السبت 7/11/1444 هـ الموافق 27/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
دولة رئيس مجلس النواب....حمادة فراعنة

 

 أخلت مرحلة الأحكام العرفية التي استمرت من عام 1957 لغاية استعادة شعبنا لحقوقه الدستورية بمبادرة من الراحل الحسين استجابة لانتفاضة نيسان، والتي بدأت مع استئناف الحياة البرلمانية عام 1989، وحرية تشكيل الأحزاب السياسية عام 1991، أخلت تلك الفترة وما أعقبها ببعض القيم الدستورية لازلنا نرثها ليومنا هذا، وكان من المفترض معالجتها من خلال لجنة تعديل الدستور التي شكلها جلالة الملك عام 2011 برئاسة الراحل أحمد اللوزي .

لقد تنبهت لمشهد استقبال ثلاثي الرئاسة اللبنانية لوفد ضيف رفيع المستوى، حيث وقف الرئيس اللبناني، ويليه مباشرة رئيس مجلس النواب، ومن ثم رئيس مجلس الوزراء، وهذا يدل بروتوكولياً أن مجلس النواب دستورياً وواقعياً وعملياً يتقدم على مجلس الوزراء، ووفق الدستور اللبناني ثلاثتهم أعضاء في مجلس النواب، والنواب ينتخبون أحدهم رئيسا للجمهورية، ويتولى رئاسة الحكومة النائب الذي يقود أكبر كتلة برلمانية، وبالضرورة عليه أن يحصل على ثقة الأغلبية النيابية، وعليه نبهني المشهد اللبناني الى الخلل البروتوكولي السائد عندنا، والذي ورثناه من فترة غياب مجلس النواب، لأسباب خارجة عن أرادتنا .

الدستور عندنا ينص على أن نظامنا « نيابي ملكي « ورأس الدولة يقسم يمين الولاء لمرة واحدة عند استلام سلطاته الدستورية أمام ممثلي الشعب : مجلس النواب، فلا سلطة لطرف على مجلس النواب وفق الدستور الا سلطة رأس الدولة الذي يملك وحده الصلاحية الدستورية بحل مجلس النواب، ولكن تكليف رئيس الوزراء من قبل رأس الدولة غير كاف لممارسة سلطاته الدستورية بدون ثقة مجلس النواب الذي يملك الصلاحية بمنحها أو حجبها عن الحكومة، ولهذا تعلو سلطته التشريعية فوق سلطة الحكومة التنفيذية، مما يتطلب تصويب السائد البروتوكولي ليكون رئيس مجلس النواب، هو الذي يلي جلالة الملك، وعليه يجب أن يمتلك صفة دولة رئيس مجلس النواب، ويجب أن يكون رئيس مجلس النواب هو رئيساً للسلطة التشريعية بجناحيها النواب والأعيان لا أن يكون الرئيس المعين بصفته عضوا في مجلس الأعيان رئيساً لمجلس الأمة أي رئيساً للسلطة التشريعية .

ليست الاجراءات البروتوكولية قضية اجرائية بل تعبير عن مضمون سياسي قانوني دستوري، وطالما أن توجهات جلالة الملك الاصلاحية بتشكيل حكومات برلمانية على قاعدة تطوير الأحزاب السياسسية وتمتين حضورها، فيجب تصويب هذا الوضع السائد باعطاء الاعتبار الدستوري والقانوني والحق لمجلس النواب على قاعدة المادة الدستورية التي تنص وتقول صراحة أن نظامنا المستقر الذي نتباهى به هو نظام « نيابي ملكي « .

بصراحة وبافتخار لقد سبق وأن أنجزت مطلبين :

أولهما : أن يكون للمجلس القضائي نمر سيارات مستقلة وكانت احدى مطالباتي التي تحققت في تسعينات القرن الماضي حينما كتبت عن ذلك، لاظهار الاحترام والاستقلالية للمجلس القضائي.

وثانيهما : حينما طالبت الحكومة باعتبار يوم ميلاد السيد المسيح عيداً وطنياً بعد أن سبق لحكومة النابلسي في خمسينات القرن الماضي أن أقرته وتم الغاؤه في وقت لاحق، وحينما كتبت تمت الاستجابة لذلك المطلب الواقعي والمشروع، وها أنا أسجل هذه المطالبة لمجلس النواب الذي نبهني لها مشهد رأيته بعيني من لبنان، فهل يملك مجلس النواب اثارة هذا الحق والمطالبة به؟.

2018-08-05