الخميس 9/10/1445 هـ الموافق 18/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
إسرائيل وغزه وإستراتيجيه الرمال المتحركه....دكتور ناجى صادق شراب

لم تعد غزه مجرد مساحه صغيره ، او منطقة خارج التاريخ والجغرافيا، بل حالة سياسيه كبيره فرضها مليونان نسمه، وكونها تشكل مفتاح القضية الفلسطينيه، ونجحت غزه أن تفرض نفسها على أجندات السياسات ألإقليميه والدوليه، فأولا غزه تمثل وتعبر عن كل مكونات القضيه الفلسطينيه، وارتبط مستقبل القضيه الفلسطينيه بمستقبل غزه، وتمثل قضية اللاجئيين. ونجحت غزه دائما أن تفرض نفسها على السياسه ألإسرائيليه ، وتحولت لقضية إنتخابيه، فتلاصقها لما يعرف الآن بمنطقة غلاف غزه ، واكثر من مليون إسرائيلى بات مصيرهم وأمنهم مرتبط بامن المليونيين نسمه. وتسمد غزه أهميتها من أنها باتت تشكل مركز قيادة حركة حماس ، فرئاسة المكتب السياسى تتواجد في غزه ، وفى إعتقادى ان لهذا دلالات سياسيه عميقه على خيارات حركة حماس.وتتواجد فيه أيضا قيادات حركة الجهاد، وباقى حركات المقاومه، بعباره أخرى مستقبل المقاومه مرتبط بمستقبل غزه. ةتكتسب غزه على صغر مساحتها وكبر سكانها ، ان جغرافيتها تصنع وتحدد مستقبلها السياسى ، فهى ملاصقه جغرافيا لإسرائيل بدون عوائق طبيعيه، مما يمكن تخيل خيار الكابوس، وهو تدفق مئات الآلآف الحدود. وملاصقه غجرافيا لمصر وتشكل بوابة أمنها الشرقيه. هذا الواقع الجغرافى كما خلق حاله سياسيه خلق منها حاله أمنيهز في هذا السياق تكمن أهمية غزه ألإستراتيجيه لإسرائيل الدائمه. فغزه معطى سياسى ثابت في السياسه ألإسرائيليه.فعلى الرغم من إنسحاب إسرائيل الأحادى من غزه إعتقادا منها انها تسقط غزه من حساباتها ،لكنها عادت وبشكل أقوى من ذي قبل كأحد أهم الثوابت المؤثره في ديناميات السياسيه الإسرائيليه الداخليه والخارجيه، فمنذ إنسحابها وشهدت العلاقه ثلاثة حروب، وحوالى ثمان مواجهات عسكريه. ولقدت حدث التحول الكبير في العلاقه مع سيطرة حماس على غزه، وليكن واضحا أن الحديث عن علاقة إسرائيل بغزه، هو الحديث عن علاقة إسرائيل بحماس. وهذا يحتاج منا لمقاله مستقبليه. هذه العلاقه في صورتها العامه اى غزه على إعتبار ان غزه كحاله سياسيه أكبر من حماس كحاله سياسيه علاقة الكل ألأصغر بالجزء. وأقصد بالكل الأصغر غزه وعلاقة الكل الأكبر وهى فلسطين.، هذه العلاقه تحكمها محددات بعضها ثابت ، وألآخر متحول أو متغير.

المحدد الرئيس المحدد ألأمنى ، وكما قال نتانياهو أخير أن ألأمن أولوية إسرائيل الكبرى ، ويجب أي أولويه سياسيه، غزه كما نؤكد دائما تقع في منطقة ألأمن ألأولى لإسرائيل، مثلها مثل المجدل، ولهذا دلالات سياسيه عميقه أن إسرائيل  حتى ولوكان هناك إتفاق مكتوب وشامل وليس إتفاق تهدئه غير مكتوب اى تهديد لأمنها له أولويه على اى إتفاق، بمعنى أن إسرائيل لن تسمح لحماس وغيرها أن تملك قدرات عسكريه تهدد أمنها في كل وقت، وأى تطور في قوة المقاومه يعنى قيام إسرائيل بمواجهته في عملية عسكريه كبيره. هذا المحدد أحد أهم الثوابت التي تحكم إسرائيل بغزه، وهو ما يعنى مع بقاء حماس والمقاومه مسيطره سيبقى الخيار العسكرى هو القائم.

أما المحددات السياسيه فلها أكثر من مستوى المستوى ألأول ان غزه يمكن أن تشكل البديل للدولة الفلسطينيه التي تريدها إسرائيل ، لسبب بسيط انها دولة تابعه ،ضعيفه، تفتقر مقومات اى دولة سياديه، ولا يؤثر قيامها على إسرائيل، ويمكن التحكم فيها. اما المستوى الثانى لمتغير غزه في السياسه الإسرائيليه ،ان غزه كانت وراء معظم التطورات السياسيه الإسرائيليه منذ سيطرة حماس على غزه 2007، وقد إرتبطت الانتخابات المبكره بحروب غزه ، وتطوراتها السياسيه. الحرب ألأولى حرب الرصاص المسكوب 2008، كانت الحكومه بقيادة كاديما ويقودها أولمرت إنتهت بإنتخابات مبكره فاز فيها نتانياهو وجكومته اليمينيه حتى الآن.  الحرب الثانيه عمود السحاب 2012 بدات الانتخابات بثلاث شهور لهذه الحرب. والحرب الثالثه 2014 تبعتها انتخابات مبكره نجح الليكود ليثبت حكومة الحزب الواحد والقائد الأوحد بقيادة نتانياهو ، التصعيد العسكرى الأخير هذا الشهر والذى كان الأقرب لحرب رابعه، ترتب عليه إستقالة ليبرمان وزير الدفاع وإنسحاب حزبه من الإئتلاف الحاكم، وليتفق الجميع على انتخابات مبكره الحدي عتهاث في مارس القادم أو مايو.وستشكل غزه ماده إنتخابيه تنافسيه لكل الأحزاب الإسرائيليه الساعيه للفوز عبر بوابة غزه، وفى جميع ألأحوال غزه ستخلق حكومه يمينيه أكثر تشددا بنتانياهو أو بدون.

اما المحددات الإقتصاديه فهى أيضا من أهم المحددات التي تحكم إسرائيل بغزه، ليس فقط من منظور حجم التبادل التجارى ، بل أيضا من خلال التحكم ماذا يدخل و ماذا يمنع؟ والتحكم في مصادر الدخل، وهى شكل من اشكال التبعيه، . وبالمقارنه بين هذه المحددات يبقى المحدد ألأمنى المحدد الرئيس الذى سيحكم غزه حماس أو غزه الدولة او غزه السلطه.ولنتوقع الخيار العسكرى القادم وربما قبل الانتخابات القادمه.

دكتور ناجى صادق شراب

[email protected]

2018-11-29