سرى الدّفء بشراييني،كأنّ يدك تضخّه في يدي، تشكرك يدي لبرهة مهما طالت أو قصرت، كانت استراحة محارب، فيء الزّيتون جاهز دومًا لك، عشق الزّيتون بديهيّ لأنّه رمز من بلادي.. تعالي أيّتها الغائبة ولو طيفاً في كلّ صباح، ستكون لمساتك الحنون من تعقد ربطة عنقي، لكن من سيسرق القبلة أوّلاً؟
لباسك أعجبني، خشيت على المرمر من عيون المختلس، عيونك تسرق من المرمر قبس الشّمس لتوقد جذوة نارها فتضيء، ويسرق القمر بدوره انعكاسه منك، لينير ليلة مدلهمّة، فيترنّم بنوره الوارف العشّاق ويقولون: ما أجمل القمر.. فيصمت القمر ولا يقول أنّه انعكاس لنور مرمر.
قلبي جزء منّي ومع هذا أغار، المشاعر باختلافها لا نقرّرها، لا نصنعها، هي تأتي لوحدها خارج ذواتنا، ألا تغار الأمّ أحيانًا من ابنتها، هي جزء منها ومع هذا تغار.
الخامسة تماما لن أتأخر.. سآتيك بربطة عنق محلولة، هذه تفاصيلي الصغيرة، فأنا..أوراق سنديانة، ألست سنديانة كما قلت لي، وهل من سنديانة بلا أوراق؟ لن أخشى شيئًا طالما أنت أنا، فكيف تخشى السنديانة إن توحدت بجذور زنبقة برية، سآتيك يوماً ففي مواسم الجفاف تحتاج جذوري لترتوي من روحك، عندها سأكون عطاء محيط، شلال حنان، فأبجدية الحب لا تنقرض، إنها تعابير روحنا عن الجمال، لا أستطيع أن أكون، حوتاً صغيراً في محيط ربما، لكنه محاط بزنبقة برية، تهمسين أني أذهلك، فكيف بمن أحلتِه إلى مزقٍ، ربما الليلة تجدينني تفاصيل صغيرة إن تذكرتني قبل أن تنامي.
الخامسة تمامًا- سأنتظرك تحت ظلال زيزفونة، لملمي أوراقك المبعثرة، لا تتعجّلي فأنا لا أملّ الانتظار، أراك تفتحين حقيبتك الصّغيرة، تلقين نظرة على المرآة، تتناولين أحمر الشّفاه، يلامس ثغرك بحنوّ وحبّ، تُرى هل الشّفاه الكرزيّة تحتاج أحمر شفاه؟
ربطة عنقي محلولة ومتدلّية على الكتفين، البعض ينظر مستغربًا ويهز برأسه ويمضي، البعض يقول إنّها بعض من حرارة صيف، أنا وحدي أعرف لماذا، ستعقدينها بأناملك النّاعمة، ربمّا أحدنا سيسرق قبلة من الآخر، عندها سأحنو بكفّي على كفّك، دعي يدي تضمّ خصرك النّحيل، لنجلس تحت زيتونة يضمّنا ظلّها، بعيدة عن كلّ رقابة.. لا تقلقي فلن يرى أحد ما كشفه رداؤك من مرمر، نسجت لك من أزهار وورود شالاً يحميه، دعي عصفورة الصّباح تقودنا، الخامسة الآن فلا تتأخّري.
لماذا لم أعقد ربطة عنقي؟
أنسيتِ أم تتناسين، ستربطينها أنت الآن، لا تسرقي القبلة في الشّارع العام،.. نعم سرقتها أنا، قبلة حلوة وسريعة لها طعم كرز أحمر، ألم أقل لك من سيسرق القبلة قبل الآخر؟ أطمع بسرقة قُبلة أخرى منك، أبتسم.. تشتكين من أنّني سأسرق قبلة أخرى؟ لا تخافي هاتي يدك لأحضنها، قبلة أخرى سريعة.. يا سيّدة القبل.. أنت معي صباح مساء.
"جيّوس 15/7/1995"