الخميس 13/10/1444 هـ الموافق 04/05/2023 م الساعه (القدس) (غرينتش)
الرئيس وخطاب عدم نسيان القضية...ناجى شراب

  يتزامن خطاب الرئيس هذه المرة مع الدورة السابعة والسبعون للجمعية العامة في سياقات سياسية غير إستثنائية تواجه مستقبل الأمم المتحده وإستمراريتها والتي تعقد من 13 إلى 21 من هذا الشهر، وهى سياقات وتحديات ملحة قد لا تكون للقضية الفلسطينية أولوية فيها ، فلم تعد القضية الفلسطينية تشكل تهديدا للأمن العالمى او حتى مستقبل الأمم المتحده. فمقاربة الأمم المتحدة من القضية هو التذكير وتكرار لقررات تم تبنيها قبل ذلك، فالحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها الكونية وألأوروبية وما يصاحبها من حرب الطاقة والغاز ، ولعلها الحرب الأولى التي تكون فيها أوروبا الطرف المباشر وألأكثر تضررا، إلى جانب الصراع على تايوان بين الولايات المتحدة والصين. وقضايا المناخ والطاقة النظيفة ولا ننسي الإتفاق النووي الإيراني وتعثر المفاوضات كلها قضايا نلحة للنقاش. فقادة الدول يأتون إلى الأمم المتحده محملون بقضاياهم وهمومهم لعل أحد يسمع ما يقولون. فالأمم المتحده وكما أشار إليها كوفى عنان الذى شغل منصب ألأمين العام للأمم المتحده من 1997 إلى 2006 تحكمها إرادات الدول وخصوصا الدول الكبرى التي تتصارع اليوم على تحولات القوى العالمية ،فأى قضية أهميتها وأولويتها بقدر تأثيرها في عملية التحول في بنية القوة الكونية ، وهنا التساؤل عن مكانة ودور القضية الفلسطينية التى تراجعت كثيرا في أولويات الاهتمام العالمى ، والمطلوب فقط الحفاظ على الهدوء فلسطينيا وعدم تطور العنف والمواجهات. هذا هو المطلوب من الرئيس محمود عباس ، والمساعدات الاقتصادية تقدم دعما للسلطة وليس دعما لمفاوضات أو تسوية ، فالولايات المتحده منشغلة بإنتخابات الكونجرس النصفية وإسرائيل منشغلة بإنتخاباتها البرلمانية . في هذا الأجواء تاتى زيارة الرئيس عباس والخطاب الذى سيلقيه.

وهنا دعونى أذكر بالخطاب الذى ألقاء الرئيس في الدورة السادسة والسبعون وما هو مصيره ومصير الإنذار الذى أعلن عنه أمام الجمعية العامة .

ماذا سيقول الرئيس ؟ وهل سيقدم إنذارا جديدا ليتحمل العالم مسؤولياته أمام إحتمالات إنتفاضة ثالثة قد تذهب تداعياتها لكل المنطقة ؟ وهل سيطالب الرئيس الجمعية العامة برفع حالة الدولة الفلسطينية من دولة مراقب إلى دولة كاملة تحت الاحتلال. وهو ما يعنى الدعوة لعقد جلسة طارئة للجمعية العامة تحت ما يعرف بقانون الإتحاد من أجل السلام، وإقراره يتطلب موافقة ثلثى أعضاء الجمعية للتغلب على الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن والذى يقف في وجه قبول هذه الدولة .

وهل تملك الجمعية العامة السلطات والصلاحيات لإنهاء الاحتلال وإلزام إسرائيل بوقف إستيطانها وتهويدها والسماح بقيام الدولة الفلسطينية ، فالجمعية العامة ليست أكثر من منتدى دولى يجتمع كل عام من هذا الوقت، اما الصلاحيات والسلطات فهى لمجلس الأمن الذى بموجب الفصل السادس والسابع يمكن أن يلزم إسرائيل، كيف ذلك والولايات المتحدة إستخدمت الفيتو ثلاثة وأربعين مره لتحمى إسرائيل من أي عقوبات ، ويحول دون ممارسة الشعب الفسطينيى لحقه في تقرير مصيره.يأتى الرئيس لألقاء خطابه بعد الحرب الأخيرة على غزة والتي سيذكر بها، ويأتي وحالة الإنقسام الفلسطينية متجذرة والسلطة في أضعف حالاتها. ففي خطابه السابق والذى لم يستغرق أكثر من عشرة دقائق تحدث فيه الرئيس عن الاحتلال والإستيطان وتالتهويد والحصار والحرب والإقتحامات التى تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينيى . وفى ذلك الخطاب هدد الرئيس ولأول مرة بالتحلل من كل الإتفاقات الموقعة مع إسرائيل إذا لم تنسحب خلال سنة . وها هو الرئيس يأتي والإحتلال يزداد ضراوة وعنفا والإستيطان يلتهم ما تبقى من ألآراضى الفلسطينية كالوحش الجائع الذى يلتهم كل شيء في طريقه، وبعد حرب دامت لأسبوع في غزة راح ضحيتها أكثر من أربعين مدنيا من بينهم 11 طفلا . وما زالت الإتفاقات قائمة ، بل أن الدول المعنية كالولايات المتحدة وأوروبا تماس ضغوطا على الرئيس لوقف العنف وإحتوائه ومزيد من التنسيق الأمني مع إسرائيل. والسؤال ثانية من المستهدف من خطاب الرئيس أولا ، المستهدف هو شعبه فعليه أن يحمل رسالة هذا الشعب في كل المعاناة ، والمستهدف ثانية إسرائيل بتحميلها مسؤوليتها كسلطة احتلال ، وثالثا الولايات المتحده وأوروبا وقبلهم الدول العربية ومسؤوليتها في تنفيذ المبادرة العربية التي لم يبقى منها ألا الحبر الذى كتبت به. واخيرا الأمم المتحده نفسها وتذكيرها بقرارتها التي لم ينفذ منها قرارا واحدا. وكل هذه الأطراف ستسمع للرئيس بأذن واحده.الخطاب هذه المرة وكما أشرنا ياتى في ظل ظروف إستثنائيه فلسطينية وهى تصاعد عمليات العنف المتبادل وأن الشعب الفلسطينيى متجه نحو إنتفاضتة الثالثة التي تدعمها السلطة ، وانه في حال إندلاعها فإن أمن المنطقة كلها سيتعرض لمزيد من التهديد. هذا الخطاب قد لا يحدث ان يتكرر ثانية , وهو خطاب الفرصة الأخيرة لإعلان قيام الدولة الفلسطينية من منصة الجمعية العامة إستناا للقرار الأممى 181 الذى أقر قيام الدولة العربية على مساحة 44 في المائة والمطلوب اليوم دولة فلسطينية على مايقارب العشرين في المائة وهو ما يعنى تنازلا كبيرا من اجل السلام وأن يكون خطابا فيه إعلان صريح بإلغاء إتفاقات أوسلو والدعوة لإتفاق جديد على أساس الدولة الفلسطينية مفاوضات دولة لدولة ، وأخيرا رسالة ان لا سلام عربى بدون السلام الفلسطينى , دقائق قصيرة لا تتعدى العشر دقائق لكنها ستكون حاسمه في حياة الرئيس أولا والقضية الفلسطينية و العالم لا يحتاج كلام ، يحتاج إلى فعل وقرار وقوة وليذكر العالم بكلمة الرئيس قعرفات أمام الجمعية ذاتها لا تسقطوا غصن الزيتون من يدى..

دكتور ناجى صادق شراب [email protected]

2022-09-18