الأربعاء 8/10/1445 هـ الموافق 17/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
تتحدث فتاة النابالم فترد عليها المرأة الفلسطينية....شوقية عروق منصور

كبرت الطفلة  الفيتنامية "  كيم فوك "    وأصبحت امرأة  في الخامسة والخمسين ، ولكن الصورة بقيت تهز ضمير العالم ، صورة سقطت من بناية العنجهية البشرية  القتالية إلى أرض القتال والحروب  ، فجاءت  صورة الطفلة " كيم فوك "  مهرولة حين كانت في التاسعة من عمرها ، وووجدت نفسها ضحية لقنابل النابالم التي القيت على قريتها عام 1972 من طائرة فيتنامية جنوبية لاعتقادها أن سكان القرية يأوون قوات تابعة لفيتنام الشمالية .

حازت صورة الفتاة  " كيم فوك " وهي تركض هاربة ، عارية ، باكية ،  تعاني من  وجع الاحتراق ، على بكاء وشفقة وتضامن  الملايين  من البشر ، والصحفي " نيك أوت "  الذي التقط الصورة حصل على جائزة " بوليتزر " عام 1973 وهي أعلى جائزة لأفضل صورة .

 الفتاة الفيتنامية التي كبرت تحتفل   هذه الأيام بهذه الصورة وقد دعيت إلى ندوات ومحافل دولية للتحدث عن هذا الحدث الصعب الذي مرت به ، وعن مساعدة الصحفي الذي نشر صورتها وأيضاً ساعدها في الوصول إلى المستشفى للعلاج .

جميل أن يتضامن العالم ويبكي ويقف ضد الحروب ويحتفل بالذكريات المؤلمة حتى تكون عبرة ودروساً للبشرية ، ولكن الاحتفال بهذه الصورة الفيتنامية جعلتني أغار وأحسد تلك اللحظة التي سجلتها الكاميرا ، بينما عندنا مئات الشهداء ،  نساء وأطفال ورجال وشباب ،  قام الاحتلال بقتلهم وسحلهم والتخلص منهم بسياسة الاغتيالات  أو القنص لكن للأسف  كانوا بعيدين على الكاميرات ونذكر  رئيس الوزراء السابق " شامير "  حين قال " اقتلوا الفلسطينيين بعيداً عن الكاميرات " .

في عام 1967   - قبلها وبعدها -  كم من القنابل أطلقتها إسرائيل على المدن المصرية ، كلنا نذكر مدرسة " بحر البقر " المصرية حين استشهد طلاب المدرسة .

خلال لقائي مع الفنانة " نادية لطفي " جاءت بكيس كبير جداً وعندما أفرغته اكتشفت مئات الصور لأطفال فلسطينيين   قتلوا  أو أصيبت أجسادهم  البريئة بتشوهات وذلك أثناء حصار بيروت  عام 1982 ،  فقد كانت الفنانة نادية لطفي شاهدة عيان من قلب الحصار ، وكانت حاملة  الكاميرا وتقوم بالتصوير، وقد أكدت لي أنها تريد تقديم الصور لجهة تستغلها وتنشرها ولكن لا أحد تقدم وماتت نادية لطفي ولا أعرف ماذا حصل لتلك الصور .

في احتفال الطفلة الفيتنامية  " كيم فوك "  تذكرت الكثير من النساء الفلسطينيات اللواتي لا أحد يتذكرهن رغم استشهادهن ، تذكرت المقاتلة " حلوة زيدان " ابنة دير ياسين حين دافعت مع الرجال في 9 نيسان عام 1948 عن قريتها " دير ياسين " بعد أن  اقتحمت العصابات الصهيونية القرية وأمطرت القرية بالقنابل والرصاص وفجرت البيوت وارتكبت أفظع الجرائم ، فاستشهد زوجها  محمد الحاج عايش ،  فأخذ أبنه البندقية فدافع حتى قُتل فقامت الوالدة " حلوة "  وحملت البندقية وقتلت 6 أفراد من العصابات وبقيت تقاتل حتى استشهدت - لا أحد يذكر هذه المرأة - .

 الأرشيف متخم  بالأسماء الفلسطينية والعربية التي كانت لحظة مقتلها أو معاناتها  أصعب من معاناة  " المرأة الفيتنامية "  ومن هنا دعوة لفتح البومات الصور .. ليعرفوا أننا نملك مئات الأسماء النسائية التي احترقت وقتلت وعانت وسجنت ، وقصة الأسيرة " اسراء الجعابيص من جبل المكبر - القدس " التي تعاني يومياً وكل لحظة من  الحروق في جسدها ، وتحولت من امرأة  جميلة إلى كتلة من الجلد الذائب المشوه ، وأصبحت " موناليزا فلسطين " أكبر حكاية من حكايات الاحتلال بألف ليلة وليلة .

2022-06-22