الأربعاء 4/11/1444 هـ الموافق 24/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الخطاب اليميني والأمني يهيمنان على الإنتخابات الإسرائيلية ...مصطفى ابراهيم

تعتبر الإنتخابات الإسرائيلية الحالية ذات أهمية كبيرة وسيكون لها تأثير على مستقبل المشروع الصهيوني ومستقبل القضية الفلسطينية أيضاً، في ظل هيمنة اليمين وتفرده في الحكم منذ أكثر من عقد ونصف من الزمن، ويرسخ أفكاره الإيديولوجية الصهيونية الاستيطانية.

تأتي الانتخابات في سياق سياسي وتاريخي تمر به إسرائيل وتعزيز مشروعها الاستيطاني الاستعماري وهيمنة اليمين والانزياح المستمر تجاه التطرف ضد الفلسطينيين وانكار وجودهم، وما يمر به المشروع الوطني الفلسطيني من تداعيات خطيرة على مستقبل القضية الفلسطينية التي تمر بلحظة تاريخية فارقة، واستمرار الانقسام وتداعياته.

وما تشهده الساحة الفلسطينية من تفكك وتدهور في العلاقات الوطنية، والخطر القائم المتمثل بصفقة القرن. الفلسطينيون منشغلون بصراعاتهم وانقسامهم الداخلي، وغابوا عن الفعل النضالي الحقيقي في مواجهة دولة الاحتلال، وسياساتها ولم يستطيعوا اثبات وجودهم كحركة تحرر وطني، ومستمرون في تعزيز وتعميق الانقسام والفصل في ما تبقى من وطن.

من الواضح ان الخطاب المهيمن في الانتخابات هو الخطاب الامني والعسكري واليميني الأكثر تشدداً، في غياب واضح للقضية الفلسطينية، وكأنها خارج السياق الاسرائيلي، وتتسابق جميع الاحزاب سواء اليمينية او يمين الوسط او ما يسمى يسار الوسط، وجميعهم يتجهوا نحو الخطاب الامني والتماهي مع الخطاب اليمني من غالبية الاطراف السياسية الصهيونية. وفي ظل تراجع وتدهور شعبية وحضور حزب العمل الذي اعتبر في السابق الحزب الحاكم، وسيطر على المشهد السياسي الإسرائيلي لسنوات طويلة، وحل محله منذ عقد من الزمن حزب الليكود الذي تحول الى حزب السلطة الحاكم والمهيمن على المشهد السياسي الإسرائيلي. ولم تستطع أي من الاحزاب والشخصيات السياسية الاخرى اصحاب التوجهات العلمانية الديمقراطية والاجتماعية مثل حزب يوجد مستقبل بزعامة يائير لبيد، وكذلك موشي كحلون وغيرهم الذين يتماهوا مع الخطاب الأمني ومجاراة الخطاب الامني العسكري المهيمن الذي بدأ خلال التصعيد الاخير على قطاع غزة، ولا يزال يهيمن في المشهد الانتخابي الإسرائيلي. ومحاولات جميع الاحزاب استقطاب جنرالات الجيش لأحزابهم خاصة بعد تشكيل حزب ما يسمى بـ"مناعة إسرائيل"، الذي يرأسه قائد الأركان الإسرائيلي الأسبق، بيني غانتس والذي يصنف على انه من مرشحي يسار الوسط، وترشحه للانتخابات وأطلق معركته الإنتخابية بعرض اشرطة فيديو تتضمن صور الدمار والقتل والخراب، وفي شريط عنونه، أجزاء من غزة تعود للعصري الحجري، وأثر الخراب الذي أحدثه القصف الإسرائيلي خلال عدوان "الجرف الصامد". ونشر فيديو آخر اثناء توليه رئاسة اركان الجيش، يدعي ويتفاخر بانه المسؤول عن اغتيال نائب قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام، أحمد الجعبري.

الفيديو يظهر التفجير الذي استهدف الجعبري، تحت عنوان "فقط القوي ينتصر"، رئيس أركان حماس" عندما شعر الجعبري بالأمان كان غانتس يفكر بشكل مختلف".

وأظهر أحد المقاطع لحظة قصف السيارة الخاصة التي استقلها الجعبري، وأدت لاغتياله في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012. وعلى الرغم من أن نتنياهو يدرك ان معركته ليست مع الاحزاب الاخرى من خارج معسكر اليمين وان معركته هي في تعزيز قوة الليكود، وقيادته لمعسكر اليمين وبقاؤه قوة مهيمنة ضمن كتلة يمينية مهيمنة، ويدرك ايضا تأثير الجنرالات وقوة غانتس الانتخابية، الا انه خلال العشر سنوات الماضية من حكمه، وعلى الرغم من انه يتفاخر بانه ضابط في وحدة هيئة الاركان. غير أنه استطاع تحييد الجنرالات عن الساحة السياسية، وانهاء عهدهم، حتى انه اقال وزير الأمن السابق الجنرال موشي بوجي ياعلون، واستبدله بـ أفيغدور ليبرمان الذي استقال أيضاً من منصبه، إلا ان نتنياهو استغل الاستقالة افضل استغلال، وتمكن من إظهار نفسه كسيد الأمن الاول في إسرائيل من خلال الخطاب الامني والعسكري واليميني. وجاء تعيين الجنرال أفيف كوخافي رئيسا جديدا لهيئة أركان الجيش الاسرائيلي بعد فترة من التصعيد مع قطاع غزة ولبنان بعد اكتشاف الانفاق، ليضفي أهمية على مشهد الانتخابات الاسرائيلية، وأبدى نتنياهو أهمية كبيرة بصفته وزيرًا للأمن وحرص على المشاركة في حفل مراسم تنصيب كوخافي خلفا لغادي آيزنكوت. نتنياهو استغل الظهور الاعلامي في مراسم تعيين كوخافي، وكأنه يتباهى به مقابل جنرالات الاحتياط الذين سيخوضوا الانتخابات، مثل بيني غانتس وموشي يعالون ويوآف غالانت الذي انضم لليكود، وربما غابي أشكنازي وإيهود براك من وراء الكواليس.

2019-01-29