السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
يا شعب السنغال البطل ـ كيف تستقبلون وزير خارجيتكم؟!....أحمد طه الغندور

 في الوقت الذي يستعد فيه الشعب الفلسطيني بكافة طاقاته للشروع بالعودة إلى أرضه السليبة قرابة قرن من الزمان، وذلك في تحدي جاد لسياسات الأرباتاد الصهيونية ومؤامرة القرن التي يقودها الرئيس الأمريكي ترامب، والتي يريد أن يدشنها بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في يوم النكسة الفلسطينية الذي يُذكرنا باحتلال البقية الباقية في فلسطين.

يطل علينا وزير خارجية السنغال الدول الشقيقة والصديقة المدعو " سيديكي كابا " في هذا اليوم الأسود بمشاركة قوات الاحتلال في اقتحام المسجد الأقصى بحجة الصلاة في تجاوز واضح لدور الحكومة الفلسطينية وإدارة الأوقاف التي تشرف على المكان المقدس.

تأتي هذه الجريمة في الوقت الذي تستعد فيه جماعات المتطرفين الصهاينة بإقامة طقوس توراتية يوم الجمعة المقبل وتطالب بمنع المصلين من الوصول إلى الأقصى الشريف في ذلك اليوم ومنعهم من إقامة الصلاة وتأدية شعائرهم الدينية الخاصة بهم.

ولا أدري كيف يرى هذا الوزير نفسه بعد ارتكاب هذه الجريمة، في الوقت الذي يُعبر فيه عن زيارته لكيان الاحتلال الغير شرعي؛ وكما وصفها على صفحته على الفيسبوك بأنها "زيارة رسمية ترفع مستوى التعاون السنغالي الإسرائيلي" وفق تعبيره للعمل على ترميم العلاقة التي توترت بعد تصويت السنغال ضد الاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة.

ولعل المتابع للشأن الصهيوني لا يلمس أي أثر يُذكر لهذه الزيارة التي يقوم بها الوزير المذكور منذ الأمس لكيان الاحتلال في أي من وسائل الإعلام مما دفعه لاستخدام الفيسبوك كوسيلة للإعلان عن هذه الزيارة المنبوذة حتى من الاعلام الصهيوني.

لو أردنا أن نقارن بين موقف وزيارة وزير الخارجية المغربي المبجل/ ناصر بوريطة التي كانت بالأمس وأشرفت عليها الحكومة الفلسطينية وإدارة الأوقاف الإسلامية في القدس الشريف؛ هذه الزيارة المباركة، وبين جريمة اليوم للوزير الذي لا يعكس بطولة وعراقة السنغال؛ فلربما من الظلم المقارنة بين الموقفين، فكيف يمكن المقارنة بين الثرى والثريا!

على هذا الوزير مراجعة نفسه على ما قام به من جريمة، والتي أعتقد أنه قام بها نتيجة وسوسة من إحدى الشخصيات الخليجية التي التقاها وأوهمته أن التقارب من الاحتلال يمنحه مكانة مميزة في بلده أو على المستوى الأممي.

ولكن هيهات لمن يهين نفسه أن تكون له قيمة في وطنه وبين أبناء شعبه، بل وفي نظر أعدائه.

أين هذا الوزير من عراقة الشعب السنغالي البطل الذي قدم للبشرية سنغور أول رئيس للسنغال والذي تنازل بمحض إرادته عن الرئاسة مرشحاً خلفاً له، وكان أديباً عالمياً وشاعراً مشهوراً، وكان يعتبره الكثيرون أهم المفكرين الأفارقة في القرن العشرين.  

كيف يمكن أن ننسى عبارته الشهيرة " ليس لون البشرة هو ما يوحدنا، لكن المثالية في الحياة والتعطش إلى التحرر هو ما يجمعنا "، هذا البطل الذي مجّد الأبطال في قصائده حيث يقول في قصيدته: ليلة من ليال السين.

" أضيئي بالزيت الصافي مصباحا كان الأسلاف

يحيطون به في ألفتهم والأطفال نيام

ولنسمع أصوات أهالي إلسا المنفيين

لم يكن الموت هوايتهم لكن الرمل

ابتلع الحب المبذور "

ونحن شعب فلسطين نؤمن بما قاله الراحل سنغور؛ ولن يبتلعنا الرمل كالحب المبذور.

آن للسنغال العظيمة وشعبها الكريم أن تصفع هذا الوزير الغر وتقابله بما يستحق، فربما كان القذف بالبيض الفاسد وما شابه طقساً أساسياً في مراسم استقبال الوزير في المطار.

أما السيدة الفاضلة والأخوة الذين أُجبروا على مرافقة الوزير؛ فأقول لهم بكل حب " تقبل الله طاعتكم ".

   

2018-03-28