الأربعاء 15/10/1445 هـ الموافق 24/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
فلسفة المواجهة وراء القضبان....مهند طلال الاخرس

فلسفة المواجهة وراء القضبان كتاب من تأليف محمود فنون عام 1978م، وتم نشره عام 1982 ويقع على 252 صفحة من القطع الصغير . الكتاب يستعرض اساليب العدو في التعذيب وانتزاع الاعتراف وسبل المقاومة والمجابهة والصمود؛ لذا فالكتاب في مضمونه يستهدف تثقيف المناضل الفلسطيني بأساليب التحقيق المختلفة ويوجهه بطرق الرد عليها من أجل تحصينه ليصمت ويصمد في التحقيق ولا يبوح بأسرار الثورة والثوار ولا يتعاون مع العدو الصهيوني.. في الكتاب تجد ان المحقق هو الذي يجسد العدو الصهيوني والاحتلال بكافة صوره البشعة والخارجة عن المألوف والبعيدة كل البعد عن الصفة الانسانية والاخلاقية، وبالمقابل تجد على الطرف الاخر من المعادلة المناضل الفلسطيني وانصار قضيته من شتى البلدان والاصقاع الذين يبدعون ويبتدعون كل يوم طرائق ووسائل جديدة في مقارعة السجن ومواجهة السجان.

وبإستعراض صفحات الكتاب نجد ان المناضل بالأساس استحق هذا اللقب عن جدارة لانه يناضل ضد كل الوجود الصهيوني بكافة اشكاله، فإذا صمد المناضل يصون نفسه وغيره ويصون أسرار الثورة والمناضلين، أما إذا اطلق العنان للسانه فإنه يؤذي نفسه ويساهم في تدمير بنى الثورة وتمزيق جسدها وتفتيت عضدها وهذا كله حتما يقود الى الهزيمة وتأخر الساعة التي تؤذن لميعاد النصر . أوضح الكتاب نظرية الصراع في الأقبية ودور كل طرف من أطراف الصراع فيها وبرهن إمكانية انتصار المناضل منفردا على كل طواقم التحقيق الفاشية مهما كانت درجة فاشيتها في التحقيق.. ورغم التعب ، ولأن لا احد فينا يستطيع الاستراحة اثناء المعركة؛ كان لا بد لهذا الكتاب ان يأخذ طريقه الى الحياة؛ وان ينوب عنا في ممارسة الدور الذي لم تمهلنا ظروف المعركة وطول امدها عن التجهيز المسبق لها، فنحن شعب تعلم الحرب بالحرب وتعلم اساليب المواجهة وراء القضبان خلف القضبان، لكن ثلة من الرواد الاوائل ومنهم كاتب هذا الكتاب تنبهوا لمثل هذا الامر الخطر فكان هذا الكتاب الذي شكل باكورة ادبيات السجون واصبح مادة تثقيفية وتنظيمية لا غنى عنها في اعداد وتجهيز المناضلين. وعن الكتاب ومناسبته واسبابه يقول الكاتب: "بعد تجربة طويلة مع التحقيق لثلاث مرات اتصفت بالقسوة، وبعد الاستماع الى مئات التجارب الشخصية من المعتقلين عن كيفية ممارسة التحقيق معهم ونتائج هذه الممارسة. وبعد ملاحظة نتائج التحقيق على الثورة الفلسطينية حيث كانت تتلقى الضربات القوية والمتلاحقة نتيجة للاعترافات المتسلسلة ... ونتيجة لنقاشات في السجون وتجارب العديدين الذين حاولوا تقييم تجربتهم الخاصة أو الحكم على تجربة غيرهم .. نتيجة لكل هذا صغت ما أسميته نظرية االصراع في الأقبية وأكملت الكراس وكنت أنوي إعطائه هذا الاسم وظننت أن هكذا تسمية مناسبة..".

ويضيف الكاتب: "تحررت من السجن عام 1978 ، وأخذت أسعى للحصول على المادة من داخل السجن، حيث تمكن الرفيق رشيد الجعبري من نسخ المادة على ورق شفاف ناعم وورق السجائر، وتم تحويل هذه الأوراق إلى كبسولات بطريقة تسهل من عملية تهريبها خارج السجن وهكذا كان" . في عام 1982 أعدت صياغة المادة وأجريت تصويبات عليها واقترح الرفيق أحمد قطامش التسمية الجديدة " فلسفة المواجهة وراء القضبان " والتي اصبحت عنوان الكتاب فيما بعد ، حيث كان قد سبق وان تم نشر الكتاب في باديء الامر بدون الاسم والناشر باسم "أوراق حمراء" . وبعد اعادة الصياغة واجراء التصويبات كتب له أحمد قطامش تقديما مسهبا يعتبر جزءا أساسيا من الفكرة حيث جاء في مطلعها: "إن الثوريين يحبون الحياة وهم لذلك لا يترددون في المخاطرة بحياتهم كي يصنعوا حياة حرة كريمة لشعوبهم، فالحياة الذليلة الخاضعة للقيود والقمع والإستغلال ليست حياة، إنما هي وجود بائس مزري يتعين تغييرها. والثوريون الأقحاح هم أولئك المرشحون لهيئة أركان تغييرها وقلب معادلاتها. وفي خضم نضالهم لقلبها يتعرضون ويُسامون بأبشع صنوف التعذيب والقهر في محاولة من السلطات القهرية لكسر إرادتهم وتفريقهم وتيئيسهم. ولكنهم وهم المشدودون للمستقبل والمرتكزون إلى حقائق العصر يثابرون في نضالهم لا يلوون على شيء، فهم مقتحموا السماء و صناع المستقبل. ويتساقط في العادة من صفوف القوى الثورية العناصر الوسطية قصيرة النفس في ظروف ومحطات مختلفة. وأهم محطة يناقشها هذا الكراس هي محطة الإعتقال والتحقيق بوصفها محطة مكثفة يتمركز فيها الصراع بين القديم والجديد، بين الحرية والعبودية، بين الأمل وأعداء الأمل، بين الثورة والثورة المضادة. وفي السياق العام تصمد الحركات الثورية أمام آلة القمع السلطوية، ويصمد مناضلوها، ويسجّلون مواقف مشرفة تليق بهم كثوريين. ومنهم من يقضي شهيدا نقي الضمير دون أن يخون رفاقه في أقسى الظروف وأحلكها. وهذا أمر طبيعي ومتوقع من الطلائع السياسية ومؤيديها. ويتراكم الصمود ويتنامى في تراث الحركات الثورية والشعب، ويبنى طوبة تلو طوبة في نفسية المناضلين ليأتي يوم يُمسي كل مناضل فيه عصي على الكسر….". بقي ان نقول انه كتاب من العدة والعتاد الواجب التسلح به، مثله مثل البندقية والرصاص، فنحن نعيش على وقع تاريخ كتب بدمائنا يذكرنا دوما أننا فلسطينيون !!!.

2018-11-22