السبت 22/10/1444 هـ الموافق 13/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
مركز معا: بعد شهر من الواقعة...أزمة تسمم 700 مواطن في بيت فوريك بمياه ملوثة تثير القلق من تكرارها مجدداً

رام الله-الوسط اليوم:

تابع تقرير أخير لمركز العمل التنموي/ معا الإجراءات المتبعة رسمياً ما بعد واقعة تسمم 700 حالة في غضون ثلاثة أيام أوائل آب الماضي في قرية بيت فوريك شرق نابلس نتيجة مياه ملوثة استخدمت للشرب، ناقلاً تخوف أهالي القرية من تكرار ذات الواقعة في ظل نقص حاد في مياه الشرب.

وجاء في التقرير -الذي أعده فراس الطويل- مقتطفاتٌ من ما أعلنته وزارة الصحة في بيانها بعد شهر من الواقعة، بأن فحوصاتها كشفت عدم وجود مادة الكلور اللازمة لتعقيم المياه في خزان البلدة الرئيس، والأخطر وجود جرثومة لدى بعض الحالات تدعى  (شيغيلا – Shigella). أما البلدية فاعتبرت أن وزارة الصحة لم تفلح في تحديد السبب الرئيس وراء حالات التسمم حتى بعد مرور شهر. وبين هذا وذاك، يتخوف سكان البلدة من تكرار سيناريو التسمم في ظل أزمة المياه التي تسيطر على المشهد في بيت فوريك منذ سنوات.

يوضح مدير عام الصحة العامة في وزارة الصحة د. ياسر بوزية، أن طواقم الوزارة قامت بجمع عينات مياه من أماكن الضخ الرئيسية للبلدة، حيث كانت العينات المأخوذة غير مكلورة، وهذه مهمة البلدية، بالإضافة إلى جميع العينات التي تم تجميعها من أماكن مختلفة أظهرت عدم وجود كلور، حيث أن المصدر نفسه لم يكن مكلوراً، بالإضافة إلى الماء الذي كان يباع في البلدة والذي أتى من مناطق موبوءة وغير مكلورة أيضا.

وأشار بوزية إلى أنه قد تمت معاينة ما يزيد عن 600 حالة في البلدة من مختلف الأعمار، والتعامل مع جميع الحالات في عيادة البلدة بعد استدعاء أخصائي أطفال وأخصائي طوارئ من مشفى رفيديا الحكومي. وأضاف: "كوادرنا قاموا بأخذ العديد من عينات المياه وفحصها في مختبر الصحة العامة المركزي في رام الله، حيث أثبتت النتائج أن العديد من العينات كانت ملوثة، إضافة إلى قيام الوزارة بإرسال طواقمها من جنين، طولكرم، نابلس، سلفيت، قلقيلية وطوباس. حيث قام 60 موظفا من صحة البيئة بعملية مسح ميداني للبيوت، من أجل تعقيم جميع الخزانات وجميع الآبار بمادة الكلور التي وزعتها وزارة الصحة للجميع مجانا".

ووفقا لـــ بوزية فقد تم تحويل عدد محدود من الحالات إلى المستشفى الحكومي في نابلس، مشيرا إلى أن جميعها تماثلت للشفاء وخرجت من المستشفى، فيما جرى أخذ عينات براز لبعض المرضى حيث تبين بالفحص الزراعي للعينات أن السبب الرئيسي للتلوث هو بكتيريا تسمى "شيجيلا " (Shigella ).

وكانت أغلب الحالات التي وصلت المراكز الطبية تعاني من صداع وارتفاع في درجة الحرارة، وقيء، وإسهال، وهي أعراض تسببها بكتيريا الـ "شيجيلا" لدى دخولها جسم الإنسان. ولحسن الحظ يقول مدير عام الصحة العامة في وزارة الصحة أنه لم تكن هناك حالات خطيرة بين المصابين، حيث كانت بمجملها بين طفيفة إلى متوسطة، وتم إعطاؤهم العلاجات اللازمة والسيطرة على الموقف بزمن قياسي.

 

بلدية بيت فوريك: ما قالته وزارة الصحة غير مقنع

النتائج التي خرجت بها وزارة الصحة حول خلو المياه تماما من مادة الكلور، وبالتالي التسبب بتلوث المياه، تعني ضمنا اتهام بلدية بيت فوريك بالتقصير. وهو ما ترفضه البلدية التي تؤكد من خلال رئيسها "عوض حنني" على احتمالية وجود عوامل أخرى أدت إلى التلوث. مضيفا: "لو أن الموضوع كما تقول الوزارة لأصيب 40% من سكان بيت فوريك وبيت دجن بالتسمم لأن هذه النسبة تعتمد على خزان المياه الرئيس في التزود من احتياجاتها المائية، فلا يعقل أن يصاب 700 مواطن بالتسمم في حين أن حوالي 10 آلاف شخص في بيت فوريك وبيت دجن يشربون من المصدر الذي تقول وزارة الصحة انه غير مكلور".

وأشار حنني إلى أن كل الاحتمالات تبقى مفتوحة، خصوصا أن مجموعة من باعة الخضار يدخلون إلى القرية يوميا، وبالتالي من الممكن أن تكون بعض الخضار ملوثة مثلا، أو أن أحد الصهاريج التي تدخل كل يوم إلى البلدة جاءت من مصدر غير موثوق. مع العلم وفق الحنني، أن كل الصهاريج يتم التأكد من مصادر المياه التي تتزود منها، ولكن قد يحدث خلل هنا  أو هناك.

وأضاف حنني في معرض رده على اتهامات وزارة الصحة لبلديته: "من يريد رفع المسؤولية عنه في تحديد سبب التلوث، يقوم باتهام الآخرين، فنحن نعمل بنفس الآلية منذ سنوات، بنفس الموظفين، وجداول التوزيع، وقمنا بإجراء تحقيق حول ما إذا حدث شيء مفتعل في هذا الجانب، ولم يتبين شيء من هذا القبيل، فلماذا تُتهم البلدية؟".

بدوره قال مدير الصحة العامة في الوزارة ياسر بوزية أن احتمالية وجود شيء مفتعل في أزمة التسمم لا يهم وزارته، بقدر ما يهمها التأكد من سلامة المياه التي تصل المواطنين. مضيفا أن هناك جهات مختصة في البلدية والمحافظة والجهات الأمنية يقع على عاتقها التحقيق في هذا الجانب وتقديم المسؤولين عن هذا الأمر للقضاء، لإيقاع أقصى العقوبات بحقهم في حال ثبت تورط أحدهم في تلويث المياه.

 

 أزمة المياه في بيت فوريك وبيت دجن بلا آفاق للحل

یعاني قرابة 20 ألف مواطن من سكان بیت فوریك وبیت دجن شرق نابلس، من نقص شدید في میاه الشرب، بسبب عدم قدرة بئر ارتوازي (بیت فوریك –بیت دجن) على توفیر حاجة المواطنین الیومیة للمیاه. ویقول رئیس بلدیة بیت فوریك عوض حنني: "لدينا أزمة میاة خانقة، وذلك بسبب عدم وجود مصدر للمیاه في بیت فوریك غیر البئر الارتوازي وهذا البئر ینتج ٤٠٠ كوب یومیاً، ونحن نأخذ منها 300 كوب توزع على 3600 منزل".

ویتابع حنني: "نحصل على ما یقارب 400 كوب من بئر روجیب تنقل عبر صهاريج لمنازل المواطنین، حصة بیت فوریك منها 250 كوبا والباقي لبیت دجن. وأحیاناً یبیع سائقو الصهاريج جزءاً من هذه الحصة لخارج البلدة، بالإضافة إلى تكلفة النقل المرتفعة التي يتحملها المواطن، وهذا ما جعلنا نطالب بإنشاء خط ناقل من بئر روجیب إلى بئر ارتوازي (بیت فوریك – بیت دجن)، یضمن لنا الحفاظ على حصتنا كاملة مع توفیر أجرة النقل على المواطن".

 ویؤكد عوض حنني على أن طرح عطاء الخط الناقل من بئر روجیب سوف یتم بالتعاون مع سلطة المیاه الفلسطینیة خلال أیام، وكان من المقرر أن یتم طرحه خلال شهر رمضان ولكنهم لا يعلمون أسباب التأخیر حتى الآن.

 خطة البلدية المكملة بعد الانتهاء من خط بئر روجیب تتمثل بالعودة للعمل على استكمال خط النصاریة الناقل الذي تم مدّه عبر جبال (مراقا)، وأوقفها الاحتلال بحجة قطعه أراضي "جـ" ولعدم وجود ترخیص".

 

انتظار لــ25 يوما!

ینتظر المواطنون في بلدة بیت فوریك تسعة أیام حتى تصلهم میاه بلدیة بیت فوریك، حیث تقسم حارات البلدة إلى ثمانیة أقسام، یقوم موظفو قسم المیاه بفتح محبس خزان المیاه الساعة الثامنة صباحاً یومیاً عدا الجمعة.

ویتحدث مسؤول قسم المیاه في بلدیة بیت فوریك كنعان زلموط: "تنفّذ كمیة المیاه التي تم تجميعها في الخزان بعد ساعتین تقریباً، وتتراوح الحصة الیومیة للبلدة ما بین 280 كوبا إلى 350 كوب یومیاً، توزع حسب الجدول، وتصل میاه الشبكة إلى 40% من الاشتراكات تقریباً، والبقیة لا تصلهم المیاه بسبب ارتفاع الحارات وقلة كمیة المیاه".

 

 الصهاريج للتغلب على الأزمة

یعتمد 60% من المواطنین في بلدة بیت فوریك على صهاريج المیاه كمصدر رئیس، یبلغ سعر الصهريج الواحد سعة 10 كوب من البلدیة 100 شیقل، والصهاريج الخاصة 150 شیقلا.

ویعتبر جدول توزیع المیاه وأرقام سائقي الصهاريج الأكثر طلباً من قبل المواطنین وسط تذمر من ازدحام قائمة التسجیل لصهاريج میاه البلدیة، حیث تصل مدة الانتظار إلى أكثر من 25 یوماً.

 وتعتبر آبار جمع مياه الأمطار وصهاريج نقل المياه مصدراً أساسياً من مصادر المياه في بلدة بيت فوريك شرقي نابلس. وقبل عامين، وصلت للبلدة شبكة مياه يغذيها خط رئيسي من بئر "مشترك بيت فوريك بيت دجن"، قدرة هذه البئر الإنتاجية 800 كوب يومياً. يصل منها لبيت فوريك 500 كوبا، وقرية بيت دجن 250 كوبا، والخمسون المتبقية تباع للمزارعين بواسطة صهاريج صغيرة.

المشكلة في بيت دجن وبيت فوريك مستمرة وتتفاقم مع زيادة عدد السكان، وسط مطالبات بإيجاد حلول جذرية توفر للسكان أبسط مطالبهم في الحياة؛ وهو الحصول على مياه نظيفة وآمنة. والأهم ضمان عدم تكرار واقعة التسمم عبر استكمال التحقيقات، وإنهاء الاتهامات المتبادلة بين الصحة والبلدية، بما لا يخدم القرية ولا مجتمعها المحلي.

 

2018-09-19