الجمعة 21/10/1444 هـ الموافق 12/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
بين الثأر القبلي، والثأر الوطني!....بقلم توفيق أبو شومر

دائما كنتُ أتساءل: لماذا انحدر سقفُ نضالنا الفلسطيني، فانتقلنا من مؤثرين في العالم إلى متأثرين بأحداث العالم!!

ما أكثر الإجابات على السؤال السابق!! غير أن هناك إجابةً تخشاها أحزابُنا الفلسطينية، وهي أننا نُعاني مِن قحطٍ فكريٍ حزبي، بعد مسيرة الشرذمة الحزبية المقيتة، وبعد اختفاء مفكري ومنظري الأحزاب الفلسطينيين المبدعين!، مما أدَّى إلى أن تتحوَّل أحزابٌ كثيرة إلى عشائر وقبائل تقليدية، لغرض حماية نفسها من خارجها، لأنها لا تملك فكرا وثقافة، تمنحها القوة!

غيَّرتْ معظم بلدان العالم المتحضرة نظامها القبلي التقليدي ، واستحدثت النظام الحضري القانوني، فلم يعد مفهومُ القبيلة التقليدي الضيق، المؤسَّس على الانتماء العِرقي صالحا للتطبيق في ألفيتنا الراهنة،

هناك فرقٌ كبير بين بين مفهوم الثأر القبلي، وبين مفهوم الثأر الوطني، فوفق أعراف الثأر  القبلي، يندفع أفراد القبيلة بغريزة الثأر إلى القاتل فيقتلونه، أو يقتلون أقاربه، أو حتى جيرانه، لغاية وحيدة، وهي إشفاء الغليل.

 أما الثأر الوطني فهو جوهر النضال، ومحرَّض العطاء والبذل، وباعث الحَميَّة الوطنية في أجيال المستقبل، هو المطلوب فلسطينيا!

يحقُّ لي أن أتساءل: لماذا نستعجل إطلاق الصواريخ بعد استشهاد أبنائنا مباشرة، فنقصف بصاروخٍ أصمَّ تأييدَ الرأي العام الدولي لقضيتنا، ونُهدِّد،  ونؤيد مزاعم المحتلين، بأننا قبليون، منتقمون، لا نستحقُّ جوهر نضالنا، كما حدث في عملية اغتيال المسعفة رازان النجار، يوم 2-6-2018م فأطلقنا (وابلاٍ) من الصواريخ على التجمعات الإسرائيلية، وفق الرواية الإعلامية الفلسطينية المُعادة؟!!

الثأر الوطني لا يكون بالقصف العشوائي الانتقامي، بل يكون في الغالب بعد دراسةٍ وتمحيص، من قِبلِ المستشارين، والمخططين، ورجال السياسة.

الثأر الوطني النضالي المدروس يأخذ في الحسبان الأمور التالية:

يجب إحراج الخصم أمام دول العالم، لغرض الحصول على الدعم الدولي، وبخاصة عندما يوغل المحتلون في الدم الفلسطيني، لذا فإن الاستعجال يُخرِّبُ هذه الخطة!

النضال والثأر الوطني، يكون أيضا ببلورة صيغة إعلامية، عن حياة الشهداء، بكل لُغات العالم، مع استخدام معلبات الصور المحفوظة، في شكل أفلام وثائقية، باستخدام شبكات التواصل الإعلامية!

الانتقام، والثأر الوطني  يعني أيضا، حسابَ قوة الخصم، ومعرفة ردود أفعاله، وألياته في تحويل خسائره إلى أرباح، وكيفية متابعته للأحداث، صغيرها، وكبيرها، وطرق استفادته من تجاربه!

كذلك، فإن الانتقام الوطني يعني كذلك، معرفة الظروف المحيطة بنا، واستنتاج مقدار الدعم الذي يمكننا الحصول عليه من إخوتنا، ومن أنصارنا في العالم، أي معرفة نتائج أفعالنا، فليس مهما إشعال الحرائق، لكن الأهم، هو قدرتُنا على معرفة مسارها، وتوقيت إطفائها!

كذلك يعني الانتقام الوطني، أن نُغذِّي جوهر النضال الوطني الفلسطيني، المؤسَّس على مبدأ العدالة، فلا نستهدف إلا الذين يستهدفون قتلنَا، وألا نستخدم التقليد القبلي البائد المتمثل في القتل العشوائي.

للأسف، إن تجاربنا النضالية الطويلة لم تُغنِ تجاربنا الحزبية الراهنة، فقد ظللنا نُكرِّرُ أخطاءنا بأخطاءٍ أكثر فداحةً من الأخطاء السابقة،  ظللنا ننفذ الثارات القبلية، بصيغٍ فردية، حزبية اجتهادية،  توقِعُ الوطنَ كلَّه في مآزق خطير!!

تذكروا دائما، أن النصر، لا يتحقق بالفزعة، والتسرُّع، والعشوائية، بل يتحقق بالتخطيط والإعداد!!

2018-06-07