الأربعاء 8/10/1445 هـ الموافق 17/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
فتح في يوميات مقاتل 2-2 ... مهند طلال الاخرس

 كتاب لطاهر طه مصطفى الحاج "ابو طه" يتكون من عشرون فصلا مع اهداء على الصفحة الاخيرة على خلاف كل الكتب والاهدائات منذ نشأة الخليقة وحتى صدور هذا الكتاب، والكتاب يقع على 658 صفحة من القطع المتوسط بدون دار نشر وهو من محفوظات مكتبة بلدية البيرة العامة، وهو كتاب يزدحم بالايام والسنوات وتفيض منه بغزارة الاسرار والمعلومات ويطفح بالقصص والحكايا .

هذا الكتاب وهذه السيرة تجسيد حي لمقولة درويش:" على قدر حلمك تتسع الأرض". فهو كتاب يتناول سيرة حركة فتح والثورة الفلسطينية من خلال استعراضه الخاص لحياة وسيرة ومسيرة صاحب الكتاب طاهر مصطفى الحاج وهي السيرة المشتركة والمثلى والفضلى لمعظم رواد ذلك الجيل ؛ جيل القادة والرواد والكوادر المؤسسين. وحيث قد تم تناول الفصول الثمانية الاولى من الكتاب في المراجعة السابقة والمنشورة بتاريخ 26/11/2018 عبر صفحات الحوار المتمدن ودنيا الوطن والبيادر السياسي والوسط السياسي وغيرها، فإننا نكمل المراجعة فيما تبقى من فصول الكتاب الممتدة من الفصل التاسع وحتى الفصل العشرون. يتناول الفصل التاسع مرحلة لبنان؛ وعن خطوات التواجد الاولى وعن وظيفة المؤلف وتوليه امر التنسيق، والحديث عن عدد من الدوريات والعمليات التي خاضها ابو طه والمجموعات الفدائية، وعن المسلك والالتزام الخلقي الغير منضبط والظاهر منذ الخطوات الاولى، ويتحدث عن الرجال الاوائل المؤسسين لهذه المرحلة مثل جواد ابو الشعر ونعيم محمود وبلال وعن طريقة استشهادهم...صفحة189. ويتناول المؤلف على الصفحات 205-207 سيرة مقتضبة وجميلة وجديدة للعميد محمود الروسان ابو الحكم ، ويستذكر طريق التعارف بينهما في سجن الجفر وكيف ساهم ابو الحكم الروسان بتقديم ابو طه للقائد العام للثورة ابو عمار.

كما يتحدث ابو طه عن تمرد ابو يوسف الكايد وبداية تغلغل الفتنة الفئوية والجهوية والاصطفافات داخل الثورة على اسس مناطقية وعشائرية. ثم يعود المؤلف في آخر صفحات الفصل ليتحدث عن بدايات التواجد العسكري الفلسطيني على الاراضي اللبنانية عام 1969ويتابعها بالتحدث عن بدايات التصادم مع الجيش اللبناني واسبابه. في الفصل العاشر: يبدأه ابو طه من حيث انهى حديثه في الفصل التاسع، فعنون هذا الفصل ب: "المواجهة الكبرى مع الجيش اللبناني" ؛ حيث ابتدأها بالحديث عن الاسباب التحريضية والاحداث التي ادت الى تلك المواجهة، ويستذكر بعض هذه المواجهات التي اشترك فيها ابو طه هو سريته وهذه الاحداث تقود ابو طه ليخبرنا عن سبب ترقيته الميدانية الاولى.

الفصل الحادي عشر: ويفرده ابوطه للحديث عن حرب اكتوبر 1973 وبشيء من التفصيل عبر كل الجبهات وعن دور كل القوات، وعن محاولة ابوطه ومجموعات فدائية اخرى للتسلل الى اغوار بيسان على نهر الاردن لاعادة نشاط الوحدات الفدائية عبر النهر صفحة240. وفي الفصل الثاني عشر: يتحدث عن بداية الفتنة الطائفية بصفة علنية حيث يتناول ابو طه موقف القيادة الفلسطينية من هذه الفتنة وتصاعد الاحداث والتحريض عليها خاصة تلق الاصوات التي تحرض على الوجود الفلسطيني من اساسه على الارض اللبنانية، ويعرج ابوطه من خلال استعراض تسلسل الاحداث الزمنية الى مجزرة تل الزعتر وما اصابه وما آلت اليه الامور بعد المجزرة وصولا الى مرحلة بداية الهجوم السوري العلني وعن الفظائع التي ارتكبها الجيش السوري في مواجهة قوات الثورة وحتى التجمعات المدنية. الفصل الثالث عشر: ويتحدث فيه عن البحرية الفلسطينية؛ حيث يتناول ابو طه عديد الدورات التي خاضها وخاصة دورة الهندسة في الصين من حيث البرنامج والاعداد والتدريب بما فيه صناعة المتفجرات والكبسولات والتعرف لانواع الالغام وتوضيح وشرح موسع لهذه الدورة عبر الصفحات298-307.

الفصل الرابع عشر: ويتحدث عن اجتياح بيروت فيستعرض تجهيزات الحرب وعن اهم الواجبات للتحضير العسكري ويستعرض تجربة اشبال المخيمات وعن عديد القوات الغازية وامكانياتها واصنافها وعن معتقل انصار وحديث عن الشهيد عزمي الصغير وعن المعركة في جبهة شرق نهر الليطاني واستعراض لبعض الخطط العسكرية للمواجهة وكيفية توزيع المجموعات الفلسطينية وتقدير الموقف العسكري مرورا بمعركة قلعة الشقيف وبطولاتها وانتهاء بدور بعض الكتائب والقوات الفلسطينية مثل كتيبة مصعب بن عمير ودور كتيبة الصاعقة الاولى من قوات اليرموك والحديث كذلك عن دور القوات السورية المخزي خلال هذه الحرب.

الفصل الخامس عشر: ويتناول حصار مدينة بيروت وعن الطوق العسكري الاسرائيلي، وعن دور اللواء السوري 85 والمنتشر في الجهة الغربية من مدينة بيروت ومحيط المطار والمدينة الرياضية. ويستعرض القصف اليومي وتداعياته وهمجيته وصولا الى اصابة المؤلف نفسه كما هو وارد في الصفحة 370 والانتقال للحديث عن الدور المتميز من الاطباء والمستشفيات في الحرب وصولا الى نهاية الحصار والخروج وما تبعه من مذابح صبرا وشاتيلا وانتهاء بإدلاء المؤلف لشهادته امام لجنة تقصي الحقائق برئاسة ابو الحكم الروسان والتي شكلت لمعرفة المقصرين من القيادة العسكرية (صفحة387) ويختتم هذا الفصل بحادثة اغتيال مارشال بيروت سعد صايل ابو الوليد والاسباب الكامنة خلف هذا الاغتيال والاهداف الحقيقية له والجهات التي تقف خلفه.

الفصل السادس عشر: "من يدخل الجنة اولاً؟ من مات برصاص العدو ام من مات برصاص الأخ؟ بعض الفقهاء يقول: رب عدوُ لك ولدته أمّك". على وقع هذه الكلمات لمحمود درويش يطل علينا الفصل السادس عشر بأبغض وابشع الصور للنضال الفلسطيني؛ صورة الاخ الطامح والجامح والماجور لانظمة واجندة اخرى بتطاوله على اخيه الوطني الفلسطيني حتى النخاع، وتحليل سفك دمه، بل ورضي هذا الطرف ان يكون إمعة مستأجرة للعابثين بأحلام وامنيات الشعب الفلسطيني فكان الانشقاق بمواجهة القرار الوطني الفلسطيني المستقل. يبدا المؤلف حديثه عن الانشقاق بتعريفنا بطبيعة العلاقة مع النظام السوري والتعرض لشيء من التفصيل لهذه العلاقة عبر ضابط ارتباطها اسناعيل عنبة، ومن ثم يتحدث عن بداية الانشقاق وكيفية بداية هذا التحرك في 9/5/1983 واهم الكتائب المشاركة فيه واسماء قادتها وقادة الانشقاق والدور السوري فيه، ويتطرق لعدد من المعارك والاشتباكات التي نشبت بفعل الانشقاق، كما يتطرق ايضا الى دور القوات الليبية في هذا الانشقاق وهذه المعارك، كما يتطرق ايضا الى دور بعض الفصائل الفلسطينية الموالية لسوريا في هذا الانشقاق وخاصة جماعة القيادة العامة التابعين لاحمد جبريل والتابع بدوره للمخابرات السورية، ويختم المؤلف هذا الفصل من خلال استعراض مسير كتيبته في الخروج من الشرك السوري ابتداء من الخروج من الجنوب وحتى البقاع وصولا الى الهرمل وبعلبك حتى بلوغ جياب الحمر ومنها الى طرابلس وعودة ابو عمار في هذه اللحظة الحاسمة الى طرابلس لقيادة المعركة من قلب الحدث في طرابلس ولتبدأ معارك طرابلس ويستطرد ابو طه في ذكره لتقدير الموقف العسكري واستعراضه لبعض مواقع القتال ومجرياتها وصولا الى حصار مدينة طرابلس.

الفصل السابع عشر: حصار مدينة طرابلس؛ وفيه يكمل ابو طه من حيث انتهى في الفصل السابق؛ اذ يبدأ بذكر تفصيلي للمواقع واهم المعارك والاشتباكات ويتعرض لاهم المواقف ويستذكر اهم الصعوبات واللحظات وخاصة لحظات الانكسار والخنوع والهروب من البعض وتزعزع البعض الاخر وبالمقابل يتحدث ايضا عن كثير من مواقف الشرف والعز في حصار طرابلس ويستعرض لبعضا من مواقف ابو عمار وابو جهاد في اثناء الحصار وصولا الى الحديث عن الليلة الحاسمة لهجوم الجيش السوري بكل طاقاته للقضاء على الوجود الفلسطيني في طرابلس بتاريخ17/12/1983 وحتى توقيع اتفاق الخروج من طرابلس الذي افلحت الوساطات بابرامه وعليه كان خروج المقاتلين الى المنافي في تونس والعراق واليمن والجزائر والسودان (صفحة 475) مجددا حيث تم الخروج في 19/12/1983.

الفصل الثامن عشر: العراق، ويتحدث ابو طه في هذا الفصل عن مرحلة العراق من خلال تواجد قوات الثورة على اراضيه في معسكر المسيب ولا سيما القوات التي ينتمي اليها المؤلف، ويستعرض بعضا من الصعوبات التي اعترضت القوات وكيفية اعادة تجهيزها وتنظيمها واعدادها وتأهيلها واستقبال القائد الرمز ابوعمار في المعسكر وقد اكتمل التجهيز ( صفحة 489 ) وصولا الى بعض احداث التمرد المدبرة التي مر بها المعسكر، كما يعرج المؤلف على معسكرات صلاح الدين في عام 1985 واهم دوراته وتدريباته مع التعريج على ذكر الحرب العراقية الايرانية الملتهبة في تلك الفترة واطلالة على الوضع العراقي العام خلال هذه الحرب وومضة سريعة لمواقف العراق المشرفة مع العرب في احلك الظروف كحالة السودان ( صفحة 528) ولا يكتمل هذا الفصل ومدته الزمنية إلا بالفرح الذي يبدأ مع انطلاقة الانتفاضة الفلسطينية في داخل الارض المحتلة ولا ينتهي هذا الفصل إلا بالوجع الذي ادمنه الفلسطينييون اذا استيقظوا في 16/4/1988 على نبأ اشبه بالفجيعة وبالشاطيء الذي تكسرت عليه الكثير من احلامهم ، فكانت الفاجعة الكبرى بإستشهاد اول الرصاص واول الحجارة امير الشهداء خليل الوزير ابو جهاد؛ فنحن شعب نعيش على وقع تاريخ كتب بدمائنا يذكرنا دوما أننا فلسطينيون !!!.

الفصل التاسع عشر: مرحلة ليبيا؛ والتي يبدأها المؤلف من آخر ثلاث صفحات في الفصل السابق من عند استلامه قرار نقله صفحة(531 ) هو وكتيبته الى السودان للتوجه منها الى جهة غير معلومة وسرية في نفس الوقت وما ان وصلوا الخرطوم حتى عرفوا ان وجهتهم ومهمتهم القادمة ستكون في ليبيا .. حيث حطت بهم الطائرة في مطار السارة واستلموا المهام على عجل من قوات الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وكانت المهمة الموكلة للقوات الفلسطينية حماية منطقة السارة الواقعة على حدود ليبيا الجنوبية مع تشاد وصد القوات التشادية الغازية لمنع احتلالها من قبل التشاديين والمحتلة لجزء من الاراضي الليبية اصلا والمسنى شريط اوزو المحتل.

كما ويتحدث في هذا الفصل عن تجربة التواجد العسكري في السارة والصعاب الجمة التي رافقتهم هم واسرهم فيما بعد هذا بعد الحديث عن الصعاب التي واجهتهم في كيفية احضار اسرهم الى الجنوب الليبي في منطقة السارة وصولا الى حل معضلة اسكان الاسر واعمالهم الزراعية في القرى التي هجرها الليبيون واستصلحها الفلسطينيون وعن قصة هذه القرى وبنائها من قبل الكوريون الشماليين لاستصلاحها وزراعة الارض واعمار الجنوب واسكان البدو. ويعرض ايضا في هذا الفصل بالحديث عن طبيعة هذا الصراع وتجهيز القوات والعتاد واسباب ضعف الليبين ومشكلاتهم . كما يتطرق ابو طه الى مجمل الصعاب والمشاكل التي اعترضتهم مع التعريج على بعض المشاكل والتجاوزات من قبل احد قادة القوات المارقين والمدعين للوطنية والمستغلين لها بأبشع الصور وكيفية معالجة هذا التجاوز. ويختتم الحديث في هذا الفصل بالحديث عن المال الليبي المتوفر بغزارة والمصروف في طرق شتى لا تجلب الخير لليبيا ولا لشعبها، حتى ان من اسوأ طرق الصرف كانت لاطراف وفصائل ودول تناوء حركة فتح ومنظمة التحرير ولم تتدخر ليبيا القذافي مجالا ولا وقتا لنكران هذا الجميل والعرفان من قبل الثورة الفلسطينية إلا واثبتت في كل مرة انها ليست اهلا لمواقف المروءة والعروبة وانها لم تختلف بقياداتها وافكارهم عن بقية انظمة العهر والاستبداد في المنظومة العربية الرجعية والعميلة والطاردة لكل ما هو وطني وحر وشريف. وفي ختام هذا الفصل والمكان كان لا بد من التعرض الى حادثة سقوط طائرة القائد الرمز ياسر عرفات وهذا ما جائت تفاصيله على الصفحة 564.

الفصل العشرون: وفيه يتحدث ابو طه عن مرحلة العودة الى الوطن وتأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية، في حديث ذو شجون وآهات وانات وآمال وطموحات، ثم ما يلبث ان يطرح ابو طه رؤيته وتحليله للاوضاع في قراءة اسشرافية لطبيعة الصراع والواجبات الواقعة على اعناقنا ووجوب التضحية بالغالي والنفيس لاجل فلسطين، فتلك امانة الشهداء تنقلها الاجيال من الاباء الى الابناء جيلا بعد جيل، وكأن لسان حاله يقول: يا ايها التاريخ تحملنا؛ نريد ان نصنع منك فجرنا القادم فنحن شعب نعيش على وقع تاريخ كتب بدمائنا يذكرنا دوما أننا فلسطينييون !!!.

وما ان تنتهي من قراءة هذه السيرة والمسيرة المطولة والمشبعة بالعنفوان والغارقة بالآمال والاحلام تشعر وكأن نهاية هذه السيرة نهاية لحلم جميل لا تتسع له احرف فلسطين؛ لكنك قد تجد ضالتك لتعود الى رشدك فيما ذهب اليه محمود درويش في قصيدته "لا شيء يعجبني" عندما قال: "يقول مسافرٌ في الباصِ .. لا شيءَ يُعْجبُني لا الراديو ولا صُحُفُ الصباح ، و لا القلاعُ على التلال. أُريد أن أبكي يقول السائقُ: انتظرِ الوصولَ إلى المحطَّةِ، وابْكِ وحدك ما استطعتَ تقول سيّدةٌ: أَنا أَيضاً. أنا لا شيءَ يُعْجبُني. دَلَلْتُ اُبني على قبري، فأعْجَبَهُ ونامَ’ ولم يُوَدِّعْني يقول الجامعيُّ: ولا أَنا، لا شيءَ يعجبني. دَرَسْتُ الأركيولوجيا دون أَن أَجِدَ الهُوِيَّةَ في الحجارة. هل أنا حقاً أَنا؟ ويقول جنديٌّ: أَنا أَيضاً.

أَنا لا شيءَ يُعْجبُني . أُحاصِرُ دائماً شَبَحاً يُحاصِرُني يقولُ السائقُ العصبيُّ: ها نحن اقتربنا من محطتنا الأخيرة’ فاستعدوا للنزول… فيصرخون: نريدُ ما بَعْدَ المحطَّةِ’ .. فانطلق! أمَّا أنا فأقولُ: أنْزِلْني هنا . أنا مثلهم لا شيء يعجبني؛ ولكني تعبتُ من السِّفَرْ.

انتهى..2-2

2018-12-01