السبت 11/10/1445 هـ الموافق 20/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الفلسطيني أن تكون عدو نفسك!!...د.ناجي صادق شراب

 هل باتت العلاقات الفلسطينيه تحكمها العداوة ، وخصوصا بين الحركتين الكبيرتين فتح وحماس.؟ وهو ما يعنى أن أكثر من نصف الشعب الفلسطيني تتخلل العلاقات بينهما حالات من العداوة والكراهيه والنفور؟

هذه العداوه والكراهية خطورتها أنها بدأت تتجذر في العلاقات المجتمعيه.وتثار العديد من التساؤلات حول أسباب هذه العداوة ،وتداعياتهاالخطيره. هذه العداوه كفيلة بإنهاء القضية . 

بداية هذه الحالة تعنى أن السياسة التى تسود بعيده عن العقلانيهوالحكمه والتدبر، فالسياسه بالمعنى العامتعنى المنفعهوالمصلحهالعامه، والفعل والقرار الرشيد الذى يحقق الأهداف العامه، وكما يقول إبن المقفع فى كتابه دليله ودمنه تعنى الحكمه، وحسن التدبير، وإجادة التقدير، وإدراك العواقب وإتقاء الشرور والمخاطر. السؤال هل هذا المعنى هو الذى يحكم العلاقات بين الحركتين الرئيسيتين؟ لم تقتصر العلاقات بين الحركتين على مجرد الخلافات في الآراء والتوجهات  والمرجعيات السياسيه، بل تعدت العلاقات إلى حد الدخول في سجال وحرب لفظيه وإعلاميه ، وإستخدام مفردات خطابيه تجاوزت حدود المنفعهوالمصلحهالعامه، وكأننا أمام حركتين لا تنتميان لنفس الشعب ونفس القضيه، ويواجهان نفس ألأخطار والتهديدات ، والمفارقه أن الخطر الذى يواجه الحركتان واحد الخطر والتهديد الذى تشكله إسرائيل والحركة الصهيونيه,ومع ذلك هناك تباين واضح في هذه المساله وكيفية التعامل معها، ولا أبعد كثيرا عن الحقيقهالمؤلمه إذا أشرت أن هناك تحول وتباين في التعامل مع هذه المساله.والمؤلم في هذه العلاقات أمران:ألأول مستوى وعمق الخلافات، فهى خلافات لا تخضع لإطار سياسى أو شرعية ملزمه لكل منهما.فكل منهما يخلق شرعيته وهذا أخطر ما في الخلافات بينهما ، فلهذا دلالات سياسيه عميقه، فالخلاف هنا بنيوى ، له بعد أيدولوجىوعقيدى يصل لحد إلغاء الشرعية ألأخرى ، ما يجعل كل منهما قد يذهب إلى ليس فقط التشكيك ، بل التخوين والتكفير والإقصاء. وكل منها دفاعا عن شرعيته يتعامل بلغة التهديد أن الشرعية ألأخرى تشكل خطرا وتهديا قد يصل إلى حد إعتبار كل منهما يصل لدرجة العداء، وما يدعم هذا التوجه أن الخلافات لا تتوقف على لغة الخطاب، بل اللجؤ إلى حظر اى تعامل لأبناء الحركتين كل منهما في المنطقه التي يسيطر عليها ، ويتحكم فيها، وصل ألأمور في التعامل لنفس ألأساليب التي تلجأ إليها إسرائيل، من إعتقال ، وفرض رقابه صارمه، وإعتبارمن يتصل بحركته يصل لدرجة العماله، وهذه كلها من مظاهر العداءـ او محاولة خلق عدو ذاتىداخلى ، وهو ما ينذر بتأصيل حالة ألإنقسامالسياسى ، وسيادة مظاهر التشدد في الحكم، وتراجع منظومة الحقوق والحريات،مع تراجع دور القوى السياسيه ألأخرى ، وتقليص دور المؤسسات المدنيه. هذه الظاهرة وهنا الخطور الكبيرة في حالة العداء وينبغى التحذير منها انها لا تقتصر على خطاب النخبة الحاكمه أو السياسيه لكل منهما ، بل قد تمتد وتنتشر بين المنتمين لكل منهما.وتتحكم في العلاقات المجتمعيه، وتحول المجتمع لحالة من العداء غير المسبوقه، وتعبر عن نفسها في ظواهر ومناسبات كثيره تتعلق حتى بالزواج والمصاهره، وتحكمها أيضا حالة من عدم الثقة ، وتخفى حالة من الكراهية والحقد. وهذه الظاهرة كفيلة بإجهاض الروح المجتمعيهالواحده، والنسيج ألإجتماعىالذى تفاخر الفلسطينيون بوحداينته، وتماسكه. ويمكنتلمس ظاهرة العداء في الخطاب الدينىالذى يصل لحد التكفير، والخطاب الإعلامى الذى يحمل مفردات إعلاميه تنفى الآخر، وفى التربيهالتعليميهوالأسريه. ولقد ساهمت قوى خارجيه في تغذية روح العداء الذاتيه، والهدف الإستراتيجى للعداوة الذاتيه التخلص من القضيهالفلسطينيه بأقصر الطرق ، وأقل الاثمان السياسيه. ويبدو ان هنك بعدا وترسبات تاريخيه تغذى حالة العداوة ،وذلك مع قيام السلطهواللجؤلآساليب القمع والإعتقال، وكتم الحريات، والملاحقات وهى نفس السياسات التي تمارس اليوم كل في منطقة حكمه وسيطرته.وزادت مع مرحلة سيطرة حماس على غزه والتمهيد لها. هذه الظاهرة تحتاج لمراجعة نقديه ذاتيه، والتصدى لها بإسترجاع القيم الوطنيه، وومراجعة كامله للخطاب العدائى ، والعمل على تنمية وتغذية الخطاب التصالحى , ظاهرة العداء أحد أهم وأخطر تداعيات الإنقسامالسياسى.
 

دكتور ناجى صادق شراب

[email protected]

2018-10-30