الجمعة 17/10/1445 هـ الموافق 26/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
بريق الجزيرة وما خلفه/ بقلم – أميمه سليمان العبادلة
بريق الجزيرة وما خلفه/ بقلم – أميمه سليمان العبادلة

نقل الخبر منقوصاً، أو صناعة الخبر كما يريدوننا أن نصنعه، أو فبركة الخبر ليكون طُعماً سائغاً لنيل صيد وربح مادي سمين.. كل هذا رغم ضلاله وتضليله، لا يهم.. أعني في هذه اللحظة، لا يهم..

ما يدور في رأسي، الآن، ويشغلني سؤال واحد فقط:
إن كانت التحليلات صادقة كما يراها بعض لا بأس بعددهم.. فما النفع الحقيقي الذي يعود على فضائية الجزيرة من افتعال الأزمات هنا وهناك..؟!! وهل من الممكن أن يجلب الصيد في الماء العكر صيداً سميناً ذو قيمة..؟!!

وبعد أن أسقطت ما أسقطته من ظلم وحكومات، فهل في المقابل تسببت فعلاً في إشعال مصابيح عدل، وبناء جميل حضارات..؟!!

ومن عساه سيكون المسئول عن تقييم وقياس مدى نجاح أو فشل عملية الاخصاب الحكومية والسلطوية الجديدة على يد مشرط فضائية الجزيرة..؟!! هل هي الجزيرة نفسها..؟!! أم متابعوها المنهكون الذين اعتادوا أن يلتقموا الخبر ولو كان سماً بملعقتها الذهبية..؟!!

لتلة الذهب في عيون الفقراء بريق يعمي الأبصار ولو كان خلف التلة حزام ناسف ومدفع وألف قنبلة..

لم أُكَوِّنْ رأياً كاملاً عنها بعد.. ولن أناقش شمائلها التي يعرفها مريدوها، ومن تتلاقى مصالحهم مع أخبارها.. لكن سأحاول نبش سلبياتها التي يقف عليها المعارضون، وهذا من صميم شعارها الرأي والرأي الآخر، والذي برز اسمها على أساسه..

شريحة لا بأس بها ترى أنها هذه القطرية تستميت في تأجيج الصراع وتأليب الرأي العام..  بالمناسبة إنها، فعلاً، لا تفعل ذلك مع أي دولة غير شرق أوسطية، رغم أن لها بثاً أجنبياً ونفوذاً لا بأس به حول العالم.. كما أنها تُغفل الطرف عن كثير مما يحدث في المنطقة العربية كمظاهرات البحرين مثلاً وغيرها.. وهذا ما يثبت في النفس شكوكها حول سلوكها..

إنها لا تقسم التغطية بالتساوي مع كل المناطق والأقاليم.. رغم أن البلدان في غالبها مضطربة، وإن كان للاضطراب درجات متفاوتة لكنه تفاوت منطقي لا يتناسب لا طرداً ولا عكساً مع تباين الجزيرة في الرؤية وانعكاسها..

لنفصل الأمر على مهل، وخطوة خطوة.. قناة الجزيرة القطرية ليست ولن تكون ملاكاً منزلاً من سماء سابعة.. ومحرروها ومقدمو الأخبار فيها، رغم تميزهم، ما هم إلا بشر خطاءون ينطقون عن الهوى.. وحيث أن كل الإعلام الأجنبي قبل العربي مملوكٌ لجهات بعينها تحكمها لغة الـ "بزنس" والمصالح، فلا استثناء للجزيرة عن باقي القائمة..

نجاح الجزيرة نابع من كونها ماهرة في اللعب على أوتار حساسة جداً لتدوزن مزاج المشاهد العربي على لحن يحقق أهداف أصحابها.. وأصحابها ليسو الخضر عليه السلام ولا عيسى ابن مريم، بل هم شيوخ قطر..

وقطر الآن، وبشكل لافت، تستميل وتساند الإسلاميين على حساب الليبراليين في الشرق الأوسط، رغم أنها ليبرالية متأسلمة بـ "الشماغ" و"الدشداشة" فقط.. وهي أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة العربية.. وأول من وافق وشارك في التطبيع التجاري مع عدو العالم الأول "إسرائيل".. إذا أغبياء هُم العربان إن توسموا في صديق العدو صديقاً صدوقاً محتملاً..

قصة قطر برؤية نصف واضحة تشبه قصة تلك الخائبة التي أثمت بارتكاب الخطيئة مع ذئب ظنته يحبها، فقررت أن تنشر إثم الخطيئة في محيطها لتخفف من شعورها بالذنب.. فالمفهوم الانقلابي في تاريخنا الحديث ظهر بانقلاب سِلمِي للشيخ حمد على والده خلال سفره.. وقطر الآن كما يراها الكثيرون تُصَدِّر هذا الفكر الانقلابي في المنطقة..

أما النصف الثاني للرؤية سيكون إن علمنا أن أصل الذئب في الرواية كان شيطاناً مُختلاً، هدفه إغواء الخلق للسيطرة عليهم.. وبذلك تكون قطر دمية كباقي الدمى أو لعلها سيدة الدمى.. وبالتالي فإن الجزيرة أداة في يد غرب أحكم السيطرة علينا بالفعل.. ولا مجال لمحاورة الذئب أو الاستماع لشكواه فذئب من يحاور الذئب لا محالة..

إن صافحني الذئب يا ليلى وابتسم، فهل لي أن آخذه بالأحضان وآمن جانبه..؟!!

ما أتمناه فقط أن لا تحول الجزيرة بالبارانويا التي أصابتها ربيعنا العربي لـمسخ كـ كمسخ فرانكشتاين، الذي عاث في الأرض فساداً وتسبب في موت صاحبه في النهاية..