاً من القادة الاوربيين الحاليين و العرب ، يتعاونون لجعل أوربا لقمة سائغة للمسلمين ، و هم يعملون على تسهيل إستيلاء المسلمين على أوربا و السيطرة عليها.

في النرويج هناك المؤسسة النرويجية للإحصاء  SSB و هي تعمل في ما يسمى التوقعات السكانية ، و مع ذلك فإن منتقدي الهجرة المتطرفين ، و منتقدي الإسلام الراديكالي ، غالباً ما لا يثقون بأبحاث هذه المنظمة المعنية بالوضع السكاني ، و لكن الحقيقة المعروفة هو أنّ هذه الوكالة لديها أفضل و الكثير من الاحصاءات و المشاهدات و الحالات ، التي يمكن أن تشرح لنا كيف سيكون شكل السكان مستقبلاً ، و لكنها رغم ذلك لا تأخذ بعين الاعتبار في عملها الانتماء الديني ، و لكنها تتبع في تقسيمها للسكان المهاجرين للنرويج تبعا للقارة التي جاءوا منها.

من أهم أرقام تلك الوكالة ، توقعها أن نسبة الوافدين من دول آسيا و أفريقيا و أمريكا الجنوبية و كنتيجة لإرتفاع وتيرة الهجرة ستصل إلى 30% من السكان في عام 2067 و سترتفع إلى 38% عام 2092 و لكن هناك أمر مهم علينا أن نراعيه هنا ، و هو أن هؤلاء المسلمين سواء كانوا قادمين من آسيا أو افريقيا أو حتى امريكا اللاتينية ، سيعيشون في جوار مجموعات هي ليست أبدا مسلمة ، و بالتالي فنحن بعيدين جدا عن تشكيل أي أغلبية إسلامية .

يشير منتقدو وكالة SSBإلى أن التصنيفات التي تجريها على السكان لفئة القادمين ، تخفي خلفيات أولئك القادمين الجدد ، و اعتبرتهم مواطنون نرويجيون، و لكن للحقيقة ، و حتى مع احتساب هؤلاء ، فإننا ما نزال بعيدون عن الزمن الذي يشكل به المسلمين أغلبية واضحة .

كما أننا نملك سببين آخرين لعدم خشيتنا من تكوّن ( أغلبية مسلمة ) ، أولهما : أن هناك قسم كبير من السكان هم نرويجيون أصليون ، و ثانيهما : هناك الكثير من أحفاد القادمين إلى النرويج هم كانوا أو أصبحوا مسيحيين أو هندوس أو بوذيين أو حتى ملحدين .

هناك أيضاً أمر مهم يثيره أنصار نظرية المؤامرة و يأخذونه على محمل الجد ، حيث يقولون أن للمسلمين قابلية انجاب عدد أكبر من الأطفال ، و هذا سيؤدي تلقائيا إلى تشكيل أغلبية إسلامية تسيطر على أوربا .

و نقول هنا ، أنه من الصحيح أن للبلدان العربية معدلات خصوبة و انجاب مرتفعة ، و لكن هذا لا ينطبق على المهاجرين الذين يجنحون إلى الإنجاب في حدود المتوسط المتعارف عليه في بلدان الهجرة  .

إن من طبيعة الحال أن لا يقتنع أنصار نظرية المؤامرة بهذه الحسابات الرياضية ، فعلى سبيل المثال ، يقتنع هؤلاء بأن اجتماع عدد من المسلمين يكفي لتكوينهم قوة تسيطر على المجتمع بأكمله ، كما أنهم ينوهون بأن أرقام الوكالة النرويجية للإحصاء غير دقيقة كفاية ، و هكذا نجد أن مجرد إطلاقنا وصف ( أغلبية اسلامية ) ليس مصطلحا متفقا عليه كفاية .

هنا لنا أن نتسائل :

و ماذا عن الجانب الآخر ؟

إن معظم المناهضين للعنصرية و المتحدثين المسلمين في النرويج حريصون على التأكيد على أنهم لا يريدون أن يضروا بحرية التعبير ، كما أنهم كلهم يوجهون إنتقادات جدية لإتجاهات الاسلام الراديكالي المتطرف .

و لكن هل يمكن للناشطين المناهضين للعنصرية و من يحذوا حذوهم ممن هم في وضع يسمح لهم بالدفاع عن الاسلام ضد تلك الهجمات المناهضة له و التي لا أساس لها من الصحة أن يتقبلوا جزئية النقد الذاتي ؟ أم أنهم يتعامون عن المشاكل الضخمة و يركزون جهدهم على حماية المسلمين دون الالتفات جديا للمشاكل الحاصلة ؟

قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا بتصريح جدا مزعج ، حيث قال أن على الأتراك أن ينجبوا أكثر من خمسة أطفال و أنه لا يريد للأوربيين أن يتجولوا و يتمتعوا بشارع آمن إذا استمرت أوربا بنهجها المناهض له كما هو حاليا .

السؤال هنا ، هل يقول أردوغان هذا الكلام بصفته مسلما ؟ أو بصيغة أخرى ، هل الاسلام هو الذي يدفع أردوغان لقول أشياء خطيرة مثل هذه ؟

و السؤال الآخر ، هل يا ترى ، هل ينقاد كل الأوربيين من أصول تركية لتصريحات هذا الرجل و ينفذون تهديداته هكذا ببساطة ؟

الخلاصة
إن أغلبية أولئك الذين ينصبون أنفسهم إما مدافعين أو مناهضين للإسلام يتصفون بالسذاجة ، ففي مقال مكرس للحديث عن القرآن نشر في العدد الأخير من مجلة Samtiden النرويجية ، نرى Nils August Andresen  و هو رئيس تحرير مجلة Minerva يقوم بإنتقاد كل من المتحدثين المسلمين و معارضيهم على حد سواء ، و هو يذكرهم بأن عليهم التركيز على الأمور الجوهرية و المشاكل الحقيقية العميقة ، و يستشهد بكثير من تعليقات صحيفة Aftenposten النرويجية إضافة للأسقف Atle Sommerfeldtو يعتبرهم أمثلة على تجاوز المشاكل الحقيقية سواء كانت تتعلق باللاهوت أو بظروف المجتمع الاسلامي .

في هذه الحالة ، نقترح مناقشات أكثر جدية و فعالية حول الأمور الدينية مع تفهم الجميع ( سواء كانوا مسلمين أو غير ) أن اللغة المستخدمة هي مجرد للتوضيح ، كما علينا أن نعلم أن الاصلاح يجب أن يترافق مع قراءة هادئة للنصوص حيث يتفهم الكل أن بعض الأوامر الدينية سنت لمرحلة الحرب فقط أو للمراحل الخطرة .

قمنا بالإتصال ب Rune Berglund Steen التي افتتحنا مقالنا بكلماتها ، لنسمع منها عما تفكر به الآن بعد مضي عام كامل من إتيانها بنظرتها التشاؤمية عن مستقبل الاسلام في أوربا و التي اعتقدت أن تنتهي بمذابح تطهير عرقي ضد المسلمين .

و قد صرحت لنا أنها تفكر في أننا يجب ألا نتجاهل هذا ، حيث مازالت كل الاحتمالات مفتوحة ، نحن لا نريد ذلك و لا نقول هذا لتخويف أحد بل نحن نصلي لكي لا يحدث أي تصادم ، و لكنه سيكون من السذاجة تجاهل ما يجري ، سواء في الولايات المتحدة ( منذ عام و إلى الآن ) من تزايد معدلات الجريمة و التجاوزات العنصرية ، كما أننا لا نستطيع تجاهل الاتجاه السلطوي الدكتاتوري الذي يحدث في أوربا الشرقية ، كما أننا لن نستطيع أن نبدي تخوفنا من أن تصبح سيدة مثل ماري لوبان رئيسة للجمهورية الفرنسية .

و بطبيعة الحال ، لا أقول أننا نريد أن يحدث ذلك التطهير العرقي في أوربا ، و لكننا لا يمكن أن نغض الطرف عن الأسباب التي تتراكم في بعض الأماكن .

في عام 1920 ، كان هناك اتجاه معاد لليهود و تطور إلى مجازر عرقية .

تاريخيا ، كان من السذاجة تجاهل هذه الأسباب .

في الوقت نفسه ، فإن ما يحدث من إقامة تلك المخيمات البائسة للاجئين على الأراضي الأوربية ، و هم من نجا من رحلة البحر المميتة ، هو شيء لا يقل قسوة عما يمكن أن يجري .

إن الروح الأوربية في خطر هنا ، و لكن و لحسن الحظ ، أنه توجد مقاومة لهذه الأفعال و هي في تصاعد ، حيث رأينا المحكمة العليا في الولايات المتحدة قد أوقفت حظر دخول المسلمين مرتين ، و لكن هذا لا يعني أبدا زوال الخطر في العشرين سنة القادمة.

 

عن صحيفة Utrop النرويجية عدد 4\4\2017

المقال بقلم الصحفية Are Vogt Moum

2017-11-19