الخميس 9/10/1445 هـ الموافق 18/04/2024 م الساعه (القدس) (غرينتش)
فضاءات في خاطرة الناقد الادبي احمد دحبور/ بهجت مناصرة
فضاءات في خاطرة الناقد الادبي احمد دحبور/ بهجت مناصرة

اضرمت الكاهنة النيران فالتهمت السنتها الأخضر واليابس  وقف موسى بن نصير الكنعاني والقى بعصاته فانشق بحر الظلمات ضحكت بابل واعتذرت عن تسويد النص انتفض بعل واكمل  القراءة فضحك الجمهور بعد ضحكة عشتار بنشوة النصر  حين بكى ابن الاحمر على حكمة لابن طفيل وابن عربي وهما يرسما صلبانهما المعكوفان على نهدي روما .
                    احمد دحبور


       الاستاذ احمد دحبور   كتب هذه الخاطرة  شديدة التكثيف والقى بها  في ساحات نواظرنا  وانصرف تاركا لنا الحرية   في قراءة النص  وتفكيك لا اقول جمله بل كلماته  فكل كلمة يجب تفكيكها حرفا حرفا  وتقليب ونقل الحروف من هنا الى هناك علنا نجد ضالتنا تحت هذا الحرف او ذاك  في نص  حمل اقصى ما يمكن من درجات التكثيف  والجمال في الرمزية  والايحاء ,.. احمد سكب لنا  كأسا من خليط , في شكله مزيج من الفواكه اللذيذة  تبدو حلوة المذاق ...  وعند الاحتساء يدرك  المتذوق  انه يتجرع خليط من الاعشاب المرة التي  تكدس بها مرار  التاريخ العابر   وجراح الحاضر المتفاعلة   ولوعة الاشتياق  لمستقبل  اطال الغياب   قد يحمل شيء من الحلم .. الاستاذ احمد وبحكم  معرفتنا به عن قرب  فاننا نعتقد ونكاد ان نجزم انه نسج هذه الحروف وهو  متخم بالالم .. مشوق لارض الوطن  بشقيه الارض والام .. كان لحظتها مشتعل الاحاسيس  باختلافها واجتمع الاحباط والامل  معا في نصه المكثف ..  استخدم الجانب الديني والاسطوري والتاريخي والسياسي  والجغرافيا  وصراعات السلطة  والقومية  واستخدم الاسلوب السينامائي في تقديم مشهد عن مشاهد اخرى فمثلا تقديم الجملة الاولى على الجملة الثانية  لا اعتقد انه يقصد الزيادة في التعقيد او معاكسة التسلسل التاريخي  (فوقفة موسى بن نصير  بين جسد ورأس  الزعيم البربري  كانت قبل ان تضرم الكاهنة البربرية النيران  كردة فعل على مقتل  رمزهم   ) .. فتبديل مكان هذه الجملة  يوحي بان الاضرام  والنيران واحتراق الاشياء كان قديما جدا وما زال  متواجدا  الان فهو حاصل ومتفاعل في هذه اللحظة وبالامس وقبل عام وفي القرن الماضي وعد الى ما شئت من الازمان .. كذلك الكاهنة البربرية  كانت  متواجدة قبل ان تولد وما زالت حية  تطلق ألسنة اللهب ولكنها بمسميات اخرى .. البسوس  .. الردة ..القصاص من قتلة عثمان ..القبلية .. منجنيق الكعبة .. الحملات الاستعمارية  .. سايس بيكو.. وعد بلفور ..برطانيا وفرنسا... العدوان الثلاثي ...اسرائيل ...امريكا...  حالة ليبيا  ... تدمير سوريا ....الخ .
(وقف موسى بن نصير ذلك الكنعاني والقى بعصاته فانشق بحر الظلمات)
وقف... الوقفات كثيرة التي اخذت ذرائع  لتشتعل النيران ..فعدى عن وقفة ابن نصير على جثة زعيم البربر فتذرعت كاهنة البربر  لتحرق كل الاشياء, وقف جساس على  عنق كليب .. فكانت حرب البسوس  وقف معاوية لحكم علي فكانت المعركة الطاحنة .. وقف ناصر على قناة السويس  .. وقف العراق في الكويت ..وقف عرفات مع صدام ... وقف اسامه على دمار البرجين ...الى هذا الحد من النص  كم هي المسرحيات والافلام السينامائة  التي سيخرج بها اهل الفن ؟
الاشارة والتاكيد على كنعانية  ابن نصير  تلمح انه سليل الارض التي عاش عليها موسى عليه السلام  وتوظيف القى العصا وكأن  عصا موسى عليه السلام قد دفنت في سفح جبل من جبال الخليل ليجدها ابن نصير وهو يرعى مع ناقته  هناك   ويدخرها لضرب المحيط في الغرب ويبدد الظلمات  ويشعل  منارات النصر التي سخرت منها قبلية بابل العباسية ..وكذلك ضحكت بابل  في طريقها الي الكويت واعتذرت عن  اولوية تسويد نص القضية الفلسطينية ..
انتفض بعل واكمل القراءة فضحك الجمهور بعد ضحكة عشتار بنشوة النصر..هذه الجملة تذكر  بالاعلان عن اتفاقية اوسلو وقراءة بنودها  وانتشاء اسرائل   وضحك الجمهور ..فكان من المضحك  ان تكون ثمرة انتفاضة اطفال الحجارة  المباركة اتفاقية اعلان مبادئ الى اليوم لم يتفق على تفسير مبادئها..
وفي مشهد اخر للعبارة نرى ان عشتار هي راحيل التي انتصرت على المتأهبين واغوتهم  وضحكت منتشية بنيلها منهم  وضحكوا سكارى  وضحك اهلها فرحا بنصرها
ابن الاحمر  وامثاله من الزعماء سيبكون ويندمون  على اهمالهم للعلماء والفلاسفة   الذين اهتم بعلمهم الاعداء  واستفادوا  من افكارهم واخذوها لهم ونسبوها لانفسهم  الى حد ان دمغوها بصلبان معكوفة على صدورهم


هذه الخاطرة اوحت لنا ان الاستاذ احمد دحبور قد كتب هذه الكلمات  وهو يعتصر ألما من الكم الهائل للصور التي دفقت بها الذاكرة  امام عينيه في لحظة  واحدة  .. وضعت العالم والتاريخ في كفه فانتفض بعل النقد بهذه الكلمات  التي اختزلت الكثير ..ونقف امامها مشدوهين حيارى  نبحث في ثناياها  عن معنى  الحياة ورمزيتها  ونحن ندرك اننا لن نتمكن    من  عمق  العبارات  ..  ولن نوفي هذه العصا السحرية . 
احمد جعل من القاء كلماته كما القاء العصا التي سعت في ارجاء المكان  والتهمت  كل انتباهاتنا وجمدتنا  في زاويةالحقيقة , رافعتا عنقها لتقول انا سيدة المكان ...فانتم واوطانكم  وتاريخكم  وعلمكم .. قادتكم ..تراثكم ..امجادكم وعلمائكم  شعركم وادبكم ...جميعكم وكل ما يتبع لكم هنا في قعر بطني.... تهزنا العبارة  وتمتلئ ذواتنا بصراع الضدين .. الاول يتوق للولوج الى الاعماق ليستطلع الحقائق , والثاني يجهش بالبكاء خوفا من ان تستفرغ عهرنا ... هدكذا فعلت فعلت بنا خاطرة احمد دحبور  وهو الان من الممكن ان يكون قد غط في نومه أو جالس على كرسيه وتضج مسامعه بقرقعة النرجيلة التي يتجلى بسحب انفاسها غير آبه بما كتب وبالردود التي ستاتي,فقد عودنا من ذي قبل ان يقف بانسانيته لاستقبال الكثيرين ليغمرهم  بلطفه  ويذهب دون ان ينتظر رد الجزاء.


كل التقدير والمحبة لك استاذ النقد الادبي
كل الود والحب لك استاذ احمد دحبور
صديقك بهجت مناصرة 10\6\2014