الجمعة 10/10/1445 هـ الموافق 19/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الغباء والغرور....عبد الهادي شلا

 

 ما بين الغباء، وهو حماقةٌ وانعدام للسيطرة على السلوك، وبين الغرور وهو استعلاء وكبرياء... شـَعرة يمكنك تمييزها في سلوكيات من حمل هاتين الصفتين، كل على حدة؛ فإن اجتمعت كل تفاصيلهما الصغيرة في شخص، فإن الأمر سيكون صعبا على هذا الغبي والمغرورفي نفس الوقت ولن يستطيع التأقلم مع المجتمع من حوله.

صعوبة هذا التأقلم تأتي من أن المجتمعات فيها كل أنواع الغرائز فإن اعتبرنا الغرور غريزة «مكتسبة» من ظرف أثَّر في صاحبها مثل أن يكون جماله مبهرا، أو نسبه عاليا، أو يكون غنيا غنى ظاهرا وما إلى ذلك، أو لديه عقدةٌ ما تركت في نفسه شعورا بالعظمة والاستعلاء على الآخرين، أو تربى على ذلك فأصبح وراثيا يصعب الفكاك منه، فهو داء يدل على نقصان الفطنة وطمس نور العقل والبصيرة.

ورغم وجود هذه الصفة في البشر إلا أنه لا يجوز لإنسان أن يكون متكبرا أو جبارا، بل حـُرّمَ عليه ذلك، فقد جاء في الحديث الشريف أن الله عز وجل قال: «الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار»... فليتنبه كل من تُسول له نفسه أنه أكبر من سواه وليتواضع لتسمو نفسه وتفرح.

أما الغباء فأكثره، كما يقول علماء النفس، وراثي، يتضاعف مع الوقت ويتطور فيصبح أقرب إلى الجنون، وعلى الشخص أن يتفكر في خلق الله ويُعمل العقل ويطلب النصيحة إن استشعر عدم القدرة على الاستيعاب والفهم حتى لا يتضاعف الغباء فتكون نتائجة وخيمة عليه وعلى من حوله فيصبح بحاجة إلى علاج نفسي.

والغبي تكون ملامحه ظاهرة في أغلب الأحيان بالإمكان قراءتها على وجهه، وهي متعددة ومتلونة وفي لحظة وهجها تكون منفرة ومقززة لا تطاق، ومملة!

الغبي لا خيال عنده ولا إحساس لا يقبل الرأي الآخر ويتمسك بوجهة نظره التي يظن أنها الأصح، ولا يتعلم من أخطائه، الغبي لا يرى في الآخرين إلا وجوههم دون محاولة التعرف على ما خلف هذه الوجوه بالتقرب إليهم وطول المعرفة الشخصية بهم، وأسوأ ما يتصف به الغبي اعتقاده أنه يملك مفاتيح كل الألغاز، فضلاً عن عدم وثوقه بقدرة الآخرين، ومجادلته فيما لا يحتاج إلى مجادلة.

في دراسة قامت بها جامعتا نبراسكا وجون هوبكنز أن فيروساً يدعى «Chlorovirus ATCV-1» موجود منذ القدم وتم اكتشافه مؤخراً ويعيش في الطحالب الخضراء في بحيرات المياه العذبة، يسبب قلة الإدراك والقدرة على التحليل لدى الناس، ويزيد الغباء لديهم، وأوضحت أن 44 في المئة من البشر يحملون هذا الفيروس ذو التأثير الطويل الأمد، والّذي يعمل على بلادة العقل، وهذا الفيروس يعيش في حلق الإنسان.

هذه الظواهر التي لا يخلو منها مجتمع من أكثر الظواهر التي يتولد عنها مشاكل في كل موقع يكون صاحبها فيه فيتجنب التعامل معه أقرب الناس إليه لأنهم الأكثر معرفة بطبيعة سلوكه، فلا توكل إليه أعمال حساسة أو على أهمية عالية لأن نتائجها محسومة بالخطأ الذي قد تكون نتائجه مكلفة جداً وتفاعل الآخرين معها ضعيف ومتردد!

2018-03-03