الأربعاء 12/10/1444 هـ الموافق 03/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
هل يصلح بوتين ما أفسده ترامب؟...أحمد طه الغندور

 

 مما لا شك فيه أن ما ارتكبه الرئيس الأمريكي ترامب من حماقة بإعلان القدس عاصمة للاحتلال وقراره بنقل السفارة من "تل أبيب" إلى القدس، قد أضر بمكانة الولايات المتحدة الأمريكية كوسيط نزيه في المسيرة السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. كما أظهر الولايات المتحدة ـ العضو الدائم في مجلس الأمن ـ بمظهر الدولة التي لا تحترم الشرعية الدولية ولا مؤسساتها مما يستوجب مسائلتها أمام المحاكم الدولية وفقاً لسوابق صدرت عن محكمة العدل الدولية.

ولقد جاء لقاء القيادتين الفلسطينية والروسية هذا الأسبوع هاماً ومعبراً عن مدى أهمية تحقيق السلام في الشرق الأوسط حتى ينعم العالم بالأمن والاستقرار، فطالما كان لهذه القضية من أثار وتبعات على المستوى الدولي.

والمراقب للسياسة الروسية يدرك أن هناك متابعة روسية للقضية الفلسطينية منذ زمن الاتحاد السوفيتي، وأن القضية تأثرت عبر السنوات الماضية بما صدر عن هذه القيادة من قرارات إيجاباً وسلباً؛ ومنذ القرار بالاعتراف الروسي بكيان الاحتلال، أو مواقف هذه القيادة في دعم الحقوق الفلسطينية في الأمم المتحدة.

وكشف اللقاء عن أن القيادتين الفلسطينية والروسية ترغبان في أن تباشر القيادة الروسية في القيام بدور فاعل أكبر في المسيرة السلمية من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وتمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقلة ونيل حقوقهم الوطنية المشروعة.

ومن المؤكد أن الكثير من العوامل السياسية والواقعية تؤهل القيادة الروسية للقيام بهذا الدور الطليعي بشكل أفضل من غيرها من دول العالم؛ ومن ذلك حضورها في المنطقة فهي على الحدود في سوريا، ومعرفتها بخفايا الأمور فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وما تتمتع به من علاقات متميزة مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وحتى العلاقات القائمة بين الرئيسين بوتين وترامب تشجع على المبادرة للقيام بهذا الدور، ولا أدل على ذلك من الاتصال الذي تم بين الرئيسين الروسي والأمريكي قبيل اللقاء الفلسطيني والروسي.

إن القيادة الروسية الحالية الممثلة في شخصية الرئيس " فلاديمير بوتين " ـ القيصر الروسي ـ هذه الشخصية الحازمة والهادئة لا شك أنها قادرة على صنع سلام مُشرف في الشرق الأوسط، كما أن المصالح الروسية في المنطقة واضحة مما يُشكل دافعاً اضافياً لهذه القيادة في المضي قدماً بهذا الدور.

السؤال الأن؛ هل لدى الرئيس بوتين الرغبة الأكيدة في تولي هذا الملف الأن إضافة إلى الملفات الدولية الأخرى التي يتولاها؟

ثُم إن قبل هذا الملف؛ هل يقبل الرئيس بوتين بتغيير صيغة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية القائمة على المفاوضات المباشرة والثنائية بين الطرفين؛ التي أثبتت عدم جدوها؟ والسير بالمفاوضات بصورة أخرى من صور المفاوضات المتعددة؟

المنطق يقول بهذا؛ كون الولايات المتحدة لن تتخلى عن دورها الانتهازي في حماية الاحتلال مهما كانت ثقتها في الأطراف التي تقود المسيرة السلمية، وبالتالي وجودها إلى جانب القيادة الروسية أو أطراف أخرى يضع المسيرة السلمية تحت مظلة الدبلوماسية المتعددة.

وهنا السؤال الجوهري الثاني؛ هل ستمكن القيادة الفلسطينية روسيا من القيام بدورها على خير وجه؟

إن ذلك يعني عدم التراجع عن القرار بإقصاء الإدارة الأمريكية من قيادة العملية السلمية لما ثبت من انحيازها المطلق للاحتلال وعملها الفاضح لتصفية القضية الفلسطينية، وكما يتطلب ذلك إعادة ترتيب أوراق العلاقات الفلسطينية العربية من أجل تحقيق دعم أكبر للدور الروسي، ولعل في ذلك ما يوجد الوسيلة بأن يُصلح بوتين ما أفسده ترامب.

 

2018-02-15