الأربعاء 4/11/1444 هـ الموافق 24/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
ومضة ادبية عن قصيدة (حصة في فن الشعر ) لـ صابر حجازي ..بقلم الناقد محمد رضوان

 اولا- النص :-

حصةٌ في فـنِّ الشِّعر
****************
قصيدة لــ صابر حجازي

 


قال الشيخ :
-الشعر
الليلة حصتنا

قال التلميذ:
- أبقى الله الشيخ
الشعر
صنفان
مدح.. أو.. ذم
ماذا  تلقي الآن علينا

قال الشيخ : 
 وهو..(يتصبب عرقا)
- اصمت
فالشعر عرفناه
صِنْفـًا واحد
إنْ تمدح تسلم
إنْ لم تمدح
ستذمّ

قال التلميذ:
-زدنا. إيضاحا..؟

قال الشيخ:
- الأمر بسيط للغاية
أو لم تسمع قول الشاعر:
-فعلن فعلن
فعلن فعلن ؟!!
المعنى واضح.
للكلّ.......

و لكن
لا تنسَ النحو فإنَّ النحو...
أهَمُ من المضمون

إِنْ تكتب
اكتب ما شئتَ
و لكنْ
التزم النحوَ
فإمَّا الوزن.. أو.. النحو
والمعنى دوما في بطن الشاعر...

قال التلميذ:
-و كيف يكون الحالُ
وبطن الشاعر جوعان

قال الشيخ:
لا شيء
إنْ يمدح يسلمْ
أو يبقى الشاعر جوعان
و ارفع..
أو ضُمّ..
وارفع..
أو ضم..
أمَّا التسكين
فهذى...مشكلة الإسكان

... و اهتم...
... أو اغتم...
.. لكن الذم..
عن صفة الشعراء..
أبعد شيء ..

أوَ تذكرُ "دنقل "
قد مات وحيدا...
ذم

لكن "حجازي العاطي" الآن
ابن العم
..فعلى ريش نعام
نم

"أوْ..كــ .."نزارْ
ساعة يكتب
(فوق دفاتر ليل النكسة)
وساعة أخرى
يبكي
(الهرم الرابع في مصر)


ليكن منهاجك يا ابني
أنْ تمدح دوما.......

..لكن
لا تنس
أنْ تحفظ كل قواعد علم النحو
..الصرف..

و لا تعرف يوما
معنى الجر..

..فالجر .
..مجرور خلف المضمون..
..والمعنى في بطن الشاعر
دوما
مسكون...


أوَ تفهم..؟؟

قال التلميذ:
-..لا أدرِي

قال الشيخ:
-أ غبي.....أنت؟!


............................................


ثانيا :- القراءة 


يأخذنا الشيخ المعلم فى رحلة مثيرة مصطحبا تلميذه المتشوف للمعرفة بين أدغال ووديان وغابات الشعر المتشعبة المترامية ويشير الفتى إلى شجرة عتيقة لم تطرح سوى ثمرتين يانعتين إحداهما متوهجة بالنور والضياء  ..والأخرى معتمة مظلمة تبدو لها حرافيش وأنياب ..تساءل التلميذ : أوليست شجرة  الشعر ياسيدى تحمل كلتا الثمرتين :ثمرة  المدح المشرقة ..وثمرة  الذم المغرضة ؟ ..تفصد جبين الشيخ عرقا ..وانتفضت أوداج الرعب بداخله ..فالشعر يابنى إغداق وإغراق ومديح وثناء  ..والتزام بالقواعد والنحو دون محاولة للفهم أو المضون ..سر يابنى فى الطريق المضمون ولا تبتعد عنه أو تحيد  ..فإما أن ترفع شيوخ السلطة الأجلاء.. أو تضم شموسهم المشرقة ..وإما أن تبقى جوعان أبد الدهر ..والمعنى فى بطن الشاعر ولك أن تختار البطن التى تناسبك : ضامرة أو عامرة ..أو لم تسمع يابنى عن ( أمل دنقل ) صاحب شطحات الذم ..وجولات الهجاء والشكوى ؟ ..أتريد أن تموت مثله وحيدا جائعا ضامر البطن  خاوى الوفاض ؟  ..أشفق عليك يابنى وأحلم لك بالحياة الرغدة السعيدة لشاعرنا الجميل وصاحب إبداعات الارتياح وركوب الموجات الوردية (عبد المعطى حجازى ) ..أو اركن إلى السكون والتذاكى والمماحكة.. واركب قاربك اللازوردى مصطحبا ذوات النهود والعطور ..مخترقا مياه الخذلان والنكسة ..التى سرعان ماتحيلها أشعارك إلى شطآن للغنيمة والمجد مثل شاعرنا المنعم المرفه ( نزار ).  فامض فى طريق إبداعك المضمون ..وشعرك الميمون  .. امدح ..والهث ..واجرى ..وارفع ..وضم ..وإياك والجر ..إلا الجر المجرور خلف المضمون. .والمعنى فى بطنك يابنى دوما مسكون .سكنت أنفاس الشيح ..وأشرقت ملامحه ..وربت على كتف تلميذه فى  حنو بالغ هذه هى قواعدى ونحوى وصرفى للوصول إلى الشعر الموزون المضمون ) .
هذه هى قراءتى المتواضعة للقصيدة الشعرية البديعة للشاعر الكبير ( صابر حجازى ) قد تختلف معها أو تأتلف ولكنها فى النهاية دعوة رمزية للالتزام والاتساق والانسجام  مع قواعد الشرف الحقيقية لكتابة الشعر .

 الخذلان والنكسة ..

........................................
محمد محمود رضوان- 
- كـاتب مصري نشر العديد من المقالات والنصوص الادبية من مسرح وقصة وشعر ونقد 

2018-02-21