الثلاثاء 11/10/1444 هـ الموافق 02/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
أوراق القوة الأردنية....حمادة فراعنة

 

 يملك الأردن أسلحة قوية مؤثرة أو قدرات مناسبة لحماية أمنه الوطني، دفع أطرافاً دولية للتضامن معه أو التعامل معه من موقع الاحترام، فقد نجح الأردن أولاً : في التعامل مع الإرهاب باتجاهين : أولهما حماية حدوده مع سوريا والعراق من محاولات الإختراق من قبل داعش والقاعدة، واستيعاب الخلايا الداخلية الكامنة لداعش والقاعدة وإحباط مساعيهما المسبقة في تنفيذ عمليات إرهابية ضد مواطنيه ومؤسساته الوطنية، وثانيهما التعاون مع أطراف دولية وإقليمية للمساهمة في منع تمدد وانتشار ظاهرة الإرهاب وتنظيماتها وتقليصها والشراكة مع التحالف الدولي لمحاربتها، وهذا ما يُفسر الحرص الأميركي على استمراية المساعدات المالية والعسكرية للأردن.

 

ثانياً : لقد نجح الأردن في استيعاب ظاهرة الربيع العربي والإنحناء أمام عاصفتها العابرة للحدود والتجاوب النسبي مع مطالبها وإقالة الحكومات المتعاقبة التي شهدت ولاياتها مظاهر الاحتجاجات المتكررة بدءاً من حكومة سمير الرفاعي على خلفية إضراب المعلمين 2011، وانتهاء بحكومة هاني الملقي التي شهدت مظاهرات الدوار الرابع في أيار 2018.

ثالثاً : تماسك الجبهة الداخلية وواقعية أحزاب المعارضة الإسلامية والقومية واليسارية والليبرالية وعدم القطيعة معها وبينها وبين مؤسسات الدولة ورموزها، مع الحرص على توفر القواسم المشتركة على الأغلب في العناوين والقضايا المركزية التي تمس الأمن الوطني.

رابعاً : اعتماد الأردن على صلابة الموقف الفلسطيني في مواصلة التمسك بالصمود على الأرض وعدم التجاوب مع برامج العدو الإسرائيلي بجعل الأرض الفلسطينية طاردة لأهلها، بل تقديم أوراق قوة فلسطينية للموقف الأردني في رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية والإنتصار الذي تحقق في المسجد الأقصى في شهر تموز 2017 وتراجع حكومة نتنياهو وإستجابتها لأهالي القدس في إزالة البوابات الإلكترونية والجسور الحديدية والكاميرات الذكية، وانتصار المسيحيين في كنيسة القيامة في شباط 2018، والتراجع عن فرض الضرائب على أملاك الكنائس وفشل محاولات كسر إرادتها.

خامساً : مهنية الأجهزة الأمنية وتماسكها وحرفيتها في التعامل مع المستجدات وبالحد الأدنى في الردع وعدم تجاوز القانون والتكيف مع المعطيات الطارئة والمستجدات المتعاقبة.

سادساً : قدرة رأس الدولة جلالة الملك على عرض الأولويات الأردنية أمام المجتمع الدولي ومخاطبة مؤسسات صنع القرار الأميركي من البيت الأبيض إلى الخارجية إلى الجيش والمخابرات المركزية إلى لجان الكونغرس ووسائل الإعلام ومراكز النفوذ اليهودية وغيرها تجعل الأردن في مأمن من التضحية به أو المس بمكانته اعتماداً على سياسة ثابتة، وقدرة على التكيف، مما وفر للأردن حلقة من الأصدقاء ومصداقية يتمتع بها، وهذا يفسر عدم تردد الولايات المتحدة في مواصلة التمسك بالأردن دولة ونظاماً ومؤسسات، وفي دعمه، رغم التباينات في أولويات البلدين وتعارضهما، بدون تعرض أي منها لكل الأخر، فقد سبق للرئيس الأميركي وسفيرته لدى الأمم المتحدة أن هددا بقطع المساعدات عن أي دولة تصوت ضد الموقف الأميركي يوم 23/12/2017 لدى الجمعية العامة، ورغم التهديد الأميركي صوّت الأردن ضد الولايات المتحدة، ومع ذلك حضر وزير الخارجية الأميركي السابق تيلرسون إلى عمان ووقع مذكرة التفاهم مع وزير الخارجية الأردني، وبدلاً من أن تكون ثلاث سنوات تم تمديدها لخمس سنوات وتم زيادة مبلغ الدعم السنوي من مليار إلى مليار و275 مليون دولار، ألم يكن ذلك كافياً لتقدير موقف الأردن وقوته وتماسكه واحترامه حتى من أقوى دولة في العالم، مع أن سياسة الأردن تختلف معها بشأن القضية الفلسطينية؟؟.

[email protected]

2018-10-01